غالبا ما ترتبط بعض المصطلحات المتداولة في الساحة بزمنها السياسي والإيديولوجي والثقافي... فتعبر عن مرحلة ما و عن توجه عام ...لتؤرخ هذه المصطلحات لحقبة ما، إنغلاقية أو منفتحة، استبدادية أوديمقراطية...
ففي تاريخنا المعاصر عرفت بعض المصطلحات السياسية والإيديولوجية والثقافية المتداولة في المغرب تحولا في صيغتها الصرفية لتوافق التحول السياسي والإيديولوجي، ولتعبر عن مرحلة جديدة شهدها البلد سياسيا وثقافيا منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي.
من هذه المصطلحات الأساسية، مصطلح " المغربة" الذي تبنته الحركة الوطنية بوجهيها السلفي واليساري منذ الستينات ضمن المبادئ الأربعة المشهورة التي حملتها و فرضتها في التعليم وهي: المغربة و التعريب، والتعميم والتوحيد. لتشمل المغربة والتعريب باقي نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية...
مصطلح "المغربة" هنا مرتبط مباشرة بالتعريب، أي أن المغربة هنا ملازمة لمبدأ التعريب انسجاما مع إيديولوجية الحركة الوطنية الحاملة للإديولوجية القومية العربية والرامية إلى تعريب المغرب وإلحاقه بالشرق بكل الوسائل الرسمية المشروعة و غير المشروعة، أي محاولتها استنساخ التجارب الشرقية السياسية والتعليمية والثقافية في البلد، ونعرف كيف انتهت هذه التجارب في بلدانها.
وأمام إخفاق مشروع الحركة الوطنية نتيجة استنباتها لمشروعها هذا في جغرافية متميزة بتاريخها وبحضارتنا المتميزة وبثقافتها الأمازيغية المستعصية على التدجين، بدأ مصطلح "المغربة" المرتبط بالقومية العربية الاستبدادية ينزاح عن موقعه الأيديولوجي ليتكيف مع التحولات الثقافية والهوياتية التي أحدثها الحركة الأمازيغية بالمغرب ومع التحولات السياسية التي شهدها البلد نحو العودة إلى خصوصيته التاريخية، فتحولت صيغة " المغربة" القومية إلى صيغة " تامغريبيت" الحاملة للهوية المغربية من حيث صيغتها الصرفية الأمازيغية .
أولا (صيغة تامغريبيت)،ومن حيث مدلولها الثقافي والسياسي أي الإنتماء إلى هذا الوطن ثقافيا وحضاريا.
فان ينتقل المغرب من " المغربة" إلى " تامغريبيت" عبر مسار طويل من النضال الثقافي الذي بدأه رواد الحركة الأمازيغية منذ السبعينات هو تحول تاريخي بالنسبة لهذا البلد، لأنه ارجع المغاربة إلى الاهتمام بقضاياهم الوطنية وبالافتخار بهويتهم الثقافية و بحضاراتهم، و بأنه شعب ضاربة جذوره في التاريخ .
وحري أن يحتذى به بدلا من أن يحتذي هو بدول ليست لها ما له من عراقة وحضارة وثقافة.
حيث بدأ هذا المصطلح الجديد يظهر منذ الألفية الثالثة في بعض الصحف المغربية التي غيرت بوصلتها من اتجاهها القومي نحو الوطني ، و يظهر كذلك الآن في خطاب بعض الأحزاب الوطنية التي بدأت تدخل هذا المصطلح في خطابها السياسي والايديولوجي.
استطاع هذا التحول من " المغربة" إلى " تامغريبيت" أن يجنب البلد ويلات الإيديولوجيات التي ارتبطت بالمغربة، فلو نجحت( لا قدر الله) علاش البلد الآن ما تعيشه البلدان التي طبقت هذه الإيديولوجيات.