Thursday 2 October 2025
اقتصاد

إدريس الفينة: البطالة المرتفعة.. قنبلة الشباب الموقوتة

إدريس الفينة: البطالة المرتفعة.. قنبلة الشباب الموقوتة جانب من أعمال العنف والشغب
منذ سنوات، والجميع يتابع ارتفاع البطالة في المغرب، خصوصًا بين الشباب والشباب المتكون. وقد أكّدنا مرارا أنّ هذا الوضع يشكّل قنبلة موقوتة، ولا يمكن ترك الأمور كما هي. كثير من الأسر وجدت نفسها بعد سنوات من التربية والتعليم أمام شابٍ أو اثنين من أبناءها بلا عمل وعالة على الاسرة.
 
الأسباب واضحة: الأمر لا يرتبط أساسًا بمنظومة التكوين فحسب كما نعتقد، بل باقتصادٍ ضعيف غير قادر على خلق عددٍ كافٍ من مناصب الشغل يجاري القادمين اليه سنويا من الشباب . فرغم ارتفاع الاستثمارات العمومية، ولا سيما في قطاع البناء والأشغال العمومية، أصبحت جلّ المقاولات تعتمد بكثافة على الآلات بدل اليد العاملة، من دون أن تُدرج الإدارات معيار التشغيل شرطًا أساسيًا في الصفقات العمومية. النتيجة هي استثمارات عمومية جد مرتفعة بدون آثار فعلية على التشغيل.
 
من جهة أخرى، لم يعد القطاع الخاص يستثمر أو يوفّر فرص الشغل بالقدر الكافي، لأنه تحت وطأة عاملين قاسيين: الضغط الضريبي الذي وصل لنسب قياسية ، وحجم الواردات التي بلغت مستويات تاريخية ودمّرت المقاولة المغربية من الداخل.
 
أما البرامج التي تم تنفيذها لتشغيل الشباب، فيمكن وصفها بالهشّة وضعيفة الأثر؛ فـ«فرصة» و«أوراش» مثلًا كان أثرهما محدودًا أمام الحجم الكبير للشباب الوافد إلى سوق الشغل.
 
وحتى القطاع غير المُهيكل، الذي كان يشكّل رافدًا أساسيًا للتشغيل، جرى محاربته بلا هوادة في معظم المدن، ما خلق موجة من العاطلين داخل الأسر شملت الآباء والأبناء، بعد أن أصبح كثيرون عاجزين عن ضمان دخلهم اليومي. لقد تابعتم جميعًا عبر وسائل الإعلام الحملة الشرسة ضد الباعة المتجوّلين في المناطق الهشّة كتمارة وسلا وأحزمة الفقر بالدار البيضاء، وكان السؤال المشروع: هل وُفِّر البديل أم نحن أمام مغامرة غير محسوبة العواقب؟
اليوم نحن أمام جيش من الشباب العاطل، وأمام أسرٍ كان مُعيلوها يشتغلون كباعة متجوّلين أو في قطاع البناء العشوائي. واليوم هم جميعا بلا دخل. لا يجب ان ننسى ان جائحة كورونا دمرت كل المكاسب الاجتماعية في المغرب ولم ينتبه احدا لأثارها السلبية التي نجترها لحدود اليوم.
 
حتى في البادية، اضافة للجفاف وآثاره السلبية على النشاط الفلاحي، لوحظ أن السلطات قضت على الكثير من فرص الشغل التي كانت متاحة بدعوى التنظيم والهيكلة، فكانت النتيجة جيشًا من شباب القرى فقد الحلم في العمل ونزل إلى المدن بحثًا عن فرصٍ بلا جدوى. وانضاف جيش من العاطلين القرويين لجيش آخر من العاطلين بالمدن. وانضاف اليأس لليأس. واصبحت القنبلة اكثر قوة وانفجار.
 
يمكن القول إن القلق الذي أصاب نسبة واسعة من الشباب اليوم متأتٍّ اساساً من سوء تقدير حجم البطالة في المغرب، ومن الآثار السلبية لجملةٍ من القرارات الإدارية التقنية الغير محسوبة العواقب التي اتُّخذت خلال السنوات الأخيرة.