الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

حسن نجمي: صلاح ستيتيه.. ستبقى هنا، نصًّا وروحًا وذكرى حية على الدوام

حسن نجمي: صلاح ستيتيه.. ستبقى هنا، نصًّا وروحًا وذكرى حية على الدوام الشاعر حسن نجمي (يسارا) والراحل الشاعر صلاح ستيتيه

غيّب الموت، مساء الثلاثاء 19 ماي 2020، الشاعر والدبلوماسي اللبناني صلاح ستيتيه بالعاصمة الفرنسية باريس، عن عمر ناهز 91 عامًا، ليختتم مسيرة حياتية حافلة قضاها داخل "ليل معنى" الشعر والتأمل فكرا في الشعر... ويعد ستيتيه أشهر شاعر لبناني يكتب بالفرنسية؛ إذ اختارها لغة لأشعاره التي ترجمت إلى عدة لغات عالمية أخرى.

من أبرز أعماله الشعرية: "الماء البارد المحفوظ"، و"حملة النار"، و"تعاكس الشجرة والصمت". كما ترجم قصائد لأدونيس وجبران خليل جبران من اللغة العربيّة إلى الفرنسيّة.

الشاعر والروائي حسن نجمي، بحكم انتمائه لـ "ليل معنى الشعر"، ولصداقته الشعرية والإنسانية مع الشاعر صلاح ستيتيه، كتب تدوينة على صفحته بالفيسبوك، يحكي فيها بعضا من علاقته بالراحل ستيتيه ومرور هذا الأخير بالمغرب سفيرا لبلاده لبنان، نُشركها (التدوينة) مع قراء "أنفاس بريس":

 

"غادرنا يوم الثلاثاء 19 ماي 2020 في باريس الشاعر العربي اللبناني صلاح ستيتيه (1929- 2020)، أحد كبار الشعراء العرب الذين كتبوا بالفرنسية، إلى جانب الشاعر اللبناني الآخر العظيم جورج شحادة والمصريتين أندري شِديد وجويس منصور، والمغاربيين البارزين من أمثال محمد خير الدين، مالك حداد، عبد اللطيف اللعبي، الطاهر بن جلون، مصطفى النيسابوري، محمد الواكيرة  على سبيل المثال لا الحصر.

 

تعرفتُ على الشاعر صلاح ستيتيه في تونس، سنة 1994 أثناء مشاركتنا في مهرجان شعري دعاني إليه الشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد، رئيس بيت الشعر في تونس آنذاك، ضمن فعاليات مهرجان القصور الصحراوية في مدينة تطاوين جنوب تونس. وكان من الشعراء المشاركين منصف الوهايبي، كمال بوعجيلة، دينامو المهرجان، صلاح ستيتيه، كلارا خانيس من إسبانيا، كلود داربيلي من سويسرا ممن أذكرهم الآن.

 

جاء صلاح إلى المهرجان في صحبة رومانسية باذخة زادته شبابا. وبدا طيلة أيام المهرجان متألقا ممتلئا بشهية الحياة، مقبلا على الشعر والجمال. وأعطاني بعضا من كتبه، وعددا خاصا عنه وحول شعره من مجلة فرنسية رصينة. كما أتاح لي أن أجالسه وأرافقه مطولا، بل وأن أجري معه حوارا. كما أعطاني نسخة من كتاب أستاذنا الشاعر والباحث الجامعي المغربي د. محمد السرغيني "ليل المعنى"، وهو قراءة نقدية عاشقة في شعر ستيتيه لم أكن أعلم بوجودها من قبل.

 

مرَّ صلاح سريعًا في المغرب سفيرًا لبلاده، الجمهورية اللبنانية، في الرباط دون أن ينفتح على الحياة الأدبية والثقافية في بلادنا. وأظن، باستثناء الراحل عبد الكبير الخطيبي، وربما الأستاذ سي محمد السرغيني، لم يلتقِ أحدًا من شعراء المغرب بالفرنسية أو العربية.

 

شاعر عربي ومثقف كبير، عميق وحقيقي بخلفية فكرية ومعرفية قوية، خصوصا في كل ما يتعلق بجذور الثقافة الشرقية وضمنها الحضارة العربية الإسلامية، شعرًا وآدابًا وتاريخًا وثقافةً وتصوفا. وكان أفقه الشعري والجمالي كونيا. وللأسف، لم تترجم أعماله الشعرية والفكرية كاملة إلى العربية. كما أن شعره ترجم في مختارات ثلاث لعل أهمها ما أنجزه الأخ الصديق كاظم جهاد أساسًا. ولعل رحيل صلاح ستيتيه يفتح الشهية من جديد لاستعادة تجربته وإعادة النص إلى أهله ومائه وحاضنته العربية .

 

صلاح ستيتية، الشاعر، وداعًا .

 

وستبقى هنا، نصًّا وروحًا وذكرى حية على الدوام.

 

خالص العزاء لأهله ولكافة أصدقائه ومحبيه الخلّص، ولعموم قرائه داخل العالم العربي وخارجه".