الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

أمين لقمان: كيف نتعامل مع عيد الأضحى في ظل مخلفات جائحة كورونا..؟

أمين لقمان: كيف نتعامل مع عيد الأضحى في ظل مخلفات جائحة كورونا..؟ أمين لقمان

أجمع فقهاء الإسلام على أن الأضحية سنة مؤكدة، ويكره تركها بالنسبة للقادر عليها، والقادر على الأضحية هو الذي يملك ثمنها فوق حاجاته الضرورية، فكل من يستطيع شراء أضحية من دون حرج أو استدانة مطلوب منه أن يضحي اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم..

 

ومعلوم أن الملك الراحل الحسن الثاني كان قد أمر باعتباره أميرا للمؤمنين بإلغاء هاته السنة ثلاث مرات.. سنة 1963 بفعل تداعيات حرب الرمال مع الجزائر وفي سنة 1981 بفعل الجفاف والأزمة الاقتصادية الخانقة وأيضا سنة 1996 بفعل أيضا الجفاف ونقص قطيع الأغنام..

 

وقد خلفت هاته الحوادث ردود فعل متباينة حيث انتشرت الذبيحة السرية في جنح الظلام، بل أقدم بعضهم على ذبح كلاب وتعليقها في أحد الأسوار نواحي كلميم..

 

ونحن نعيش أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة بفعل مخلفات جائحة كورونا، يتعذر على ملايين الأسر اقتناء أضحية العيد ويتساءل العديدون حول جوازها في هاته الظروف، وهل يجب شرعا الاستغناء عليها لضيق الحاجة وعسرها..؟

 

لذلك لابد من توضيح مقاصد هذا الطقس الديني الراسخ والمتمثل أصلا في التقرب بأضحية العيد من الله وشكره في الأيام العشر التي أقسم بها الله في كتابه الكريم "والفجر وليال عشر" ومن أجل مقاصد ذبح أضحية العيد أيضا التوسعة على الفقراء والمحتاجين واقتسام الاضحية معهم.. لقد كان الغرض الأسمى منها هو الفداء والأضحية تذكرنا دائما بقصة الفداء لإسماعيل عليه السلام، عندما رأى إبراهيم في المنام أنه يذبح ولده، فلما همّ بتنفيذ رؤياه واستسلم كل منهما لقضاء الله جاء الفداء من السماء "وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم"..

 

ولكل ذلك فإنني أرى أنه من واجب المؤسسات القائمة على شؤون الدين في البلاد أن تتخذ الموقف اللازم في هاته الظروف وهذا الموقف يجب أن ينبني على هاته المقاصد الأصيلة لعيد الأضحى..

 

لذلك أرى أن الموقف الراجح لكي لا نخلق أزمة على أنقاض أزمة أخرى.. وأيضا لكي لا نخنق الفلاح والاقتصاد القروي المبني في جزء كبير منه على تربية المواشي.. ولكي لا تتكرر الذبيحة السرية والفتوى والفتاوي المضادة.. يجب على الدولة أن تسعى إلى المقاصد التضامنية الإسلامية وتخصص دعما استثنائيا لكل الأسر المعوزة لمواجهة جزء من تكاليف الأضحية.. وأن تعلن عبر مؤسساتها الدينية عن واجب التضامن بين الفقراء والأغنياء التي من أجلها قام عيد الأضحى.. وأيضا الإعلان الصريح عن جواز الاستغناء وجواز القيام بهذه السنة المؤكدة واقتسامها مع الغير..

 

ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.