الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عبد العزيز الداودي: لا عداوة دائمة لا صداقة دائمة، عقيدة تشرشل.. عن الطالبان نتحدث

عبد العزيز الداودي: لا عداوة دائمة لا صداقة دائمة، عقيدة تشرشل.. عن الطالبان نتحدث عبد العزيز الداودي

ما أن سقطت كابول في قبضة حركة الطالبان، وما أن احكمت سيطرتها على دواليب الحكم في أفغانستان، حتى انقلبت الدول الغربية في موقفها من أفغانستان حد إيمانها بوجوب التعاطي مع الملف من موقع موازين القوى، وبالتالي غابت الإنسانية وغابت الأخلاق وغابت حقوق الانسان بمفهومها الكوني والشمولي، فلا مناصفة ولا حرية ولا هم يحزنون.. كل ما يهم الغرب أن لا تتحول أفغانستان إلى قاعدة خلفية لمهاجمة مصالح الغرب، وتحديدا مصالح الولايات المتحدة.. لكن يمكن لها أن تتحول إلى بؤر للتنظيمات الإرهابية المتطرفة لزعزعة استقرار العديد من الأوطان العربية تحت مسميات مختلفة، خصوصا وأن الشعور العام لدى العديد من المحافظين في الدول العربية هو نشوة انتصار حركة الطالبان في فتحها المبين لكابول، وما قد يتبع ذلك من تحفيز للعديد من الخلايا النائمة التي تنتظر فرصتها لتنقض على الحكم وبمباركة غربية أيضا أو بتمويل قطري قح.

 

ما يهم الغرب ليس نوعية الأنظمة وإنما من يضمن له الحفاظ على مصالحه الاقتصادية، ومن يسهل عليه مأمورية نهب الثروات واستغلالها. وربما هذا ما يفسر طبيعة الصراع القائم بين روسيا والصين وإيران من جهة، وبين أمريكا أوروبا والباكستان من جهة أخرى، الذي تحدده المصالح الجيوسياسية ولا يعير أي اهتمام لطريقة عيش الشعب الأفغاني الذي شيء وبتواطئ أمريكي مفضوح أن يرجع إلى القرون الوسطى، وأن يجبر قسرا وليس طوعا على تقبل نظام شمولي ثيوقراطي كل شيء فيه تبرره الميتافيزيقيا ولا يخضع للعقل اطلاقا.

 

ومع ذلك يخاطب الغرب حكام أفغانستان الجدد بالمرونة التامة، حيث هناك دعوات من ألمانيا وإنجلترا وأمريكا على ضرورة التعاطي مع الطالبان كأمر واقع.. ونتساءل ماذا صنعت أمريكا في أفغانستان طيلة عقدين من الزمن، هل كانت مهمتها هي ترويض حركة الطالبان وتأهيلها لتحكم البلاد؟ وإلا بماذا تفسر السقوط السهل للعاصمة؟ ومن أين لطالبان بتلك الأسلحة والذخيرة؟

 

تربية الأفاعي إذن غالبا ما تكون عواقبها وخيمة؛ والأكيد أنها في يوم ما ستنقلب على مربيها وستأني على الأخضر واليابس، على اعتبار أن المنظمات الإرهابية طموحها في نشر ما يسمى بالدعوى ليس له حدود...