الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحق غريب: ماذا يقع في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء؟

عبد الحق غريب: ماذا يقع في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء؟ عبد الحق غريب
أعلنت جامعة لوسيل الخاصة بقطر عن انطلاق التسجيل ابتداء من يوم 30 يونيو الماضي وعن فتح أبوابها في شتنبر 2020، وكشفت مؤخرا عن رسوم الدراسة، التي تتراوح ما بين 46 ألف و52 ألف ريال قطري (ما بين 12 و14 مليون سم تقريبا) تهم خمسة تكوينات باكالوريوس... وقد عقدت هذه الجامعة شراكة مع جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء (شراكة عام/خاص)، سيحصل بموجبها خريجو جامعة لوسيل على شهادة الباكالوريوس من جامعة الحسن الثاني، بالرغم من أن المغرب يعتمد طبقا للقانون 00-01 نظام LMD منذ سنة 2003، أي أنه لا يعتمد نظام الباكالوريوس.
لن نتحدث هنا عن الجدل الذي  أثاره مجلس جامعة الحسن الثاني بعد أن صادق أغلبية أعضائه على الشراكة بين جامعة الدار البيضاء العمومية وجامعة لوسيل الخاصة بقطر، ولا عن الظروف غير السليمة التي انعقد فيها المجلس، ولا عن غياب نقاش جاد ومسؤول حول هذه الشراكة وغياب الوثائق كاملة والمعلومات والتفاصيل المتعلقة بها... بل ما يهمنا اليوم هو ما يمكن أن نصفه بالانقلاب على دور ومواقف النقابة الوطنية للتعليم العالي.. ما يهمنا اليوم هو سابقة خطيرة في تاريخ النقابة الوطنية للتعليم العالي، ويتعلق الأمر بمصادقة نائب الكاتب الوطني (وهو في نفس الوقت كاتب الفرع الجهوي بالدار البيضاء) لصالح تبضيع وتسليع التعليم، ضدّاً على الموقف التاريخي والثابت للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وكذلك ضد موقف الأحزاب التقدمية والنقابات الوطنية والجادة وكافة شرفاء هذا الوطن تجاه التعليم العمومي.
والشراكة عام/خاص نموذج يقوم في جوهره على تسليع التعليم واعتماد الربح، ويؤدي إلى:
انعدام المساواة، انعدام تكافؤ الفرص، انعدام الإنصاف (لأنه ينبني على الانتقاء والتمييز للحفاظ على المراتب العليا للمؤسسة بما تفرضه المنافسة)... ويؤدي إلى خلق مجتمع طبقي، ناضلت وتناضل ضده كل الهيآت التقدمية والقوى الحية في البلاد. 
للتذكير، عندما كان لحسن الداودي على رأس وزارة التعليم العالي سابقا، حاول بكل الوسائل أن يعدّل القانون 00-01 ليتضمن الشراكة عام/خاص، إلاّ أن النقابة الوطنية للتعليم  العالي كانت له بالمرصاد عبر المكتب الوطني السابق، الذي رفض رفضا قاطعا أن تتم الإشارة في القانون 00-01 إلى الشراكة عام/خاص تحت أي صيغة كانت، حتى أن  المكتب الوطني انسحب من اجتماع مع الوزير، حاول فيه هذا الأخير أن يناقش الشراكة عام/خاص وتعديل القانون 00-01.
هذا دون أن ننسى الانسحاب البطولي والتاريخي لممثل النقابة الوطنية للتعليم  العالي عبد الكريم مدون وممثل الأساتدة بالجامعة عبد الكبير بلاوشو من المجلس الأعلى للتعليم احتجاجا على ضرب مجانية التعليم.
بناء على ما سبق، يحق للرأي العام الجامعي أن يتساءل: ماذا يقع في جامعة الحسن الثاني؟
ما هذا الانقلاب على موقف نقابي ثابت من قبل نائب الكاتب الوطني؟
ماذا تغير بين الأمس واليوم حتى يصادق نائب الكاتب الوطني الحالي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بصفته عضو بمجلس جامعة الحسن الثاني على الشراكة عام/خاص، بين جامعة الدار البيضاء العمومية وجامعة قطر الخاصة؟
أما المضحك المبكي في هذه النازلة هو أن مجلس جامعة الحسن الثاني يضم أربعة أعضاء من المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي بصفتهم أعضاء منتخبين، انفرد منهم نائب الكاتب الوطني لوحده، وصوّت لصالح تبضيع وتسليع التعليم العالي الذي يدافع عنه الوزير ورئيسة الجامعة (ضدّاً على موقف النقابة وموقف حزبه) فيما صوّت الثلاثة الآخرون ضد تسليع التعليم (انسجاما مع موقف النقابة الوطنية للتعليم العالي).
ترى ما هو السر في كل ذلك؟