الاثنين 25 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عبد الرحيم هريوى: ٱلْبَزُّولَةُ لَحْنِينَه...!

عبد الرحيم هريوى: ٱلْبَزُّولَةُ لَحْنِينَه...! عبد الرحيم هريوى

هو حليب لضرع ضخم كبير لبقرة حلوب، مثله مثل حليب ثدي الأم للطفل الصغير عند إفطامه. ولعل المغاربة عادة ما يتكلمون عن "البزولة لحنينة"، أي أنهم يقصدون من كلامهم ذاك، ما يتم مصُّه مصّاً مسترسلا وقويا، كي تُرْوَى به الذات العطشى، والمتلهفة لرياضة المص.. ونضرب الأمثال في سياق كلامنا المباح، في كذا مواقع عن المصالح الشخصية والاستفادة من الريع بكل أشكاله وأنواعه وأصنافه، ومنه الاقتصادي والنقابي... وأخطرهم السياسي منه، وما أراهم إلا في طابور طويل أمامي وهم يتدافعون.. يتنافسون.. يتسابقون.. يتكتلون لجمع الثروة الضخمة والمال الكثير، على "دواير الزمان" قبل خروجهم من الدار لكبيرة المعلومة وفوات الأوان، "ولفرط يكرط "؛ وتلك لربما لغة أخرى لا يفهمها إلا من له ارتباط بعالم البزولة الحنينة والمص الهستيري للحليب الدافئ، والمفيد للذات بكل مكوناته الطبيعية طبعا ..!

 

نعم؛ لعل عملية مص الحليب قد لا تتوقف حركتها في الزمان والمكان، وليس هو بمص القطران للكثيرين الذين يعانون صعوبة العيش، والحصول على لقمة بئيسة  لسد رمق الجوع. وها هنا نضرب الأمثال لعلهم يتفكرون أو يتذكرون بل إنهم لن يحرجون..!

 

فعندما كانت أمهاتنا، ونحن في سن الطفولة المبكرة، تُرِدْنَ أن تفطمن صغارهُنَّ، يضعن في رأس البزولة مادة القطران الحار، التي لربما تطرد حتى الحشرات السامة، لذلك كان الأجداد يضعونها في فم الخابية، ولما يمصُّه الطفل الصغير، يشعر حينئذ بأن هذا المكان لم يبق صالحا للمص كما ألفه، ولم يعد مصدر حليب طازج. وبذلك يتم إفطامه عن بزولته التي تربطه بالصدر الحنين، وبتلك الحيلة يكون ما يكون، فيما بعد من هجران للمكان المعلوم..!

 

فكم من المصاصين اليوم، وما أكثرهم يحتاجون للقطران وهم قد كبروا وجبلوا عليه، ولم يشبعوا، حتى يعودوا لوضعهم الطبيعي القديم، ويعرفون قيمتهم الحقيقية، وبأن زمن المص والرضع قد ولى عنهم بدون رجعة، وبأن الربيع العربي الذي دفنوه، ها هو في طريقه لدفنهم هم أيضا في مزبلة التاريخ. وتلك الأيام نداولها بين الناس، كيفما تدين تدان، إن العدل يرى ما لا تراه عيون بني البشر.. يا ٱبن أمي..!!

 

وانتهى زمن المص..

إنهم مصاصو أرزاق الضعفاء والبؤساء والفقراء والمساكين من أبناء شعوبهم  ..!!