الخميس 28 مارس 2024
سياسة

أبووائل: لقاء بوريطة وبلينكن ردم الطوابرية ردمة نهائية

أبووائل: لقاء بوريطة وبلينكن ردم الطوابرية ردمة نهائية ناصر بوريطة( يسارا)، بنظيره الأمريكي بلينكن
في بوحه المنشور بموقع "شوف تيفي"، فكك أبووائل الريفي الدلالات الكبرى للقاء الذي جمع وزير خارجية المغرب، ناصر بوريطة بنظيره الأمريكي بلينكن، وبين أن اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء هو قرار دولة غير مرتبط بالأشخاص أو الحسابات الانتخابية، وهو ( أي اللقاء وما تلاه من بيان رسمي) ما شكل ضربة قاصمة للجزائر وأبواقها، خاصة الطوابرية بالمغرب الذين خانوا قضية المغاربة وارتموا في حضن العدو.
"
أنفاس بريس"، تقدم قراءة أبووائل للحدث:

صدمة هي أقرب إلى الصاعقة تلك التي أصابت الطوابرية، بداية هذا الأسبوع، وهم يرون صور لقاء وزير الخارجية المغربي في واشنطن مع نظيره الأمريكي بلينكن مرفقة ببيان الاجتماع الرسمي بينهما والذي نص، بعبارات قطعية الدلالة لا تحتمل أكثر من معنى، على الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ودعم المقترح المغربي للحكم الذاتي ووصفه بالجاد والواقعي وذي المصداقية والجدير بالثقة وضرورة دعم جهود المبعوث الأممي الجديد دي ميستورا على هذا الأساس. هذه العبارات الدقيقة فاه بها كذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس. هل بعد هذا البيان من بيان؟ وهل باستطاعة أحد المتنطعين تقديم تفسير آخر لهذا التصريح المشترك غير أنه يتماشى مع ما يتبناه ويصرح به المغرب منذ مدة؟

