الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

الصادق بنعلال: على هامش كأس العرب.. رسالة الجماهير الرياضية إلى "أصحاب السعادة والمعالي"

الصادق بنعلال: على هامش كأس العرب.. رسالة الجماهير الرياضية إلى "أصحاب السعادة والمعالي" الصادق بنعلال

1- عرفت منافسات كأس العرب للمنتخبات الرديفة نجاحا فاق التوقع، بفضل المجهود الجبار لأهلنا في دولة قطر الشقيقة، الذي تجلى في دقة التنظيم وحسن الضيافة وروعة الملاعب الكروية عالية الجودة، بالإضافة إلى الأداء الفني المعتبر لجل المنتخبات التي شاركت في عرس عربي رفيع، نأمل أن يكرس بشكل دوري ومنتظم في قادم السنوات، لما له من وظيفة هامة في الرفع من المستوى التقني للاعبين العرب وتأهيلهم للمناسبات الرياضية القارية والدولية ذات الثقل الكبير. ونحن إذ نهنئ المنتخب الجزائري على إحرازه الكأس أمام منافسه المنتخب التونسي، فإننا نرفع القبعة لكل المنتخبات الأخرى التي لم يسعفها الحظ أو التجربة للوصول إلى المحطة النهائية من عمر هذه البطولة الواعدة. لقد استمتعنا بحوارات فنية بالغة الروعة وأهداف عالية الجودة، ستظل مرسومة بمداد من ذهب في سجل الرياضة العربية.

 

2- ولا يمكن أن نتحدث عن جمالية هذا اللقاء الرياضي العربي الاستثنائي، دون الإشارة إلى دور الجماهير التي غصت بها جنبات مدرجات الملاعب القطرية الساحرة، وهو الدور الذي تجسد في تشجيع المنتخبات المفضلة في مناخ من الحماس المتحضر والراقي، حيث تمكنت البطولة من جمع شمل الشعوب بدون استثناء في قمة رياضية باذخة، أعطت دروسا نفيسة في الأخوة والمحبة والتسامح لأصحاب "السعادة والفخامة والمعالي" من زعماء الدول العربية، وكأن الجماهير الرياضة العظيمة كانت بصدد رسم لوحة فنية بهية، ترشح بقم داعية إلى التضامن والوحدة وكسر الحدود الاستعمارية الوهمية، وكأن هذه الجماهير كانت تسطر رسالة بمداد العزة غير المحدودة، مفادها: أيها الزعماء "المبجلون" كونوا مثلنا، تخلوا عن نزعة المكائد والضغائن والأحقاد، وساهموا بصدق في غرس بذور الود والتآزر والاصطفاف المشين المعرقل لأي إقلاع نهضوي عربي راجح، وكأن  هذه الجماهير كانت تذكر زعماءنا العرب في كل وقت وحين بمضمون الحديث النبوي الشريف: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب  لنفسه"!

 

3- ولعل أجمل ما تخلل هذه التظاهرة الرياضية البديعة والمؤثرة هو رفع العلم الفلسطيني رفرافا خفاقا في مختلف المقابلات، تعبيرا عن تعلق الشعوب العربية بالقضية الفلسطينية، وبالمناسبة نشيد عاليا بأداء المنتخب الفلسطيني الشقيق الذي لولا سوء الحظ لكان من ضمن المنتخبات التي تمكنت من الوصول إلى اللقاءات النهائية لهذه الكأس، وإذا كان جميلا أن نرى العلم الفلسطيني يحلق في المدرجات و جوانب الملاعب، فالأجمل أن نسرع إلى مد يد العون والمساعدة الملموسة لأهلنا في غزة والضفة في هذه الظرفية بالغة التعقيد سياسيا واقتصاديا ووبائيا. أملنا أن تكون رسالة الجماهير الرياضية قد وصلت إلى من يهمهم الأمر من أصحاب القرار السياسي، فيُقبلوا على طي صفحة الخلافات غير المجدية والصراعات الوهمية، والمسلكيات العدائية التي لا تزيد الأمة العربية إلا تراجعا وتخلفا وتجزيئا!