الثلاثاء 23 إبريل 2024
فن وثقافة

المنهجية غير التشاركية المعتمدة بالمعرض المغاربي للكتاب تجمع مثقفين بوجدة

المنهجية غير التشاركية المعتمدة بالمعرض المغاربي للكتاب تجمع مثقفين بوجدة

انعقدت ندوة صحفية بمقر الحزب الاشتراكي الموحد بوجدة، يوم السبت 30 شتنبر 2017، نظمتها مجموعة من المثقفين والفعاليات الثقافية بالجهة الشرقية في سياق التنديد بالمعرض المغاربي للكتاب، والحملة الإحتجاجية التي رافقته جراء المنهجية غير التشاركية التي تنهجها مديرية الثقافة ووكالة تنمية الجهة الشرقية، حسب بيان صادر عن هذه الفعاليات، والذي بلغ في موقع "آفاز" لحد الآن 118 توقيعا ووصل في اللائحة الفعلية إلى 209 توقيعات.

وكلف للإجابة على أسئلة الصحفيين أربعة كتاب هم الشاعر والكاتب عزيز حميد والشاعر الباحث الموسيقي عبد القهار الحجاري، والقاص الفاعل الجمعوي محمد العتروس والكاتب محمد حماس، وسير الندوة عزيز حميد وكتبت التقرير بثينة لزعر فاعلة جمعوية.

وفي ورقة توضيحية أعدها وقدمها عزيز حميد عن لجنة المتابعة تم استحضار السياق وما أثير حول المعرض المغاربي للكتاب، من ردود أفعال متباينة. وكان الإعلان عن الملتقى مفاجئا للجميع، لم تسبقه دعاية ولا حملة تحسيسية، وكأن الأمر يتعلق بحدث مصيري، يستوجب السرية والتعتيم، والإشتغال في غرف مظلمة.

وطرحنا في حينها -تقول الورقة- أسئلة أولية تتعلق بطبيعة الحدث.. وما تضمنته البرمجة من أمور غير مفهومة.. ثم جاء بيان الفعاليات والمهتمين بالحقل الثقافي جهويا.. ليضع الأصبع على مكامن الخلل.. ويحمل الجهات المنظمة مسؤولية المنحى العبثي لفعاليات المعرض. وكان البيان الذي حظي باهتمام واسع مركزا متزنا وموضوعيا.. لم يدع إلى اتخاذ أي موقف سلبي من الحدث.. ومع ذلك تذهب وثيقة الندوة إلى أنه لم يسلم من التجريح.. ومن الاستخفاف بدوره التنويري، من جهات إما مشككة، تشتغل على النوايا أكثر من اشتغالها على الوقائع، أو من جهات دأبت على الاستفادة من الريع الثقافي.. وتبحث عن أي مبرر للدفاع عن  مصالحها... لكن ذلك لم يمنع من اتساع دائرة الانخراط في دعم البيان.. سواء بالتوقيع والمساهمة في إشعاعه.. أو بإصدار بيانات من شخصيات وهيئات مختلفة..تقوي موقعه وموقفه..

وعن علاقة مثل هذه الأنشطة بالجهوية قال عزيز حميد انطلاقا من الورقة التمهيدية إن المغرب اختار أن يدير شؤونه في كل المجالات، عبر آلية دستورية تسمى الجهوية الموسعة.. ويفترض أن في ذلك مكسبا لكثير من الهوامش المجالية والقطاعية، للتعبير عن نفسها، وإبراز خصوصياتها الإنسانية والمكانية.. والكشف عن تعبيراتها الثقافية والاجتماعية التي هي جزء لا يتجزأ من ثقافة مجتمع يتميز بالغنى والتنوع.. من هنا - تقول ورقة الندوة الصحفية - كان لزاما أن نسائل القائمين على المعرض عن مدى التزامهم بروح هذا التوجه التدبيري، وعن اختيارهم الاستمرار في اعتقال الثقافة مركزيا.. حيث لم تحضر الجهة في المعرض إلا إسما في ملصقات..وفضاء لتصريف هواجس فوق ثقافية ..

وعن تدبير الشأن الثقافي ترى ورقة الندوة أن الثقافة إذا كانت شأنا عاما.. يمكن أن نختلف فيها كما نشاء.. وأن نعتمد الحرية والحوار أساسا في اختياراتنا وقناعاتنا، فان تدبير الشأن الثقافي أمر مختلف..تحكمه قوانين ولوائح تنظيمية..ولا يمكن تصريفه خارج منطق المؤسسة..

وكان الخلاف إذن كان حول الأسلوب التدبيري -تقول الورقة- وحول تهميش مثقفينا ومبدعينا، سواء في الإعداد والتنظيم، أو في المشاركة ضمن الفعاليات، والأغرب من هذا كله، أن أسماء أقحمت في البرنامج، دون علمها أو موافقتها. وهذا وحده دليل إدانة .

وجاء في وثيقة الندوة أن مطلب الانخراط في الشأن المجتمعي ظل يلاحق المثقفين، ويدعوهم إلى الخروج من السلبية، والانفتاح على قضايا المجتمع، بالمشاركة والتأطير الميداني. وهو ما لا يستقيم مع روح الاستبداد والإقصاء التي طبعت فعاليات المعرض المغاربي للكتاب. ومع الاستفراد بها من طرف قلة قليلة من ممتهني المنصات والسفريات.

