السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: وزير جاء من المستقبل

ادريس المغلشي: وزير جاء من المستقبل ادريس المغلشي

اسمح لي ايها الوزير الحداثي القادم من المستقبل وأنت تتعالى بخطابك الموجه لمن يعنيه الأمر معتقدا أنك لازلت تتمتع ببكارة سياسية عندما كنت تصول وتجول بخرجاتك الرعناء مستقويا على من سقطوا في المطب دون أن ترحمهم فنراك الآن في حالة مثيرة للشفقة.

 

إن مسارك الأخير منذ بداية الحملة الانتخابية إلى نهاية طريقة استوزارك وأنا أسجل لك سقطات لا أخلاقية عرت واقعك المأزوم. انهيار مفاجئ بعدما كنت تشكل معارضة في زمن ومرحلة طبعها الانحطاط والضعف. ضاربا عرض الحائط برمزية منصبك كأمين عام لحزب جاء بعد ولادة قيصرية مخدومة في ردهات مظلمة بعيدا عن نبض الشارع وفاقدة للشرعية. لا ضير ففي زمن التردي كل شيء ممكن ومتاح. فالمناصب والمكاسب أولى من المبادئ والأخلاق. وبهذه السلوكات الفجة تقدمون أسوأ نموذج للعمل السياسي .

 

سيدي الوزير المحترم،

 دعني ارجع بكم للوراء إلى الماضي القريب رغم أنني أعلم جيدا أنك تكرهه من خلال نعثه بالظلام والرجعية والنكوصية وأنت في الواقع أيها المدعي للتقدمية لا تحمل سوى شعارات تدليسية تثبت هروبك من الحقيقة. هذا الماضي الذي يحمل كثير من الدلالات ويكشف كثير من المطبات. من حسنات  المرحلة أنكم تورطتم في كثير من التصريحات التي تدينكم الآن بعدما انقلبتم عليها دون ذرة خجل أو يرف لكم جفن. لنأخذ أمثلة تدلل على ذلك.

 

ألم تصرحوا وتصرخوا ضد الساعة الإضافية ونعتتم الحكومة السابقة بعدم المسؤولية ومعاكسة طموحات الشعب المغلوب على أمره؟ ما سر صمتكم الآن، أم سحر المناصب فعل فعلته فشوه الصور وأخرس الألسن؟

ألم تقولوا ذات يوم في بداية الحملة أنكم لن تنسقوا مع أمين عام لا تدري هل تخدم معه أم عنده؟ فشاهدنا كيف أصبحتم دون تعديل وبلا مقدمات تدافعون عنه وتجيبون عن سؤال سبب انقلابكم أنها السياسة ونحن نقول إنها النخاسة. كثير من التصريحات التي تدين مواقفكم المتقلبة ومما زاد من وثيرة الإدانة أنكم بررتم هذا التراجع والانقلاب بمنطق الضرورات السياسية. وهو تبرير يزيد من ضحالة تفكيركم وقصر نظركم وسوء تقديركم للفعل السياسي وأثره على الساحة.

 

فأيها الحداثي القادم من تيار اليسار سابقا فالسياسة مواقف وأخلاق. تحركاتكم شوشت على كل الصور التي يحاول بعض شرفاء هذا الوطن إيصالها. كيف سيثق المواطن فيكم بعد هذا التخبط وهذه الرعونة. قبل أن نستقبلكم وأنتم قادمون من المستقبل كما تدعون وهو أمر يبقى في علم الغيب لكن ليس عيبا او مصادرة لحقكم في التفاؤل واستشراف المستقبل. أقول لكم بصراحة رغم أنني لم أصوت مادامت بوادر النتائج ظاهرة لا تخفى على أحد وكما قلت سابقا لم تتوفر بعد الشروط الموضوعية للممارسة السياسية، وبالتالي سيبقى حلمي مؤجلا حتى يتحقق ذاك المستقبل الغامض.

 

دعني أتحدث عن الماضي والحاضر الذي يسائلاك أيها المناضل الذي لا يشق له غبار وقد رفعتم شعارات لم تصمد في أول امتحان بعد التفريط في كل شيء. كيف سنستأمنكم على مستقبلنا وانتم في كل لحظة تتخلون عن تعهداتكم فيما مضى؟ بل الأفظع من كل هذا تطوعكم لتصبحوا ناطقا رسميا بدون مقدمات ولا مناسبات كمدافع عن ولي نعمتكم. لتبرروا زلاته وشطحاته. فتحتم جبهات مع الكل تقربا وتزلفا وبذلك تحرقون كل الأوراق. ما السر في هذا الانقلاب المفاجئ؟ السيد الوزير لم نعد نثق في الكلام والتصريحات مهما نمقتم الكلام لأننا اكتوينا بنار الماضي والحاضر، فكيف تريدنا أن نثق في مستقبل تم توظيف أمثالكم لبنائه؛ لكن بكل أسف شديد بطريقة بليدة ومكشوفة...