في السنوات 15 الأخيرة تناوب على عمالة عين الشق بالدارالبيضاء سبعة عمال، أي أن كل مسؤول لم يقض في المعدل سوى سنتين على رأس هذه العمالة. وهذا اللااستقرار كانت له تأثيرات كارثية على تدبير مصالح نصف مليون من السكان، بحكم أن المسؤول ما أن «يسخن بلاصتو»، حتى يقوم بـ «جمع حوايجو» ويعين آخر مكانه، وهكذا دواليك.
ومن مكر الصدف أن مقر عمالة عين الشق (حيث مكتب ممثل الدولة الساهر على تدبير وحسن رعاية شؤون المواطنين) يوجد على الحدود مع تراب عمالة الحي الحسني في تقاطع شارع أبو بكر القادري مع الشارع المؤدي إلى مدينة النسيم عبر إقامة المولد. وهو التقاطع الذي يعد إحدى أهم النقط السوداء في مجال السير والجولان بالدارالبيضاء.
ورغم أن المشروع قدم للملك في إطار تأهيل العاصمة الاقتصادية (برنامج 2020-2015)، فإن شركة الدارالبيضاء للتهيئة تحايلت على روح التهيئة وقامت بإعادة تزفيت شارع أبوبكر القادري وليس بإعادة هيكلة هذا المحور الطرقي وإعادة تهيئة محيط مقر عمالة عين الشق وأحياء المستقبل وحمزة وحافظ الخير وعلاقة ذلك بشارع القدس وإقامة باشكو ولاكولين، وبالتالي ضاعت فرصة تخفيف الاحتقان المروري بهذا الحوض الجغرافي.
ففي هذا التقاطع، تتقاطع المصالح التجارية والخدماتية الكبرى التي تنتج الثروة بالمغرب، بالنظر إلى أن تقاطع شارع أبي بكر القادري مع المولد، هو المعبر الوحيد الرابط بين ثلاثة أحياء صناعية كبرى بالدارالبيضاء: الحي الصناعي سيدي معروف والحي الصناعي ليساسفة وحي الخدمات «كازانيرشور».
مكتب عامل عمالة عين الشق يطل مباشرة على هذا المعبر الأسود، ومع ذلك لم يتدخل أي مسؤول ترابي لـ «قلب الطاولة» على الوالي أو على مدير شركة الدارالبيضاء للتهيئة أو على العمدة للتحرك العاجل لتخفيف عذابات مستعملي الطريق.
وهنا سنعطي ثلاثة مؤشرات فقط لإبراز فداحة الموقف، فالسلطات العمومية (خاصة الوكالة الحضرية وولاية الدارالبيضاء والبلدية) رخصت لشركة الضحى لإقامة مشروع «المستقبل»، وهو تجمع للسكن الاقتصادي يضم حوالي 9600 شقة مزروعة في مساحة لا تتجاوز 40 هكتارا (أي ما يقارب مساحة مركب محمد الخامس وحواشيه!)، وهو مشروع تقطن فيه لوحده حوالي 56 ألف نسمة! (للمقارنة مدينة الحسيمة لا يتعدى سكانها 56 ألف نسمة على مساحة 1600 هكتار!).
وبما أن مشروع الضحى تم زرعه بشكل استثنائي (Dérogation) خارج ما نصت عليه تصاميم التهيئة، كان لزاما اتخاذ إجراءات استثنائية أيضا لمصاحبة هذا الترخيص (بناء جسر أو نفق، فضلا عن شق طرق جديدة)، لكن للأسف الدولة سايرت الشركة للترخيص لها بزرع «قنبلة عمرانية» دون أن تنجز المرافق المواكبة لتخفيف عذابات المواطنين.
المؤشر الثاني، يتجلى في أن الدولة فتحت أزيد من 200 هكتار في وجه التعمير بشكل استثنائي Dérogation) في مدينة النسيم لاستقبال 200 ألف نسمة، ولم يتم اتخاذ أي إجراء مصاحب لتخفيف عذابات سكان هذا الحوض الممتد من واد بوسكورة إلى طريق مراكش، مرورا بشارع أبي بكر القادري.
وبدل أن تنجز ثلاثة أو أربعة ممرات طرقية بين النسيم وسيدي معروف (واختراق السكك الحديدية)، أغلقت السلطة الممر اليتيم قرب محطة القطار النسيم، وحولت كل حركات السير بتدفقاتها الضخمة جدا نحو قنطرة إقامة المولد قرب مقر عمالة عين الشق. في الوقت الذي كان لزاما على السلطات العمومية والشركات المستفيدة من العمليات العمرانية إنجاز طرق إضافية (مثلا من نقطة انتهاء المدار الجنوبي بحي إيسلان إلى حي البام مرورا بسارع أولاد حدو.وكذا بإحداث شارع من مسجد القزابري بالنسيم إلى مكتب الصرف عبر دوار مقيليبة ليلتقي بطرق الجديدة...إلخ)، لامتصاص الضغط من جهة وتسهيل التنقلات الحضرية من جهة ثانية.
