الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

أحداف : المجتمع الدولي مطالب بإنقاذ المحتجزين بتندوف من كارثة إنسانية

أحداف : المجتمع الدولي مطالب بإنقاذ المحتجزين بتندوف من كارثة إنسانية محمد أحداف
يرى محمد أحداف، أستاذ جامعي أن الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط ستكون له عدد من التداعيات على الجزائر، أولها انكماش الطلب الجزائري على المنتجات العسكرية لا سيما من السوق التقليدي للجزائر أي المصانع الروسية، كما أن هذا الانهيار سينجم عنه فرملة السباق المحموم للنخبة السياسية بالجزائر.
كما يتطرق إلى تداعيات هذا الانهيار على جمهورية الخيام البالية في تندوف التي تمول من طرف النخبة العسكرية الحاكمة، محذرا من وقوع كارثة إنسانية بالجنوب الجزائري سيكون ضحيته المحتجزين في المخيمات، بسبب شح المياه وقلة مواد التطهير والتعقيم والمواد الغذائية .
 
كيف تقرأ تداعيات انهيار أسعار النفط على الصعيد العالمي، علما أن هناك من يشير إلى أن تداعياتها ستكون وخيمة أيضا على الجمهورية الوهمية للبوليساريو التي تعتمد على دعم النظام العسكري الجزائري؟
أولا علينا أن نسجل الانهيار التاريخي غير المسبوق لأسعار النفط على الصعيد العالمي إلى حدود أن العقود الآجلة بالنسبة للبترول الخام بتيكساس بالولايات المتحدة الأمريكية وصل منذ يومين إلى ناقص 37 دولار، ومعناه أن المنتجين سوف يؤدون إلى مقتني هذه البضاعة مصاريف شحنها، ومن الصعب التنبؤ بتعافي الاقتصاديات المرتبطة بإنتاج النفط وتسويقه الأمر الذي يخدم مصالح عدد من الدول النامية مثل المغرب الذي يستورد كل متطلباته من هذه المادة من الأسواق الدولية، غير أن الانخفاض التاريخي له انعكاس خطير على موازنات بعض الدول مثل الجزائر، وبعض دول الشرق الأوسط الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة " أوبك ".
وعودة إلى موضوع تداعيات هذا الانهيار على الجزائر سوف نلاحظ أن اقتصاد الجزائر قائم بالأساس على موارد النفط بما يناهز 98 في المائة، ونعلم أن السنوات الخمس الماضية ترتب عنها بعد انخفاض أسعار البرميل إلى ما دون 50 – 60 دولار تآكل الصندوق السيادي للجزائر، بحيث أنه انخفض من 350 مليار دولار إلى أقل من 50 مليار ودولار، وهذا يعني أن الجزائر ماضية في استهلاك احتياطها التاريخي الإستراتيجي من العملة الصعبة، ونعلم أن المغاربة في معظم الأحوال يسعدهم كثيرا انخفاض أسعار النفط على الصعيد الدولي ليس فقط لتأثيره على مستويات الأسعار ببلادنا، لارتباط التأثير العالمي لانخفاض عملات البترول بقضية وحدتنا الترابية، لما لها من علاقة مباشرة بالسياسة الخارجية الجزائرية، والتي تقوم على عدد من الثوابت التي تعتبر مقدسة بالنسبة للنظام العسكري الجزائري، وأولى هذه الثوابت هي شراء ذمم العديد من الدول الإفريقية التي تعاني من صعوبات اقتصادية خطيرة الأمر الذي يسعفها في بيع أصواتها في المنتديات الدولية مثل الإتحاد الإفريقي، وأيضا تمويل جمهورية الخيام البالية من خردة الأسلحة التي تجود بها الثكنات العسكرية الجزائرية، وبعض المواد الغذائية، وثالثا محاولة جر المغرب إلى سباق تاريخي غير مسبوق في منطقة شمال إفريقيا نحو التسلح، وهذا تعلمه جيدا الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، واسبانيا وروسيا والصين، وهدف الطغمة العسكرية الجزائرية من هذا هو انهيار الاقتصاد المغربي، لأن المغرب لن يقوى على مجاراة هذا السباق الذي تغذيه العائدات التاريخية للمنتوجات البترولية في الجزائر.
 
