الأربعاء 27 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

اسماعيني بناصر: زاكورة المنكوبة.. خُلقتم لمحاربة التصحر والعطش

اسماعيني بناصر: زاكورة المنكوبة.. خُلقتم لمحاربة التصحر والعطش

زاكورة.. بمجرد النطق بهذا الاسم يتخيل إلى ذهنك، حتى إن لم تزرها، تجمع سكاني منكوب، حيث بات يضرب المثل ببؤسها حتى في الوصلات الكوميدية، أما الواقع فهو غير قابل للوصف بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. يكفي أن تشرب فنجان قهوة في أحد المقاهي بمركز المدينة، إذا اعتبرنا تجاوزا أنها مدينة، وإبداء في إحصاء المتسولين والمشردين ... وتأمل المارة بل حتى مناخها القاسي ومرافقها التي ينعكس فيها الفقر المدقع والحرامان.. أما إذا أردنا أن نصف الرواج التجاري بها، فأقل ما يمكن أن يقال عنه أنه رواج لمخيم نازحين من حرب مدمرة نصبوا خيامهم في ضواحي مدينة قرب المطارح، على اعتبار كمية الذباب المتوفرة طيلة أيام السنة باستثناء بعض أيام الشتاء، وبصرف النظر عن واحة النخيل التي وهبتها الطبيعة والتي عانت هي أيضا ومازالت في مستويات عدة، لا تجد سوى الكتبان الرملية وفي أحسن الأحوال يستوقفك رق مملوء بالأحجار البركانية، وكأنك على سطح المريخ..

طبعا لا يمكن أن نصف كل شيء، غير أن المجموعات البشرية التي تسكن تلك المدينة في حقيقة الأمر يستحقون وسام شرف لعدم نزوحهم نحو المدن الكبرى أو حتى الصغرى غير تلك التي تنتمي لمثلت الفقر.. لكن عندما ينعدم الشرط الأساسي للحياة، ليس فقط للإنسان، بل لكافة الكائنات الحية بما فيها الذباب، فما هي قيمة البشر في تلك الرقعة الارضية؟

بهذا المنطق لا يمكن أن نفهم إلا أنهم أدوات لإيقاف زحف الرمال والصهد على إنتاج الثمور، وكذلك رعاية كم هائل من الذباب حتى لا يشكل اختلالا في التوازن البيئي لمدن أخرى، لكن المشكلة الكبرى والتي على صاحبنا المخزن أن يفهمها، هو أن الثمر والذباب هم أيضا يحتاجون إلى الماء، وحتى أجهزته القمعية يحتاجون إلى الماء.. ورغم أنه لم ولن يستحي أكيد، فالمشكل يكمن أساسا في ما هي التهم التي سيوجهها لمعتقلي الاحتجاج؟ هل هي الانفصال أيضا لتأسيس دولة في الخلاء بلا ماء تسمى جمهورية العطش، أم أنهم هم أيضا تلقوا أموالا من الخارج، ربما من مجموعة المتآمرين على حوزة الوطن المرابطين في سوق تمبوكتو، حيث لهم أطماع في آبار البترول الموجودة بتكنيت أو محاميد الغزلان، والتي هجرها حتى الوزغ لشدة قساوة الطبيعة بها.

بكل أسف ماذا يعني قمع مطالبين بشربة ماء واعتقال أبنائهم والزج بهم في السجون.. فغياب الماء يعني غياب الحق في الحياة، وهو الحق الأول والأساسي حتى في المواثيق الدولية وحتى في الحضارات البائدة.. لكن في واقعنا الملطخ بشتى أنواع الفساد أصبحت المطالبة بالماء، أي بالحق في الحياة، جريمة يُعاقب عليها.. فما المقصود بذلك، وما هي الرسالة التي يمكن أن نفهمها من كل هذا.. غير أن سيدنا المخزن يقصد أن يقول لكم إنكم خلقتم لمحاربة التصحر والعطش و... من كل هذا هي جودة الماء بهذه المدينة، والذي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه غير صالح للشرب، لكن كما يقال في أمثالنا الدارجية "اللهم العمش لا العمى"، لكن سيدنا المخزن يفرض العمى أو الزرواطة والسجن.