المؤشر الثالث، أن الدولة، وفي إطار خططها الاستثنائية قامت باحداث «كازانيرشور» خارج ضوابط تصميم التهيئة بمقتضى سلطة الاستثناء (Dérogation). ومرة أخرى بدون أن يواكب القرار اتخاذ الاجراءات المصاحبة لهذا المشروع الضخم الذي يستقطب لوحده أزيد من 27 ألف سيارة لم يتم التخطيط لمساراتها وانسيابها بين الأحياء بشكل يجعل الضغط على زقاق ضيق يربط بين كازانيرشور وشارع أبو بكر القادري.
«ولتكتمل الباهية»، قام المخطط الحضري بفتح بوسكورة المجاورة في وجه التعمير (الخدماتي والسكني والصناعي) ليزيد الوضع انفجارا، لدرجة أن المرور من مدار «شيفرولي» أو مدار المستقبل أو مدار عزبان يعد أصعب من تلقي حصة تعذيب في جهنم! (مع الاعتذار على هذه الاستعارة).
ومن الأباطيل التي تم الترويج لها قبيل إحداث عمالة عين الشق (وغيرها من عمالات مقاطعات الدارالبيضاء) أن المشرع ارتأى خلق هذه الوحدات الترابية لتجويد عيش السكان! والحال أن وضعية السكان لم تزدد إلا سوءا وتدهورا، رغم أن عمالة عين الشق تناوب عليها كما أسلفنا سبعة مسؤولين في ظر ف 15 سنة.
فما جدوى تعيين عامل إن كان مشكل واحد «يتجرجر» 15 عاما دون أن يتم حله!؟ ما جدوى تعيين عامل إن لم يتم تعبئة الموارد الدستورية والقانونية المخولة له لجمع المصالح العمومية المعنية لاتخاذ القرار في اتجاه إسعاد المواطنين والتجاوب مع انتظاراتهم وتصحيح الاعوجاجات الناتجة عن الدينامية الحضرية اليومية؟ ما جدوى تعيين عامل لم يقو على حل مشكل اختناق رهيب للمرور قرب مقر مكتبه كل يوم، فأحرى أن ننتظر منه حل مشكل اختناق الثقة بين المواطن وباقي المؤسسات العمومية الموكول لها السهر على تدبير شؤونه!؟
وهل تعيين العمال وانتخاب المسيرين المحليين وتعيين المدراء بالوكالات وشركات التنمية يروم تجفيف منابع الاحتقان الاجتماعي أم تأجيج وتأزيم الأوضاع؟
ومن مكر الصدف أن مقر عمالة عين الشق (حيث مكتب ممثل الدولة الساهر على تدبير وحسن رعاية شؤون المواطنين) يوجد على الحدود مع تراب عمالة الحي الحسني في تقاطع شارع أبو بكر القادري مع الشارع المؤدي إلى مدينة النسيم عبر إقامة المولد. وهو التقاطع الذي يعد إحدى أهم النقط السوداء في مجال السير والجولان بالدارالبيضاء.
ورغم أن المشروع قدم للملك في إطار تأهيل العاصمة الاقتصادية (برنامج 2020-2015)، فإن شركة الدارالبيضاء للتهيئة تحايلت على روح التهيئة وقامت بإعادة تزفيت شارع أبوبكر القادري وليس بإعادة هيكلة هذا المحور الطرقي وإعادة تهيئة محيط مقر عمالة عين الشق وأحياء المستقبل وحمزة وحافظ الخير وعلاقة ذلك بشارع القدس وإقامة باشكو ولاكولين، وبالتالي ضاعت فرصة تخفيف الاحتقان المروري بهذا الحوض الجغرافي.
ففي هذا التقاطع، تتقاطع المصالح التجارية والخدماتية الكبرى التي تنتج الثروة بالمغرب، بالنظر إلى أن تقاطع شارع أبي بكر القادري مع المولد، هو المعبر الوحيد الرابط بين ثلاثة أحياء صناعية كبرى بالدارالبيضاء: الحي الصناعي سيدي معروف والحي الصناعي ليساسفة وحي الخدمات «كازانيرشور».
مكتب عامل عمالة عين الشق يطل مباشرة على هذا المعبر الأسود، ومع ذلك لم يتدخل أي مسؤول ترابي لـ «قلب الطاولة» على الوالي أو على مدير شركة الدارالبيضاء للتهيئة أو على العمدة للتحرك العاجل لتخفيف عذابات مستعملي الطريق.