هذا يعني أن انهيار أسعار البترول على الصعيد العالمي سيؤدي إلى تراجع السباق نحو التسلح في شمال إفريقيا ؟
أكيد..الانهيار ستكون له عدد من التداعيات على الجزائر، أولها انكماش الطلب الجزائري على المنتجات العسكرية لا سيما من السوق التقليدي للجزائر أي المصانع الروسية، وهذا سوف يفرمل نوعا ما السباق المحموم للنخبة السياسية بالجزائر، وما يعتبر مؤكدا من منظور استراتيجي صرف هو أن الانهيار التاريخي لأسعار البترول وشح الإمدادات المالية العالمية للجزائر سوف يؤثر على موازناتها العسكرية والمالية، حيث تحذر عدد من مراكز الدراسات العسكرية والأمنية على الصعيد الدولي من أزمة مجاعة بالجزائر، وشخصيا شاهدت عبر بعض القنوات الجزائرية مشاهد مخجلة لدولة بترولية، حيث أن مواطنيها يتسابقون في فوضى غير مسبوقة للاقتراب من شاحنة تحمل البطاطس، وشاحنة أخرى تحمل أكياس الدقيق، ونعلم أن الجزائر تفتقد لبنيات فلاحية مقارنة مع المغرب، بمعنى أنها غير قادرة على إشباع متطلبات شعبها من المواد الفلاحية، وهي تتوقف أساسا على استيرادها، والاستيراد يتطلب عملة صعبة مثل الدولار أو الأوردو أو الجنيه الإسترليني..
 
هناك من يرى أن النظام العسكري الجزائري لم يتمكن من إخماد الحراك إلا بعد هبوب رياح جائحة كورونا التي أدخلت الجزائريين إلى بيوتهم قسرا، هل ستعجل أزمة الاقتصاد الجزائري في المرحلة المقبلة بخروج المتظاهرين من جديد إلى الشارع ؟
كل الخبراء يقرون أن توقف الحراك في الجزائر هو توقف مؤقت، النظام العسكري الجزائري يراهن على أن تطول مدة الحجر الصحي، لكي ينهي الحراك، وأعتقد انه واهم في ما يتصل بالمطلب العميق للشعب الجزائري بخصوص المطالبة بالتغيير، وإقامة الدولة المدنية وعدوة الكوادر العسكرية إلى ثكناتها، علما أن النظام العسكري الجزائر يعد من الأنظمة العسكرية القلائل على الصعيد الدولي، فهناك نزوع المجتمع الدولي للقطع مع الأنظمة العسكرية. وعلاقة بدعم البوليساريو، فشح الموارد المالية للجزائر سينعكس بشكل كبير وبطريقة غير مسبوقة على المحتجزين في تندوف الجزائرية، علما أننا بصدد حالة نادرة على المستوى الدولي وتتعلق بوجود دولة مزعومة داخل دولة معترف بها من طرف الأمم المتحدة والتي هي الجزائر، ويروج منذ مدة تسجيل صوتي بكل لغات العالم موجه إلى الأمم المتحدة يلتمس من خلال المحتجزون بتندوف تدخل الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والقوى العظمة من أجل تخليصهم من الاحتجاز الذي يمارس من طرف العسكر الجزائري والمخابرات الجزائرية يعيشون ضائقة خطيرا من ناحية المواد الغذائية، والأكثر من ذلك أن هناك ندرة غير مسبوقة في ما يتعلق بالماء، ونحن نعلم أن أحد أهم تدابير محاربة كوفيد 19 هو الاغتسال بالماء والصابون، لكن الماء يعد مادة نادرة في مخيمات تندوف، علاوة على النقص الحاد في مواد التطهير والتعقيم والمواد الغذائية، وقد وجهت الرابطة الصحراوية الديمقراطية لحقوق الإنسان ملتمسات إلى المجتمع الدولي تدق من خلالها ناقوس الخطر بشأن الأوضاع غير المسبوقة في مخيمات الاحتجاز جنوب الجزائر، ملتمسة من القوى العظمى والأمم المتحدة التدخل عاجلا قبل أن تقع كارثة إنسانية غير مسبوقة في مخيمات تندوف لاسيما أمام الإنتشار الرهيب لفيروس كورونا.