Friday 6 June 2025
كتاب الرأي

عبد الصادق بومدين: قد يكون الدكتور العثماني مارس العنف في حق خصومه.. لكن هذا لا يبرر العنف ضده

عبد الصادق بومدين: قد يكون الدكتور العثماني مارس العنف في حق خصومه.. لكن هذا لا يبرر العنف ضده عبد الصادق بومدين
منع الدكتور سعد الدين العثماني من إلقاء محاضرة بجامعة تطوان من طرف بعض الطلبة سلوك ممجوج غير حضاري وغير ديمقراطي إطلاقا ومدان ومرفوض كيفما كانت المبررات، وكيفما كانت توجهات هؤلاء الطلبة وانتماءاتهم الأيديولوجية والسياسية.
الدكتور العثماني لم يحضر بصفته الأيديولوجية أو السياسية الحزبية بل بصفته العلمية كمختص في علم النفس.
ولم يكن ليلقي محاضرة في موضوع سياسي او أيديولوجي بل في مجال تخصصه العلمي.
حتى وإن كان سيلقي محاضرة سياسية أو في مجال أيديولوجي فهذا ليس مبررا لمنعه بل بالعكس الاستماع إليه ومناقشته والدفاع عن رأي أو موقف أو مقاربة أخرى لما سيقدمه براي آخر ومقاربة أخرى وعبر الحوار الفكري الراقي وليس بالأيدي.
هذا هو الفكر والسلوك الديمقراطين..
من المؤسف أن تستمر الجامعة في إنتاج هذه السلوكات المنافية لأبسط قواعد الديمقراطية، كما في الماضي ومنذ سبعينيات القرن الماضي، في الوقت الذي كان ينبغي العكس، أي أن يكون الفضاء الجامعي مجالا لتعدد الأفكار والمواقف وفضاء للتربية على حق الاختلاف والممارسات الديمقراطية والصراع الفكري بين الافكار والتوجهات بشكل سلمي وبالعقل وليس بالعنف واستعمال الجسد.
المفروض أن يكون في الجامعة عقول وليس أجساد فقط، أن تكون أقلام وليس ايدي تحمل الهراوات لممارسة العنف، أن تكون في الجامعة عقول تفكر وليس عقولا مجمدة تابعة.. ثقافة النقد والاختلاف والحوار وليس عقلية القطيع..
أن يكون الفضاء الجامعي مجالا للممارسة الديمقراطية والتمرين على هذه الممارسة، ليمكن نقلها للمجتمع من طرف من يفترض أنهم نخبة.
هذا السلوك الذي مورس في حق الدكتور العثماني ليس جديدا في الجامعة المغربية، فهو موجود بل متأصل فيها منذ عقود، وقد يكون الدكتور العثماني قد مارسه هو الآخر في شبابه الطلابي ضد الخصوم الايديولوجيين، لكن هذا ليس مبررا لتعنيفه ورفض حضوره للجامعة، فالمفروض أن تتقدم العقليات مع الأجيال الجديدة وتتقدم الثقافة الديمقراطية وحق الاختلاف.. وليس العكس.
لكن مع الأسف يزيد الوضع تدهورا عوض ذلك وتستمر الجامعة في إنتاج سلوكات وممارسة العنف الفكري والجسدي والتعصب الأعمى والسلوك البدائي في الحياة العامة داخل الجامعة.
هذا يمارسه الجميع، مع الأسف، من اليمين الديني واليسار الأصولي، وبعض التيارات الأمازيغية الأصولية.. هذا هو الواقع المر.
كيف يمكن ان يتقدم المغرب ثقافيا وفكريا وديمقراطيا مع استمرار إنتاج مثل هذه السلوكات البدائية.
يصعب على أقل تقدير..
قال فرويد أن الحضارة الإنسانية بدأت عندما رمى أول إنسان بدائي بكلمة للمناداة على إنسان آخر عوض أن يرميه بحجر للفت انتباهه!
لذلك فرمي الحجر وما شابه كطريقة للحوار مع آخر هو سلوك بدائي ينتمي لمرحلة ما قبل الإنسان، ما قبل الحضارة الإنسانية، التي قامت على العقل واللسان ثم القلم وليس على اليد والحجر!!