وهنا سنعطي ثلاثة مؤشرات فقط لإبراز فداحة الموقف، فالسلطات العمومية (خاصة الوكالة الحضرية وولاية الدارالبيضاء والبلدية) رخصت لشركة الضحى لإقامة مشروع «المستقبل»، وهو تجمع للسكن الاقتصادي يضم حوالي 9600 شقة مزروعة في مساحة لا تتجاوز 40 هكتارا (أي ما يقارب مساحة مركب محمد الخامس وحواشيه!)، وهو مشروع تقطن فيه لوحده حوالي 56 ألف نسمة! (للمقارنة مدينة الحسيمة لا يتعدى سكانها 56 ألف نسمة على مساحة 1600 هكتار!).
وبما أن مشروع الضحى تم زرعه بشكل استثنائي (Dérogation) خارج ما نصت عليه تصاميم التهيئة، كان لزاما اتخاذ إجراءات استثنائية أيضا لمصاحبة هذا الترخيص (بناء جسر أو نفق، فضلا عن شق طرق جديدة)، لكن للأسف الدولة سايرت الشركة للترخيص لها بزرع «قنبلة عمرانية» دون أن تنجز المرافق المواكبة لتخفيف عذابات المواطنين.
المؤشر الثاني، يتجلى في أن الدولة فتحت أزيد من 200 هكتار في وجه التعمير بشكل استثنائي Dérogation) في مدينة النسيم لاستقبال 200 ألف نسمة، ولم يتم اتخاذ أي إجراء مصاحب لتخفيف عذابات سكان هذا الحوض الممتد من واد بوسكورة إلى طريق مراكش، مرورا بشارع أبي بكر القادري.
وبدل أن تنجز ثلاثة أو أربعة ممرات طرقية بين النسيم وسيدي معروف (واختراق السكك الحديدية)، أغلقت السلطة الممر اليتيم قرب محطة القطار النسيم، وحولت كل حركات السير بتدفقاتها الضخمة جدا نحو قنطرة إقامة المولد قرب مقر عمالة عين الشق. في الوقت الذي كان لزاما على السلطات العمومية والشركات المستفيدة من العمليات العمرانية إنجاز طرق إضافية (مثلا من نقطة انتهاء المدار الجنوبي بحي إيسلان إلى حي البام مرورا بسارع أولاد حدو.وكذا بإحداث شارع من مسجد القزابري بالنسيم إلى مكتب الصرف عبر دوار مقيليبة ليلتقي بطرق الجديدة...إلخ)، لامتصاص الضغط من جهة وتسهيل التنقلات الحضرية من جهة ثانية.
المؤشر الثالث، أن الدولة، وفي إطار خططها الاستثنائية قامت باحداث «كازانيرشور» خارج ضوابط تصميم التهيئة بمقتضى سلطة الاستثناء (Dérogation). ومرة أخرى بدون أن يواكب القرار اتخاذ الاجراءات المصاحبة لهذا المشروع الضخم الذي يستقطب لوحده أزيد من 27 ألف سيارة لم يتم التخطيط لمساراتها وانسيابها بين الأحياء بشكل يجعل الضغط على زقاق ضيق يربط بين كازانيرشور وشارع أبو بكر القادري.
«ولتكتمل الباهية»، قام المخطط الحضري بفتح بوسكورة المجاورة في وجه التعمير (الخدماتي والسكني والصناعي) ليزيد الوضع انفجارا، لدرجة أن المرور من مدار «شيفرولي» أو مدار المستقبل أو مدار عزبان يعد أصعب من تلقي حصة تعذيب في جهنم! (مع الاعتذار على هذه الاستعارة).
ومن الأباطيل التي تم الترويج لها قبيل إحداث عمالة عين الشق (وغيرها من عمالات مقاطعات الدارالبيضاء) أن المشرع ارتأى خلق هذه الوحدات الترابية لتجويد عيش السكان! والحال أن وضعية السكان لم تزدد إلا سوءا وتدهورا، رغم أن عمالة عين الشق تناوب عليها كما أسلفنا سبعة مسؤولين في ظر ف 15 سنة.
فما جدوى تعيين عامل إن كان مشكل واحد «يتجرجر» 15 عاما دون أن يتم حله!؟ ما جدوى تعيين عامل إن لم يتم تعبئة الموارد الدستورية والقانونية المخولة له لجمع المصالح العمومية المعنية لاتخاذ القرار في اتجاه إسعاد المواطنين والتجاوب مع انتظاراتهم وتصحيح الاعوجاجات الناتجة عن الدينامية الحضرية اليومية؟ ما جدوى تعيين عامل لم يقو على حل مشكل اختناق رهيب للمرور قرب مقر مكتبه كل يوم، فأحرى أن ننتظر منه حل مشكل اختناق الثقة بين المواطن وباقي المؤسسات العمومية الموكول لها السهر على تدبير شؤونه!؟
وهل تعيين العمال وانتخاب المسيرين المحليين وتعيين المدراء بالوكالات وشركات التنمية يروم تجفيف منابع الاحتقان الاجتماعي أم تأجيج وتأزيم الأوضاع؟