الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الوهاب الدبيش: اسي لعمامرة نحن لسنا إخوة ولم نكن قط أصدقاء!!

عبد الوهاب الدبيش: اسي لعمامرة نحن لسنا إخوة ولم نكن قط أصدقاء!! عبد الوهاب الدبيش
السيد وزير خارجية الجزائر ،أنا الآن ابلغ من العمر سبعة وستين عاما، وعشت كطفل حرب الرمال سنة 1963كما عشت كمراهق وشاب توتر العلاقات الثنائية بينكم وبين بلدي المغرب، استمعت كثيرا الى خطاب الراحل الحسن الثاني في قمة منظمة الوحدة الافريقية يوم الاثنين 12 يوليو 1972 ،الذي صرح فيه الراحل بان المغرب طوى نهائيا صفحة الخلافات الحدودية بينه وبين الجزائر الشقيقة ،آنذاك فرحت لأن الحسن الثاني كان يريد ان يبني علاقات جوار تسودها المحبة والإخاء، فالارض المغربية التي اقتطعتها فرنسا من المملكة المغربية منذ 1880والى غاية 1934 تاريخ استيلاء المستعمر الفرنسي على تندوف آه من تندوف، لو تعلم ايها الرجل الذي يصدح صباح مساء برفضه للهيمنة الاستعمارية على منطقة المغرب العربي ماذا تعني تندوف في استراتيجية المستعمر الفرنسي، لحلفت بأغلظ الايمان ان تترجى جارك وما تدعي يانه اخوك وصديقك ان يتسلم منكم تندوف المغربية التي رفض سكانها ان يشاركوا في الاستفتاء الذي حصلت بموجبه بلادكم على الاستقلال حين اراد ديغول ان يجريه استجابة لدعوة من اشتراكيي فرنسا وابرزهم اندري مالرو صاحب الرواية الشهيرة الامل l’espoir الذائعة الصيت!!
اعود لأقول لك وأذكرك والذكرى تنفع المؤمنين بان الحسن الثاني كان يريد ان يطوي صفحة الصحراء الشرقية التي تحتلونها حاليا حتى يضمن مساندتكم في مطالبته اسبانيا باسترجاع ما تسمونه أنتم الصحراء الغربية؛ ولا أخفيك معالي الوزير أنى اسميها الساقية الحمراء موطن اجدادي وعروقي الادريسية؛ حيث أعرف هنالك وليس في شمال المغرب حيث مسقط رأسي بأبناء ادريس أو ولاد ادريس في اشارة الى ادريس الثاني مؤسس فأس وابن اخي سليمان مؤسس تلمسان.
هذا ما اراد الحسن الثاني، لكن ظنه خاب وأصيب معه المغاربة بخيبة أمل كبيرة
في الواقع خيبة الامل اصابتنا نحن المغاربة منذ 1958 ،اي منذ مؤتمر طنجة الذي شاركت فيه جبهة التحرير الجزائرية مع الحزب الدستوري التونسي وحزب الاستقلال المغربي؛ وخيبة الامل كانت حين حضر الراحل عبد الحميد مهري الذي قال بعظمة لسانه في حوار مع الجزيرة ضمن حلقات شاهد على العصر الذي ينظمه الصحفي المتأسلم الإخوانية احمد منصور انكم جئتم الى المغرب وانتم تعلمون ان المغاربة سيطالبون بأراضيهم التي احتلتها فرنسا منذ نهاية القرن التاسع عشر؛ وانكم لزمتم الصمت فقط لأنكم تعتبرون ان ذلك سيجعلكم بدون موارد بعد اكتشاف النفط نهاية الخمسينات!!
في الواقع، انا الوم بلدي ومسؤولي حزب الاستقلال، الذين فرطوا في اراضي مغربية حرة تضامنا مع اناس كانوا يكتمون خيانتهم لهم حتى قبل ان تصبح الجزائر دولة مستقلة سنة1962 .
قد تدعي ايها الوزير الذي يجهل هذا التاريخ، أن حزب الاستقلال تخلف عن اندلاع الثورة سنة 1954وانكم بدأتم شرارتها في فاتح نونبر من نفس السنة؛ وهذا في نظركم كان خيانة لكم.
لا يا سيدي، التأخير الذي طرأ لا علاقة له باتفاق القاهرة بينكم وبين الاحزاب التونسيه والمغربيه، لأن الحزبين المغاربيين كانا قد دخلا في مفاوضات مع فرنسا قبل اتفاق القاهرة؛ أنا الوم حزب الاستقلال ايضا انه لم يتفاوض مع فرنسا لاسترجاع اراضيه كما طالبت فرنسا على الاقل، كنا سنضع حدا فاصلا بيننا وبين ما نعيشه حاليا بسببكم؛
معالي الوزير؛ ازدادت حدة خلافاتنا بعد ان حصلتم على الاستقلال، واندفعتم بشوق الى احضان فكر عبد الناصر الذي كان يرغب في الاطاحة بالملكيات العربية لتأسيس جمهورية افلاطونية يحلم بها تكون عاصمتها القاهرة، وأشعل فيكم نغمة الانتقام من الجار الغربي لأنه ملكية "متخلفة "وهو الثوري الذي سيغير وجه العالم الى ما هو أفضل !! والحقيقة انه سعى الى تفكيك اواصر المحبة بين الشعبين لجرهما الى الحرب ونجح في مسعاه بل نجح ايضا في اتهام المغرب بانه كان السبب في اعتقال الحكومة المؤقتة من قبل المخابرات الفرنسية مباشرة بعد إقلاع الطائرة التي تقلهم من الرباط نحو تونس سنة .1956
وقد استمعنا بعد أكثر من خمسة وخمسين سنة الى شهادات حسين ايت احمد وبوضياف رحمهما الله ببراءة الحسن الثاني من اتهامات رخيصة مثلما ادعيتمونه في تصريحاتكم.
