الأربعاء 27 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

ياسين بن ايعيش: ثورة العطش تُخْرِج ساكنة زاكورة للإحتجاج

ياسين بن ايعيش: ثورة العطش تُخْرِج ساكنة زاكورة للإحتجاج

لقد بلغ السيل الزبى، وبلغت القلوب الحناجر، وبلغ الصبر حدوده، العنوان البارز الذي يمكن أن نُعَنْوِنَ به حال ساكنة زاكورة خلال هذه الفترة. ففي الوقت الذي ترفع فيه بلدان العالم النامي ملفات مطلبية تتضمن بعض الكماليات التي من شأنها أن تَضْمنَ للمواطن كرامته، وتُحسِّنَ من مستوى عيشه، في إطار حماية الحقوق، وفي القرن 21، ببلد موقر اسمه المغرب، خرج أهل زاكورة عن صمتهم الذي دام سنوات عجاف، كما خرج أهل الكهف من سباتهم، خرجوا بحناجر عطشا يهتفون " من حقنا أن نحيا بشربة ماء "، مِصدقًا لقوله عز وجل في سورة الأنبياء: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) ﴾، لم يطالب أهل هذه المنطقة المنكوبة بمشاريع ضخمة ليشتغل أبناؤهم، أو بمستشفى لعلاج أمراضهم، أو جامعة لتنوير العقول، أو تحسين ظروف السكن...وهلم جرّا من الحقوق التي يستحي الفرد أن يطالب بها في دولة الحق والقانون، لاعتبارها من الضروريات.

لقد ملَّت الساكنة من سياسة اللامبالاة، ومن غياب ممثلين منتخبين أسوياء وأكفاء ليدافعوا عن مطالبهم المشروعة قانونا على الورق، ومن تمة ارتأوا أن يخرجوا في مسيرة العطش، منددين بانعدام الماء الصالح للشرب بهذه المدينة، وقد راح ضحيتها أبناء لا ذنب لهم سوى أنه يريدون الماء، فقد ثم  اعتقال عدد من المحتجين يوم الأحد الماضي، بداعي إهانة موظف أثناء مزاولة عمله، والمشاركة في مظاهرة غير سلمية، مع أن هذا المبرر الأخير يتنافى مع الفصل 25 من الدستور المغربي، الذي يضمن للمواطن الحق في التعبير، وحرية الرأي ما دامت تدخل في خانة الحقوق، وقد بلغ عدد المعتقلين حسب بعض المصادر أكثر من 20 معتقلا من بينهم قاصرين تتم متابعتهم في حالة سراح، في الوقت الذي قضت فيه المحكمة الابتدائية بزاكورة يوم الخميس المنصرم رفض السراح المؤقت لباقي معتقلي مسيرة العطش، وفي ذات الشأن قضت نفس المحكمة تأجيل أطوار المحاكمة إلى يوم الاثنين المقبل 16 أكتوبر 2017.

وعطفا على مسيرة العطش بزاكورة، سبق لرئيس الجماعة الترابية بزاكورة لحسن واعرى، أن أدلى بتصريح له صلة مباشرة بنفس الموضوع؛ بتاريخ 07 يوليوز 2017، قدم من خلاله معطيات تتصل بمشكل الماء الصالح للشرب بزاكورة، حيث أكَّد أن الدراسات التي أجريت حول هذا المشكل غير دقيقة، ويعتريها تناقض صارخ، ذلك لأن المبرر الذي قدمته ONEP أقبح من الزَلَّة، حيث إن هذه الأخيرة تدعي كون زرع الدلاع بالمنطقة هو السبب المباشر في القضاء على الفرشة المائية، وهذا مَا لاَ يَسْتسِيغُهُ العقل، لأن بدأ استثمار الدلاع بزكورة لم يتم إلا سنة 2008، ومشكل الماء كان مطروحا قبل ذلك، وأضاف لحسن واعرى أن أعمق بئر من ضمن الآبار التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لا تتجاوز 40 مترا، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن سبب تقديم مثل هذه المبررات الواهية، والتجاهل الدائم والمستمر لصوت أبناء الشعب الذين يضعون ثقتهم في منتخبين لا نراهم إلا ناذرًا، تمامًا كبعض الفواكه الموسمية.

وتزامنا مع المظاهرات التي من المحتمل أن يتم تصعيدها بمدينة زاكورة بسبب مواجهة التظاهر السلمي بالاعتقال، تفاعل نشطاء فيسبوكيون معظمهم ينتمون إلى هذه المدينة بالروح لا غير، أما أجسادهم فقد هُجِّرتْ رغمًا عنها لمناطق أخرى بحثًا عن العمل، وسعيا لتوفير لقمة العيش...، وجاء تضامنهم عبر رفع شعارات بالفيس بوك منددين بما تتعرض له مدينة زاكورة من تهميش، ومن هذا المنبر ندعو المسؤولين إلى ضرورة البحث عن حلول إجرائية من أجل حل مشاكل المدينة.