الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي: الثورة الجزائرية في عيدها 66

كريم مولاي: الثورة الجزائرية في عيدها 66 كريم مولاي

يحيي الجزائريون يوم الأحد 1 نونبر 2020، الذكرى السنوية لثورة نونبر، في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية غاية في الصعوبة والتعقيد.. ومع أن الثورة ذاكرة مفعمة برائحة الدماء الزكية التي روت تراب الخضراء مسجلة ملاحم نضالية نقية لم تزدها الأيام إلا نضارة.. مع ذلك فإن ذكراها تحولت الى مناسبة باهتة وفولكلور يردد طقوسا احتفالية أقرب الى تعاويذ لا تغني ولا تسمن من جوع..

 

66 عاما من عمر الثورة الجزائرية ومازالت الدولة الاستعمارية التي قتلت نحو مليوني جزائري هي الشريك الاقتصادي الأول، وهي الفاعل السياسي الجوهري في إدارة شؤون البلاد، وتتدخل في الصغيرة والكبيرة.. لا بل أكثر من ذلك فإن المئات من أبناء الجزائر يحلمون بالهجرة إلى فرنسا، ليس حبا فيها وإنما لأن دولة الاستقلال قد خيبت آمالهم في الحرية والكرامة..

 

ولقد كشف فيروس كورونا المستجد، والذي يبدو أن العصابة الحاكمة في الجزائر لا ترغب في التعامل معه، لا أقول بالجدية اللازمة، وإنما بالحد الأدنى من المطلوب لإنقاذ أرواح الجزائريين، كشف هذا الوباء زيف شعارات التنمية التي لطالما تغنى بها رموز عصابات الفساد التي تداولت على اختطاف الجزائر..

 

نعم أقولها بكل صراحة وصدق وأتحمل مسؤوليتي في ذلك، إن الجزائر تم اختطافها وسرقة ثورتها للعام 66 على التوالي.. وإذا كان الفاعلون المباشرون لهذا الاختطاف هم الأسماء التي مرت على حكم الجزائر، فإن هؤلاء هم واجهة متطورة لذات القوى الاستعمارية، التي اضطرت للتخفي تحت وقع الثورة..

 

لا أقول هذا من باب الرجم بالغيب ولا اتهاما بالباطل لأي جهة سياسية، وإنما أصف واقعا عايشته وعرفته عن قرب يوم كنت جزءا من جهاز الاستعلامات.. وهو ما تؤكده شواهد الحاضر، وآخره التعديل الدستوري الذي تم فرضه على الشعب الجزائري في غفلة من زمن تحالف فيه الاستبداد والفساد والوباء لإخماد حراك شعبي كان قاب قوسين أو أدنى من إعادة إحياء روح نوفمبر الثورية ببريقها الأول..

 

الثورة الجزائرية هي الشاهد التاريخي والمعاصر على جرائم الحداثة الفرنسية وحلفائها من التغريبيين الجزائريين والعرب.. ولولا عبث العابثين لتحولت الجزائر إلى واحدة من اهم بلاد العالم لأنها تمتلك كل شروط النهضة والتقدم. وعلى رأسها شعب صادق في حبه لبلاده وهويته وقد حباه الله بثروة قادرة على تأمينه من الجوع وتوفير الزاد لبناء دولة قوية.. ولولا فضل الله أولا ثم وجود شعب متمسك بهويته رافض للخنوع للاستعمار واذنابه لكان أحفاد الاستعمار من المتنطعين من امثال ماكرون هم من يحكمون خضراءنا..

 

الاستبداد والفساد والنيابة عن الاستعمار في الاساءة لثورتنا ومحاولة تحويل جيشها إلى ميليشيات لتنفيذ أجندات استعمارية، ثم جائحة كورونا كلها عوامل من شانها تعقيد المشهد السياسي في أي دولة متقدمة، فما بالك إذا كان الأمر متعلقا بدولة نامية مثل الجزائر.. لكنها مع ذلك تبقى غير قادرة على استئصال جذوة العزة التي تشبعت بها أجيال الشعب الجزائري..

 

سيقول بعضهم: أنت يا كريم يا مولاي كنت واحدا من هذه الأنظمة التي تتالت على اختطاف الثورة الجزائرية وأنك لم تقل هذا الكلام إلا بعد أن أخذت اللجوء السياسي في بريطانيا.. وهذا أقول له حجته شكليا، لكنه في العمق شهادة واقعية على صدق الجزائري ونقاء سريرته وصعوبة تضليله.. قد يخدعونه لبعض الوقت بشعارات الوطنية كما تفعل العصابة اليوم، لكن مع الوقت والتجربة سيدرك الجزائري كما أدركت أنا زيف تلك الشعارات وخداعها...

 

أما اختيار اللجوء فهو اختيار للموت، إذ أن النفي في الأرض هو أشد أنواع العقوبة التي يمكن أن تصيب الإنسان، والله أدعو أن يحفظ الجزائر والجزائريين من المستبدين والفاسدين والعابثين وأعوان الاستعمار، ومن النفي وقطع الارحام..

 

كل عام والثورة الجزائرية روح متجددة للتحرير والكرامة...