اعتاد بعض الطوابرية، الذين يضعون دائما إمكانياتهم رهن إشارة البوليساريو كمؤجري خدمات لأسباب مقصودة أو ربما لالتقاء موضوعي بينهما فقط، المسارعة إلى تبخيس كل انتصار للمغرب وبذل مجهود تحليلي خرافي أحيانا لنشر قراءات لا يقبلها منطق ولا عقل سليم ظنا منهم أن من شأن تحليلاتهم البئيسة التأثير في الرأي العام المغربي، ولكنهم هذه المرة استسلموا للأمر الواقع وبلعوا ألسنتهم واستغشوا ثيابهم رغم أن اللقاء كان رسميا والبيان رسمي منشور في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية والتصريح قرئ من طرف المتحدث باسم الوزارة، وتلاه بعد ذلك نشر لخريطة المغرب كاملة في موقع الوزارة. لماذا هذه الانتقائية إذن في التعامل مع هذا الموضوع؟ لماذا يصاب الطوابرية بالخرس حين يتعلق بما يفرح المغاربة؟ لماذا لا تفرحهم إلا الأخبار التي يرون فيها خسارة للوطن؟ ولماذا لا يميزون بين معارضة سياسات الحكومة ومصالح الوطن؟ ولماذا لا يفوتون الفرصة إن نشرت خريطة مبتورة هنا أو هناك؟ ولماذا يسارعون في التدوين إن بدا لهم تصريح يخدم مواقفهم؟ ها هم اليوم وصلوا إلى الباب المسدود.
صمت الطوابرية وصدمتهم هاته سبقتها صدمة أخرى سببها حوار بلينكن مع القسم الإفريقي لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي نقلته وزارة الخارجية الأمريكية أكد فيه أن تركيز واشنطن منصب على دعم جهود دي ميستورا. وسبقتها طبعا صدمة القرار الأممي 2602 الذي كتبت الإدارة الأمريكية مسودته من نفس المحبرة التي صاغت قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وصيغت عباراته بنفس تلك الروح، وهو ما جعل البوليساريو وحاميتها الجزائر يفقدا أعصابهما وعقلهما ويتبنيا لغة التهديد ويتوعدان بالحرب التي يعرف الجميع أن قرارها ليس في تندوف أو الجزائر.
لقد أكد أبو وائل في أكثر من مناسبة، منذ قرار إدارة ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، بأن هذا قرار دولة وليس قرار شخص أو حزب، وأن مثل هذه القرارات لا تخضع لمنطق المزايدات الانتخابية لأنها خارجة من مطبخ صناعة القرار الأمريكي الذي لا يفكر بمنطق انتخابي أو بمنطق المكاسب الآنية. ولذلك فالقرار الأمريكي حدد بشكل نهائي سقف الحل وطبيعته واتجاهه ودور الإدارات الأمريكية المتعاقبة يقتصر فقط على أجرأته وبحث سبل تنزيله على ضوء المتغيرات وبما يخدم السلم والاستقرار في المنطقة. وهذا ما تعيه الدبلوماسية المغربية واشتغلت عليه بتأن ليهيأ القرار على نار هادئة ولا يعلن للرأي العام حتى يستوي عوده وتكتمل أركانه وتضمن استمراريته، وهو ما يفسر حالة الهدوء والاطمئنان والثقة التي طبعت كل خطوات المغرب بعد القرار وعدم انزعاجها مما يكتب أو يصرح به هنا وهناك لأن هناك وعي بخلفيات ودوافع كل تلك التصريحات. هذا الإقرار الأمريكي وحده انتصار للدبلوماسية المغربية ولصدق تنبؤاتها ولصواب توقعاتها ويؤكد احترافيتها وقدرتها على القراءة الدقيقة للمتغيرات وحدود تأثيرها على مصالح المغرب في الداخل والخارج. هل سيعترف الطوابرية بهذا؟ هل يملكون الشجاعة لقول هذا الكلام؟ ذاك شأنهم وليس شأن المغاربة الذين يثقون في خيارات ملكهم الذي يفكر في مصلحة المغرب ويتقن الوصول إليها رغم الظرفية المتقلبة وبدون الارتهان لأحد أو التفريط في شبر من السيادة.
ما تصرح به الإدارة الأمريكية، وما يصرح به المنتظم الدولي هو ما يبحث عنه المغرب ويتماشى كلية مع مقاربة المغرب منذ 2007 التي تقوم على دعم الجهود الأممية التي يقودها مبعوث الأمين العام لإيجاد حل سلمي على أرضية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب حينها. هل كان ضروريا تضييع كل هذا الوقت والجهد للوصول إلى هذه النتيجة؟ وهل كان يلزم أن تضع الجزائر نفسها في كل هذا الحرج طيلة هذه المدة لتصل إلى هذه الحقيقة؟
ها نحن اليوم أمام منتظم دولي يعترف بمصداقية المقترح المغربي ويدعم جهود المبعوث الأممي دي ميستورا، وها نحن أمام دينامية مغربية داعمة لهذا الخيار ومزكية لهذا الخطوات، وها نحن، بالمقابل، أمام تهرب الجزائر من مسؤولياتها واصطناع توترات في المنطقة لتلبي رغبات توسعية دفينة لدى جنرالاتها الطاعنين في السن وغير المواكبين للتطورات. وها نحن كذلك أمام تنطع البوليساريو التي تعزف على نغمة نشاز لا تعي تبعاتها على المنطقة.
لا تستوعب الجزائر، ومعها مدللتها البوليساريو، أن أمن المغرب وسلامة حدوده خط أحمر، وأن الاستفزازات وحدها لن تصنع أوضاعا جديدة، وأن تجاوز التصريحات إلى الفعل الضار بأمن المغرب سيواجه بما يلزمه من رد يتناسب مع طبيعته، وأن للمغرب قدرات دفاعية رادعة كافية لذلك وفي مقدمتها حماة الجدار المتفانين في حب هذا الوطن وعشق ترابه و أهله. وربما لا يستوعب البوليساريو أنه صار دمية صغيرة في يد نظام عسكري يدفع بالصحراويين لحتفهم حين يلقي بهم إلى الهلاك لتحقيق أطماعه التي لن يستفيد منها الإنفصاليون شيئا. أمام الإنفصاليين اليوم فرصة تاريخية لوضع حد لهذا النزاع المفتعل الذي طال أكثر من اللازم، وخطوة الحل الأولى أمامهم هي التخلص من التبعية العمياء للجزائر والتفكير في مصلحتهم وعدم معارضة التوجه الدولي الذي يرى في المقترح المغربي حلا واقعيا وجادا ومنصفا للجميع.
ليس أمام جنرالات الجزائر إلا إشعال نيران الكراهية والحرب في المنطقة. هذه وحدها هي الضمانة لاستمرارهم وإشغال الرأي العام الجزائري عن فسادهم وفشلهم. وهذا وحده الذي يؤخر فتح سجل المحاسبة ضدهم عن عقود من التدبير السيء والإنفاق الخرافي على نزاع لا مصلحة للجزائريين فيه، بل إنه كان سببا في هدر مقدرات البلاد و تبديد الملايير في صحراء يعرف الجزائريون أنها مغربية ولا مشكلة لهم في ذلك، كما يعرفون أن الأطماع التوسعية والمنفذ البحري إلى المحيط ظل حلما يراود جنرالاتهم حتى أضحى عقيدة راسخة وهي في الحقيقة مجرد كابوس لأنهم لن ينالوا هذا المبتغى.