كثيرة هي مشاهد الواقع المغربي التي تستوقف تفاصيلها المتأمل ، وتسمعه جرس الإنذار ، منها مشهد كان ولا يزال يشعرني بالأسى والمرارة عند كل صباح تصدح فيه مدارسنا بالنشيد الوطني .
كنت أفاجأ قبل ولوجي المؤسسة بتجمع متعلمين متعمدين التأخر في الالتحاق بالمدرسة حتى انتهاء أقرانهم من ترديد تحية العلم ، رافعين شعار العبث .
لم أجد ضمنهم فتى هب ولبى نداء الوطن ، ولا ثار نورا ونارا ، مغرب أضحت نبضات حبه لا تسمع غالبا إلا في ملاعب الكرة أو في المسابقات الغنائية ، كنت أقدم لنفسي واجب العزاء وأتركها تردد مع الشاعر " بلادي وإن جارت علي عزيزة.
لحظات تحية العلم على الرغم من قصرها كنت أجدها مليئة بدلالات مقلقة أهمها ضعف الولاء للوطن عند بعض ناشئتنا وغياب القداسة في حضرة رمزه ،المشهد يتحول إلى حلبة صراع بين الصفوف ،من سينشز ويتوه الآخر أسرع ،من سيزعق عند تقفيلة النشيد الوطني اكثر ، يحضر العبث ويغيب الخشوع ليغيب معه وهج عذوبة شعر "علي الصقلي الحسني " لم أكن أرى متعلمين على رؤوسهم الطير ، ولكني كنت أرى طيورا مدبرة عن المدرسة لعلها تستمتع بتغريدها بعيدا عن الزعيق المنبعث من ساحتها .
في خضم ذلك الصخب كان يلوح لناظري طيف الجلال والخشوع للوطن يطل بين صفوف متعلمي الصين التي نجحت بامتياز في غرس إيديو لوجية الولاء للبلد لد ناشئتها وشاهدها العالم تقطف ثمارها أثناء التعامل مع كوفيد 19.
ينتهي مشهد تحية العلم الحزين ،لكن فكري يظل منشغلا لماذا هذا العبث والنزق لدى بعض متعلمينا ؟ هل الأمر منبعه المناهج التعليمية المعتمدة في المدرسة المغربية التي صادفت فيها كل شيء الا النجاح ؟ أم أنه رد فعل سيكولوجي لمواطن مقهور من طرف حكومات ابتلي بها فرهقته ؟ أو لربما الأمر مرتبط بالنشيد الوطني لم تنبع جمله الموسيقية من رحم الوطن وحناياه ، نبعث من قبطان فرنسي "دليو مورغان " بتكليف من المارشال ليوطي ؟
أكيد لا القبطان ولا المرشال "حبهما " للمغرب يدم الأجداد .