حرب الرمال يا سيدي لسنا من بدأها؛ بل ان الجزائر هي من بدأتها بإيعاز من عبد الناصر الذي لم يحقق اي نصر لا في اليمن ولا في سوريا بعد وحدته معها ولا في السودان التي اصبحت مستقلة في عهده ولا في حرب 1967التي مرغت وجهه في التراب ولا في اي شيء!! بل يمكن ان اقول انه استغل طيبوبة الشعب الجزائري وحاجته لمدرسين ليبعث لكم بكل حرفييه يدرسونكم الرياضيات والعربية والتاريخ والجغرافيا والدين وبسبب هذه الفئات الـ"تعليمية "وصلتم الى الحضيض، واحصائياتكم في الثمانينات شاهدة على ما ادعي؛
سيدي الوزير لم تكتفوا بهذا بل تابعتم مسيرتكم العدوانية بعد الطفرة النفطية التي حدثت في العالم بعد حرب اكتوبر التي "انتصر" فيها العرب؛ والنصر هنا يا معالي الوزير كان مرغوبا ومطلوبا ممن اراد لكم النصر.
ولكي تتأكد وأنت الدبلوماسي الذي يحسن نشر الفتنة ولا يستطيع اخمادها؛ جاء في تصريحات كيسنجر لمصر التي دفعها الغرب لحرب اكتوبر دفعا،
هذه الطفرة النفطية دفعتكم الى اختلاق ازمة مع المملكة المغربية في مؤتمر وزراء الخارجية العرب بالقاهرة؛ وهو المؤتمر الذي وقع فيه شنآن بين الراحلين مولاي احمد العراقي وبين وزيركم في الخارجية انذاك المرحوم بوتفليقة؛ كان المفروض فيكم في هذا المؤتمر ان تتضامنوا مع المملكة عوض الوقوف في وجهها، والنقاش كان حول توزيع الهبات من قبل الدول النفطية على غير المنتجة من البلدان العربية، وللتاريخ فنحن مدينون لموقف العراق بمساندته لنا ضدكم.
منذ ذلك التاريخ وأنتم شوكة في حلق ألشعب المغربي حين علمتم بأن المغرب ينوي استرجاع اراضيه المستعمرة في الصحراء، اعترف لكم ولمن استشرتموه من خبراء الفتنة انكم اخترتم فكرة تقرير المصير "الشعب الصحراوي" الذي لا وجود له الا في اذهان من خططوا لوضع حصى في قدم المغرب، حتى لا ينمو! فالبلد يملك ثروة فوسفاطية تدوم لأكثر من ألف سنة وهي ثروة كبيرة يمكنها تغيير وجه المملكة من الفقر الى الازدهار في اقل من عشر سنوات؛ لا اخفيك يا معالي الوزير ان المغاربة اصيبوا بخيبة امل كبيرة جدا وهم يرون اخوتهم يستغلون هفوات بعض مسؤولينا للإيقاع بهم في كل مناسبة حتى اضحينا في نظر العالم محتلين استعماريين لأرضنا!! لانكم فقط هربتم من المقاربة التاريخية الى المبدأ الحقوقي المفترى عليه "تقرير المصير."
لم تتركوا اي مناسبة للاستقواء علينا باموال النفط التي كان من المفروض ان تستخدم لتطوير بلدكم ،ع وض ان تذهب الى جيوب مرتزقة من مختلف الافاق للدفع بهم الى مهاجمتنا في اراضينا ، بل انكم اغتنمتم حتى بعض الغاضبين لتجنيدهم ضد بلدهم، بل ان اغلبهم اختطف من اقاليم طاطا وگلميم واقا وفم الحصن وطرفاية وهي مدن ليست تابعة لما تدعون، انها اراضي متنازع عليها مع جبهتكم وصنيعكم،
كان ردكم على المسيرة الخضراء مسيرة سوداء طردتم فيها أكثر من نفس العدد المشارك في المسيرة الأولى، وللأسف طردتم خيرة من كان ينتج لكم ما تأكلون اي المزارعون وأصحاب الضيعات الفلاحية؛ وبعد طردهم في مشهد مقزز للنفوس التي لها حس انساني في صبيحة عيد الاضحى من شهر دجنبر الماطر !! كنتم تعتقدون ان المملكة ستنهار ليخلو لرئيسكم صاحب مشروع التصنيع الفاشل الجو لتأسيس جمهوريته المنشودة!!
لكن المغرب لم يطالبكم باي شيء؛ بل استقبل مواطنيه المطرودين ووظفهم واسكنهم في مساكن حكومية وادخل ابناءهم المدارس والجامعات وانتهى الامر؛
ماذا استفدتم يا سي لعمامرة؟ لا شيء، أكثر من سبعة واربعين عاما وأنتم في حرب استنزاف حقيقية لموارد مالية كان في المستطاع ان تغير من وجه المنطقة المغاربية عوض ان تضيع في وهم البحث عن زعامة مفتقدة!؟ لذلك فاني اقول لك وأنا لست لا بوريطة ولا هلال بأننا لسنا أخوة. ولا أصدقاء.
 
عبد الوهاب الدبيش، أستاذ التاريخ