الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

الصادق العثماني: المدرسة الإسلامية المغربية وتجديد الحقل الديني

الصادق العثماني: المدرسة الإسلامية المغربية وتجديد الحقل الديني الصادق العثماني
قال لي صديقي وهو يحاورني ما الذي يميز الوضع الديني للمغاربة بين أوروبا وأمريكا اللاتينية..؟ فقلت له: تماشيا مع المدرسة الإسلامية المغربية المنفتحة على ثقافات الشعوب المختلفة والديانات السماوية الأخرى والتي رفعت شعار "الإسلام الأخضر" شعار السلام والمحبة والوئام مع كافة شعوب الأرض؛ بغض النظر عن ألوانهم وأوطانهم ومعتقداتهم مما دفع بجلالة  الملك محمد السادس حفظه الله تعالى وبمجرد جلوسه على عرش أسلافه المنعمين إلى القيام بتجديد هذه المدرسة انطلاقا من تجديد الحقل الديني بالمغرب؛ لمواكبة تغيرات الزمان ومسايرة قضايا الناس ومستحدثات الأمور التي لم تعرف في سالف الأزمان، وهذا من صميم مقاصد الدين الإسلامي الحنيف الذي حمل بين جوانحه قيم ومقاصد وأهداف إنسانية عدة، عملت على نشره في بلاد العالم أجمع شرقه وغربه، ولعل من أشهر هذه القيم ؛ قيم الحوار والتسامح واللين واللاعنف، فهذه المدرسة المغربية التي تشبعنا بها من خلال دراستنا في جامعة القرويين بفاس ننافح عنها في أوساط الجاليات المسلمة والمغربية على الخصوص في البرازيل ودول أمريكا اللاتينية، علما ان علمانية أمريكا اللاتينية وأنظمتها قريبة جدا من المدرسة الإسلامية المغربية؛ بحيث تسود فيها أجواء الحرية الدينية، يمكن اعتبارها أحسن بكثير من الدول الأوروبية، نظرا لماعرفته أوروبا من حروب وصراعات مع العالم الإسلامي والعربي عبر تاريخها الطويل، مما ولد لدى الغرب عقدة الخوف من الإسلام، وتزايدت بقوة مع بداية أحداث 11 سبتمبر واستمرت الى يوم الناس هذا، واشتدت خطورتها مع ظهور تيارات اسلاموية متطرفة، تولد عنها بالمقابل "الاسلامفوبيا" واليمين المتطرف..هنا بدأت المشاكل تطفو على سطح جاليتنا المغربية في أوربا، ومن أخطرها مشكل التكفير والتشدد الديني والارتماء في أحضان الإرهاب، ضاربة عرض الحائط مبادئ مدرستها المغربية المبنية على منهج التيسير والتسامح، فأصبحت الجالية المغربية مهددة في أبنائها وحضارتها وتراثها الديني في أوروبا، طبعا فالذي خرج من أبناء الجالية المغربية في أوروبا عن قواعد وخصوصيات هذه المدرسة هم قلة قليلة،  بينما تاريخ وشعوب دول أمريكا اللاتينية ليس لهم عداء مع العالم الإسلامي أو العربي، مما ساد في هذه الأجواء نوع من التعايش والتفاهم والاحترام المتبادل بين جميع الطوائف الدينية بالبرازيل، ولهذا نجد الجالية المغربية في أمريكا اللاتينية مازالت في مأمن إلى حد ما من هذه المشاكل والأفكار المتطرفة التي تجتاح أوروبا اليوم، ولهذا يمكن القول ان علمانية أمريكا اللاتينية فاقت بكثير علمانية الغرب فيما يتعلق بحرية المعتقد واختيار الدين واحترام عقيدة المسلمين، فهي تتماشى ومفهوم حرية الاعتقاد في الإسلام، يقول سبحانه "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وقوله تعالى "..إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا" وقوله " لا إكراه في الدين" و "لكم دينكم ولي دين".