يظل الشأن والحقل الديني بالمغرب تلك المساحة الكبيرة والعريضة للبحث في المنجز من العمل التشريعي والهيكلي والتنظيمي والتأهيلي والإدماجي برؤية مستقبلية تهدف إلى وقاية الناس من الموبقات المحيطة بهم في ظل التحولات الموضوعاتية التي تتفاعل في العالم .
وقد سمح هذا العمل المتكامل في الحقل الديني للباحثين الجادين بإنجاز رسائل وأطاريح جامعية ولا يزال القطاع ثريا وغضا طريا لمن شاء منكم أن يدون ويكتب بمداد فخر واعتزاز عمل الوطن لصالح المواطنات والمواطنين في إجاباته على أسئلة الدين .
وقد اطلعت على عناوين لأطروحات ورسائل في الموضوع، بعضها طبع واستنفد وبعضها في خزانة البحث العلمي بالجامعة المغربية من دون نسيان آلاف المقالات في الصحف والمجلات والمواقع الاليكترونية وقد وفقنا إلى حد بعيد في طرق الكتابة وخوض تجربة التقرير والتحليل الصحفي في الموضوع على حسابي في الفضاء الأزرق، الفيس بوك، فطعمنا ذلك بمزيد تنقيح وتدقيق في زمن كورونا بما يقرب من عامين من دون كلل ولا ملل وسنواصل العمل .
وهذا يدل على ثراء وغنى هذا الميدان علما بشبابيته من حيث الرؤية والتخطيط والتنفيذ والالتزام والتعهد، ويوم قرر المغرب إصلاح الحقل الديني كان ثورة على المعهود فكريا وفنيا وثقافيا وقانونيا وتشريعيا مما لم يكن قبل ذلك وحصل في ذات سياق الإصلاح المتزامن مع الإصلاحات الجوهرية المهيكلة لشأن الدولة الحديثة في جميع مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنظيمية .
لقد كان أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس راغبا في النهوض بالمغرب الجديد مغرب التنمية والمواكبة والبناء، بناء الآبدان وتقوية الأديان، فكان الموعد وكان اللقاء مع خطابات ملكية موضوعاتية سامية على التوالي، 2003 و2004 و2005 وهي خطابات تهم الجانب الاجتماعي والتنموي البشري والديني والروحي والمعنوي .
فتم ترجمة إرادة الملك، في بلورة دولة المؤسسات وتقريبها تمثيليا وانتدابا وتفويضا وتكليفا في التدبير والتصريف في إطار سياسة القرب التي راهنت عليها الدولة المغربية العصرية.
لقد تحددت معالم سياسة الملك للإقلاع بالمغرب مجالاتيا في معالم سياسية واجتماعية واقتصادية وتنموية ودينية ،فالمغرب للجميع ويسع الجميع والوطنية والمواطنة الحقة والصادقة تلك التي يتفاعل فيها الناس مع توالي الأحداث العظام ولجسام لبناء الوطن لبنة لبنة بالقرى والمدن والحواضر والعواصم بنفس الرؤية وذات الأهداف وعين السبل والأدوات.
فالمغرب واحد بتعدد جغرافيته ولسانه وعاداته وتقاليده ورافده الثقافية في إطار الوحدة والتنوع.
مرت سنوات سمان على المشروع الملكي الرائد، INDH، الرائع الرامي خلق الكفاية الاجتماعية للمواطن وعائلته.
إن مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يظهر فيه وبجلاء الذكاء والروح الاجتماعي والجماعي للرؤية الملكية لبناء القدرات واكتشاف المهارات لدى المواطنين والمواطنات.
هذا وقد نجح المغرب بفضل هذه الرؤية المكتملة والمندمجة والمتكاملة بفضل المقاربات الممكنة والمتعددة في إرجاع المغاربة لاكتشاف ذواتهم وقدراتهم وأعرافهم وتقاليدهم في المجالات المذكورة أعلاه، فالـ INDH، لها سند تاريخي بالمغرب، تويزة وما تكون "التويزة" إلا عملا جماعيا بشكل تطوعي تشاركي، والمبادرة تعتمد في تنفيذ برامجها الهادفة على المقاربة التشاركية والإشراكية، وفي الشأن الاقتصادي المغاربة يعتمدون على الأعمال الحرة والمبادرة وتشغيل الطالب عن فرص العمل، والعمل الديني كانوا فيه ملتزمين بالعمل، والعمل تشريع ما لم يخالف أصلا من أصول الشريعة، وللمغاربة تدين بخصائص لا يشاركهم فيها أحد، والخصائص هنا السنن والسنة عمل.
ولهم في أئمتهم وخطبائهم السند والمرجع في بيان الدين، كما لهم في علمائهم نموذج العالم الرباني الذي يفتي الناس فيما أشكل عليهم من أمر دينيهم، كل ذلك في إطار مرجعي سنده الشيوخ الكبار والعظام، فاتخذ قرونا مضت شيوخا في الفقه، والعقيدة، والتربية، وسياسة الدولة وتدبير أمر الدين المؤسس على التقليد والعمل النبوي الصرف في بيعة الرضوان، والبيعة في المغرب على أعناق المغاربة إلى من ائتمروه عليهم من أهل النسب الشريف، وارتضوه، وتلخص كل ذلك في الإصلاح، إصلاح الحقل الديني بالمغرب في الثوابت الوطنية والدينية .
ففي المغرب وحده تجد ما ذكرت متفاعلا تفاعلا إيجابيا يصب في مجموعه ويهدف النهوض بالمغرب والمغاربة في ترجمة للقيم التربوية والسلوكية كالتسامح والاعتدال والانفتاح، وتحقيق الأمن الديني والتديني...
محمد أكعبور، باحث في الخطاب والإعلام الديني