من هنا كان البيان صرخة في تقدير الندوة .. لكنها لم تكن في واد أو فنجان كما زعم البعض، فمنذ اليوم الأول لصدوره، بدأ التفكير والتخطيط جديا لأفق ما بعد الاحتجاج، والإعداد لما يمكن أن يشكل إطارا جامعا لدعاة التغيير، ومواجهة آليات الفساد وحيتانه، من خلال تجربة لا تطمح أن تكون بديلا عن أحد، إنما يمكن أن تضاف إلى الكائن وتضيف له الممكن..ونجاحها إن تحقق، سيكون بالتأكيد مكسبا للمجتمع الثقافي على مستوى الجهة..

وبعد تقديم عزيز حميد للورقة التمهيدية للندوة، تلا محمد العتروس بيان الفعاليات الثقافية التي نددت بنهج الكولسة والإقصاء وفرض أسماء من خارج الجهة وهدر المال العام في نشاط لم يبق النجاح المأمول حسب كثير من الملاحظين، ثم فتح المسير لائحة التدخلات للإعلاميين الحاضرين.

وتولى المشرفون على الندوة الإجابة عن أسئلة المتدخلبن، وعن سؤال حول مشاركة فرع وجدة لاتحاد كتاب المغرب بالمعرض المغاربي للكتاب وانسحابه بعدما تأكد عدم إدراج التعويضات المالية لمشاركيهم، ولماذا سكت موقعو البيان عن موقف الاتحاد هذا والكثير منهم أعضاء الفرع، أجاب المتدخلون أن الموقعين شاركوا في هذه الحملة ضد منهجية القائمين على المعرض ولم يوقعوا كأعضاء في الاتحاد، وأن الكثير من الموقعين ليسوا أعضاء في اتحاد كتاب المغرب، وهو جمعية لا تمثل كل المثقفين، وبالرغم من ذلك كان انسحاب مشاركين من برنامج المعرض إيجابيا ومعززا للبيان الصادر عن الفعاليات الثقافية، كما كان بيان فرع الاتحاد مدعما لهذه الحملة الاحتجاجية، وعلى كل حال ليس لدينا - يقول المتدخلون- مشكلات مع اتحاد كتاب المغرب، أما لماذا لم يتم التنسيق مع فرع الاتحاد فإن التوقيع كان مفتوحا للأفراد فقط، والتنسيق يكون بين هيئة وهيئة وليس بين هيئة وأفراد.

وقد تساءل  أحد المتدخلين عن عدد الموقعين على البيان، ولاحظ تأخر عقد الندوة الصحفية هذه، في حين كان يجب أن تعقد خلال أيام المعرض، أجاب المشرفون بأن الهدف كان خوض حملة التوقيع أولا وإنجاحها وقد تم ذلك بحيث وصل إلى حد الآن 209 توقيعات وبلغ في موقع الحملات التضامنية والاحتجاجية العالمي آفاز 118 توقيعا، وكان لا بد أيضا من بلورة مشروع تصور عن آفاق الاشتغال بالحقل الثقافي جهويا، وبأن عقد الندوة اليوم مناسب وراهن، ولأننا -يقول المتدخلون- سننتقل إلى خطوات أخرى انطلاقا من هذه الندوة من أجل ربط المسؤولية في الشأن الثقافي بالمحاسبة.

وطرح سؤال حول الأخطاء التي وقع فيها تنظيم المعرض المغاربي للكتاب بوجدة في دورته الأولى، أجاب المتدخلون أن العمل الثقافي التشاركي بين المسؤولين والفاعلين الثقافيين لا يتم وفق قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص، كما أن بعض الأسماء أدرجت في البرنامج بدون إخبارها، تعدى عدد الندوات خلال الأيام الثلاثة للمعرض 30 ندوة، وفي يوم واحد 16 ندوة في فضاءات مختلفة ما أدى إلى الارتباك في التنظيم وتشتت الحضور بين هذه الندوات، كما أن بعض الندوات تم إلغاؤها لهذا السبب أو ذاك، وعدد المشاركين من الجهة لم يتعد 10 في المائة، هذا في علاقة مع سؤال طرح حول إحصائيات المعرض فكان الجواب أن الجهات الرسمية هي المطالبة بالإجابة على هذا السؤال بعيدا عن التضخيم، وقد سجلت أخطاء أخرى جسيمة كفرض التوجه الفرنكفوني حيث تدخل مسؤول رسمي بالفرنسية وتمت مطالبة المتدخلين بالتحدث بها.

وتساءل متدخل عن سبب عدم احتجاج البيان على رفض البعض المشاركة في المعرض في حين شاركوا بأنشطة في الخليج، وعدم ملاحظة البيان غياب تكافؤ الفرص في عرض الوصلات الفنية، أجاب المشرفون أن البيان كان همه انتقاد المنهجية التي يعتمدها المسؤولون في تدبير التشارك والتنظيم خاصة في هذا المعرض، وكأن الجهة ليس بها مثقفين.

وأبدى متدخل تخوفه من تكرار نفس المسلكيات الإقصائية من طرف الإطار الذي من الممكن أن يضاف إلى الساحة كنتيجة لهذه الحملة الاحتجاجية، أجاب المشرفون على الندوة أن الهدف الأساسي من هذه الحملة هو التأسيس لتقاليد ثقافية راقية بعيدة عن منطق الكولسة والإقصاء، ثقافة من شأنها أن تغير الذهنيات السائدة بذهنيات قابلة للاختلاف ومحتضنة لكل الحساسيات والآراء، فإذا كنا سنعيد إنتاج نفس التفكير الفاسد فلا داعي لهذا الاحتجاج من الأساس.

وقد طرح تساؤل حول ما إذا كان الموقعون يفكرون في مراسلة الجهات المعنية والمطالبة بالافتحاص أجاب المتدخلون أن هذا أحد أهم المسارات التي سيفضي إليها الاحتجاج، بحيث تعد لجنة المتابعة ملفا متكاملا سيبعث إلى كل الجهات المسؤولة.