كمتابع مذمن على الاستماع للاذاعات الوطنية والأجنبية لما يفوق الربع قرن، أستطيع القول أن برنامج "ريحة الدوار" الذي يقدمه المنشط والكوميدي محمد عاطر عبر محطة "إم. إف. إم" يعد واحد من أنجح البرامج الإذاعية، بل قد أجزم القول أنه البرنامج الوحيد الذي يستهويني في زمن تراجعت فيه محتويات البرامج الإذاعية من جهة واكتساح الصورة للمشهد الإعلامي كونيا.
بالإضافة إلى أنه برنامج يرتبط بالبادية ويلامس تفاصيلها بشكل كوميدي عفوي على لسان أهلها من البسطاء و العفويين... فهو وثيقة صوتية أنتروبولوجية يعكس هذا التنوع المدهش في بلدنا...
تنوع يشمل نمط العيش، اللكنة، التقاليد، الثمثلاث، steroypes.... ، وقد تشرفت لحضور تسجيل حلقة من الحلقات من نواحي إثنين الغربية إقليم سيدي بنور(دوار الصديكات) ووقفت على قدرة محمد عاطر على الحديث مع هذه الشريحة من الناس العفويين..
مهمة قد تبدو بسيطة، لكنها في العمق صعبة جدا، لأن الحوار يجب أن يمتح من معجم البادية المليء بالألغاز و الإشارات الخفية...كما استوقفني الرجل بعفويته وغزارة تقافته ونحن نتبادل أطراف الحديث خلال قطع المسافة من الجديدة الى الغربية ذهابا وإيابا.
البرنامج يمكن من خلاله اكتشاف فكاهيين عفويين من البادية... فكاهيين يعيشون في الظل بعيدا عن عدسات الكاميرات التي اعتادت أن تتوجه فقط صوب وجوه لا تضحك المغاربة لأنها تقدم منتوجا (تجاوزا نقول فكاهيا) مفصولا عن التمغرابيت الأصيلة و المتعارف عليها..
يوشعيب الحسناوي/ فاعل تربوي