Sunday 29 June 2025
سياسة

محمود التكني: نزوح المغاربة الى سبتة..عندما تتكلم الجغرافيا

محمود التكني: نزوح المغاربة الى سبتة..عندما تتكلم الجغرافيا آن الأوان أن تراجع كل من إسبانيا والاتحاد الاوربي موقفهما من المغرب

شهد المغرب في بحر الاسبوع المنصرم نزوح بضعة آلاف من المغاربة الى مدينة سبتة المغربية السليبة ،و قبل الخوض في مناقشة هذا الفعل يجب التطرق الى كرنولوجيا الاحداث الأخيرة في المنطقة و كذا تاريخ الحركات الاستعمارية في العالم عامة و شمال افريقيا خاصة ، حيث تعتبر مدينتا سبتة ومليلية أولى المستعمرات في شمال إفريقيا. فمدينة سبتة استعمرت سنة 1415 ميلادية، أي قبل سقوط غرناطة، وذلك من طرف البرتغال، هذه الأخيرة التي تنازلت عن المدينة للإسبان سنة 1668 بمقتضى معاهدة لشبونة مقابل اعتراف إسبانيا باستقلال البرتغال، فيما احتلت مليلية من قبل الإسبان سنة 1497 ميلادية . ورغم ظهور الحركات التحررية و تصفية الاستعمار في بداية القرن العشرين إلا ان المدينتين لازالتا ترزحان تحت الاحتلال الاسبان، و الادهى من هذا ان هذين الثغرين يخضعان لقانون الدفاع المشترك الخاص بالاتحاد الاوربي وهذا ما بدا جليا عند اندلاع مشكل جزيرة ليلى المغربية حيث لم تندد أي دولة أوربية  بتدخل القوات الإسبانية بالجزيرة ، وبهذا فإن استمرار وضع المدينتين و بعض الجزر المغربية على هذه الحالة يبقى وصمة عار على اسبانيا خاصة و الاتحاد الاوربي عامة لأن هذا الوضع يفند الشعارات الرنانة التي تتبجح بها أوربا كالديمقراطية و حقوق الانسان و حسن الجوار.   

أاما عن حادث النزوح الجماعي فهو ليس فعلا بل ردة فعل او معاملة بالمثل ان صح التعبير. إنه تعامل بالند مقابل سماح اسبانيا باستقبال زعيم البوليساريو و بهوية مزورة عبر مؤامرة لئيمة من المخابرات الجزائرية ، إلا ان هذا الفعل الشائن  انكشف بسرعة  و فضحته اجهزة المملكة التي لا تنام، مما وضع اسبانيا في موقف حرج حيث ظلت تصريحات المسؤولين في الجارة الشمالية تتضارب في تبريراتها ، فهي تارة تدعي أنه  ليس لها علم بالتزوير و تارة اخرى تعتبر  استقبال  المريض الوافد جاء لدواع انسانية ، و هذا ما لم يعد مغرب اليوم يقبله على اعتبار التحولات الطارئة وطنيا وإقليميا و عالميا رغم استمرار اسبانيا في التعامي عن حقيقة الطفرات التي سجلها المغرب خلال الربع الأول من القرن الحالي . إن قرار المغرب تعليق التعاون الامني مع جارته الشمالية و لو لفترة وجيزة قرار سيادي بطبيعة الحال مقابل نظرة الاستعلاء المتسمة بالحس الاستعماري الذي لا زالت بعض دول الغرب تسلكه إزاء مستعمراتها السابقة . اما عن المغاربة و الجغرافيا فهم  لا يرون وجود اي حدود برية بين المغرب و أجزائه الشمالية ، فعبورهم نحو سبتة يدخل في إطار حرية التنقل داخل الوطن بهذا فقد آن الأوان ان تراجع كل من اسبانيا و الاتحاد الاوربي موقفهما من المغرب حتى تبقى العلاقة في افق تطلعات و طموح شعوب المنطقة مبنية على أسس متينة من حسن الجوار و الاحترام المتبادل والثبات على مواقف نزيهة لا تقبل الازدواجية .

محمود التكني استاذ التعليم العالي بجامعة مولاي اسماعيل مكناس و باحث في قضية الصحراء المغربية