لا شك أن ضغط كورونا كانت له وجهات متعددة بين ما هو صحي، وما هو اقتصادي واجتماعي ونفسي، وكانت له آثار كبيرة على المواطنات والمواطنين. ولعل هدف الحكومة الأسمى من وراء تدخلها كان هو النقص والحد من هذه الآثار وليس تضخيمها. غير أنه، وللأسف، منذ بداية هذه الجائحة، نجحت حكومتنا الموقرة في أن تكون وجها آخر من عوامل الضغط التي نزلت على المواطن، والتي كان عليه أن يتحملها رغم أنها شكلت أكثر هذه الضغوطات ضررا. فالتدبير الحكومي الذي من المفروض أن يأخذ بزمامه رجالات الدولة من خلال استراتيجيات تدبيرية، وفق رؤية سياسية، من أهم أسسها وعناصرها الفعل وليس رد الفعل.

فجائحة كورونا قدر البشرية الذي من المفروض في الحكومات تخفيف آثاره بعد عجزها عن رده. حكومتنا قامت مند بداية الجائحة أن تكون عاملا إضافيا للضغط من خلال قراراتها "الارتجالية" التي تعلن عنها في أحسن الأحوال يومين قبل تنفيذها... منذ الإعلان عن أول حالة وقراراتها يمكن تلخيصها في "المباغتة" و"السرعة"، يكفينا هنا التذكير بقرار تعليق الدراسة الذي تم الإعلان عنه بعد دخوله حيز التنفيذ، وهو قرار مفاجئ كان ثمنه تربويا في مرحلة أولى من خلال تعذر الأستاذة عن إجراء الفروض المبرمجة؛ ثم اجتماعيا من خلال الارتباك الناتج عن التنقل الطارئ لآلاف الطلبة والتلاميذ من مدن دراستهم لمدنهم الأصلية. ثم الارتباك والتسرع المرتبط بالامتحانات الإشهادبة والجامعية، مرورا بواقعة الخميس الأسود الذي يعتبر نقطة سوداء في التدبير الحكومي وما خلف من اخطار وآثار نفسية ومادية وغيرها على المجتمع والدولة.

ولم نكد ننسى هذه النكبات، حتى أطلت علينا الحكومة بقرار جديد مساء يوم الاثنين 21 دجنبر 2020 ليدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 23 دجنبر، بخصوص إغلاق كلي للمطاعم في مجموعة من المدن المغربية وحظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني لمدة ثلاثة أسابيع.

قرار أكيد أن له انعكاسات كبيرة، رغم أنه قد يعتبر احترازيا نظرا لما تعرفه هذه الفترة من اختلاط محدود، مقارنة بفترات سابقة كعيد الأضحى مثلا، غير أنه لو تم اعتماد استراتيجية تواصلية (تواصل الأزمات) تعتمد المقاربة التشاركية في بناء القرار وتدبير الازمة، ومنهج بيداغوجي لشرح القرار لعموم المواطنين. إلا أن كل هذا يستلزم وقتا كاف يتم توفره ان كانت هناك استراتيجية تدبيرية وفق رؤية سياسية ورجالات دولة يقومون بتنزيلها.

- طارق جداد، نقابي وفاعل جمعوي بسطات