السبت 20 إبريل 2024
سياسة

ماء العينين: تهجيري وأنا طفلة لكوبا كان تتويجا لاغتصاب طفولتي في مخيمات تندوف

ماء العينين: تهجيري وأنا طفلة لكوبا كان تتويجا لاغتصاب طفولتي في مخيمات تندوف ماء العينين السعداني وزعيم ميليشيات البوليساريو إبراهيم غالي

في إطار الفضيحة السياسية التي شهدتها إسبانيا، وأسالت الكثير من المداد وردود الأفعال، وذلك إثر استقبالها لـ "الجلاد" إبراهيم غالي، زعيم ميليشيات البوليساريو، بدعوى الاستشفاء تحت هوية مزورة وجواز مزور؛ ارتأت "أنفاس بريس" أن تفتح بابها لاستقاء وجهات نظر بعض ضحايا انتهاكات جبهة البوليساريو، وكذا بعض النشطاء الحقوقيين والجمعويين بخصوص هذا الموضوع...

وفي ما يلي وجهة نظر ماء العينين السعداني إحدى ضحايا انتهاكات جبهة البوليساريو:

 

بدأت معاناتي مع البوليساريو منذ الطفولة، حيث تعرضت للتعذيب في أواخر عام 1982 وبداية عام 1983 وأنا ما زلت طفلة صغيرة اغتصبت طفولتي ظلما، وتعرضت للتعذيب رفقة والدي. وقد ظل والدي محبوسا لدى البوليساريو، بينما عانيت رفقة والدتي من كافة أشكال التعذيب النفسي والجسدي باستثناء الاغتصاب، والحمد لله، مع ضرورة الإشارة إلى وجود نساء وفتيات عانين من الاغتصاب الجنسي. وللإشارة، فإن تعذيب والدي كان يتم علانية بغرض تخويف النساء والأطفال والرجال وإبراز شراسة تنظيم البوليساريو.

 

وأتذكر أن سيدي أحمد البطل وجه ضربة قوية صوب فمه، مما تسبب في سقوط أسنانه أمام الناس.. بعد أن تم إحضاره من مسؤول البوليساريو سيدي أحمد البطل الرجل النافذ في البوليساريو ومنفذ سياساتها الأمنية، وعضو الأمانة السياسية لجبهة البوليساريو في ظروف انسانية قاسية جدا.

 

تعرضت لكافة أشكال التعذيب، وما زلت أتذكر أن مسؤول البوليساريو سيدي أحمد البطل أمسكني من شعري أمام والدي وأنا ما زلت طفلة صغيرة، عمري لا يتجاوز 5 سنوات، وشرع في تعذيبي. مررت من تجربة التعذيب مدتها خمس سنوات، ومررت من طفولة لا يمكن تخيل عذاباتها من طرف أي إنسان.

كما أن ابراهيم غالي، زعيم البوليساريو حاليا، كان مسؤولا عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان بمخيمات تندوف (الاختطاف القسري، التعذيب، القتل، الاغتصاب).. قصتي كانت مؤلمة، لكنني صادفت قصصا أبشع منها في مخيمات تندوف، والمؤلم أن ابراهيم غالي وسيدي أحمد البطل، وعددا من المسؤولين في التنظيم الانفصالي المتورطين في هذه الانتهاكات، مازالوا يقودون التنظيم بينما أيديهم مازالت ملطخة بدماء الضحايا.

 

كان تنظيم البوليساريو، وسعيا منه من أجل إبراز شراسته للصحراويين، يلجأ سنويا إلى إذلال وتعذيب مجموعة من المثقفين والأشخاص المعروفين المنتمين لعائلات كبيرة، والذين تلصق بهم مجموعة من التهم. وقد كان الهدف هو أن يظلوا متحكمين داخل التنظيم، والضحايا كانوا من المغاربة.

 

بعد تجربة التعذيب داخل مخيمات تندوف، تم تهجيري إلى كوبا، وهي السياسة الجهنمية التي كانت تنهجها جبهة البوليساريو، تتوخى منها عملية غسيل دماغ لكل الأطفال المهجرين واغتصاب طفولتهم، وشحنهم بأفكار ثورية يسهل معها تجنيدهم فيما بعد ضمن العناصر المسلحة للجبهة، وكانت تجربة مختلفة عن مخيمات تندوف، وقد عانيت في عملية التهجير من فراق أسري، انعكس سلبا على صحتي النفسية.. صادفت عودتي وفاة والدي، والتحاق والدتي بالمغرب. وقد كنت من بين 4 ضحايا تقدموا بشكاية لدى القضاء الإسباني عام 2007 بعد أن غادرت مخيمات تندوف عام 2004، وكنت من بين من فضح ما كان يجهله الناس عن فظاعات قادة البوليساريو. إذ منذ تلك الفترة وأنا أتحرك على مستوى جميع المحافل الدولية لفضح انتهاكات تنظيم البوليساريو، وأملنا الآن كبير في القضاء الإسباني وفي القضاء الدولي كي تأخذ العدالة مجراها الطبيعي وإلقاء القبض على مرتكبي هذه الانتهاكات حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر. فالعدالة ليس فيها استثناء، والقضايا الإجرامية ليس فيها استثناء، فإبراهيم غالي يعتبر مجرما إلى جانب سيدي أحمد البطل ومجموعته.

 

وإذا كانت إسبانيا تقول إنها استقبلت إبراهيم غالي الذي دخل إليها بهوية مزورة لأسباب انسانية، فلا اعتراض لدي. لكن لابد من إلقاء القبض عليه بعد خروجه من المستشفى وتقديمه للمحاكمة، لأنه متورط في جميع انتهاكات حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، إلى جانب إلقاء القبض على قياديين آخرين مازالوا يتحكمون في التنظيم الانفصالي داخل المخيمات. فالأمر يتعلق بحالات إنسانية لآلاف الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب، تفوق أهميتها مرض إبراهيم غالي، وضمنهم مغاربة وموريتانيون ومن جزر الكناري.