أقرت وزارة الداخلية في تقريرها الخاص بتقديم لوائح المترشحين للاستحقاقات المحلية والجهوية والتشريعية، بأن 69% من المرشحين الجماعيين في الولايات السابقة عاودوا الترشح مرة أخرى على امتداد التراب الوطني، وطبعا عدد كبير من هؤلاء فشلوا فشلا ذريعا في تدبير الشأن المحلي أو الجهوي، والعدد الأكبر الآخر لا يعرف ما معنى صناعة القوانين في الغرفة الأولى أو الثانية من البرلمان. بل إن فيهم من هو متابع قضائيا، وفيهم من أدين بناء على تقارير المجلس الاعلى للحسابات، ومع ذلك وضدا على الخطاب الرسمي للدولة يتمسكون، وفي كل مناسبة، بخيار الترشح، ليس لخدمة الصالح العام، وإنما لكونهم اعتادوا على الاستفادة من ريع العمل الحزبي ومن غنائم تفويت الصفقات العمومية.
لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر ما تشهده مدينة وجدة من تجاذبات لا نقول سياسية وإنما مصلحية ضيقة، حيث وكما العادة سمح للعديد ممن دبروا الشأن المحلي والجهوي وصدرت في حقهم أحكام قضائية تتعلق بتبديد المال العام وبالتلاعب في الصفقات العمومية بالترشح، رغم أن وضع جماعة وجدة مثلا كارثي وعلى حافة الإفلاس بالشكل الذي قد لا تجد الجماعة الموارد الكافية لصرف رواتب الموظفين/ت الجماعيين/ت، على اعتبار أنها مدينة للمكتب الوطني للكهرباء بمبلغ يزيد عن 8 مليار سنتيم، ناهيك عن ما بذمتها لشركة النظافة ولمجموعة من الشركات والمقاولات؛ ومرد ذاك طبعا هو سوء التدبير والتسيير الذي ربط عمل مجالس الجماعة منذ عقود من الزمن.. ومن هؤلاء المديرين من اعترف أمام الملأ بتشجيعه على إعطاء رخص البناء لسكان الاحياء الهامشية حتى مبرر تمكينهم من السكن بدعوى أنهم "دراوش"، لكن في حقيقة الأمر السبب يرجع الا أنهم يشكلون وعاء كبيرا للأصوات الانتخابية.
ومجلس الجهة ليس بأفضل حال ووعوده في جلب المستثمرين الأجانب، وخاصة الصينيين واليبانيين والامريكو لاتنيين ذهبت أدراج الرياح لأن هؤلاء اختاروا الاستثمار في مدن أخرى مناخ الأعمال فيها أفضل بكثير من الجهة الشرقية.. ورغم أن مجلس الجهة مكن التعاونيات والجمعيات من مبلغ مالي يفوق 30مليار سننتم، إلا انه لا أثر لذلك على أرض الواقع، حيث العطالة حطمت كل الارقام القياسية والعزلة لم تفك على العديد من المناطق الهامشية، ناهيك عن معاناة سكان الشريط الحدودي ثم النقص الحاد في المستشفيات والمستوصفات وفي الأطر الطبية والتمريضية حتى انهارت بشكل كامل المنظومة الصحية في العديد من مدن الجهة الشرقية وعرت جائحة كورونا على هذا الوضع، لتصبح الجهة في الريادة في عدد المصابين وعدد الوفيات بالمقارنة مع التعداد السكاني.
البنية التحتية هي الأخرى ليست بأفضل حال، وحدها الزيارات الملكية هي التي كانت تحرك المسؤولين لترميم الطرقات واصلاح الإنارة العمومية في الشوارع ثم تعبيد طرقات بعض الأحياء الهامشية؛ خارج ذلك تحولت العديد من الأزقة إلى حفر في الصيف وبرك مائية في عز الشتاء، ليكون المواطن في الأخير هو الضحية.
فلماذا لم يحن الوقت ليكف هؤلاء المرشحين المسؤولين عن ما آلت إليه الأوضاع عن الترشح مرات عديدة؟