الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

جمال المحافظ :فشل العدالة والتنمية في انتخابات مدن كبرى: من رواية أرهان إلي سياسة أردوغان

جمال المحافظ :فشل العدالة والتنمية في انتخابات مدن كبرى: من رواية أرهان إلي سياسة أردوغان د جمال المحافظ
تعرض العدالة والتنمية التركي، لهزيمة قاسية خلال الانتخابات المحلية التي جرت أمس الاحد بفشله في الفوز بأكبر ثلاثة مدن البلاد، وهي النتيجة السلبية الأهم التي تلقاها حزب الرئيس رجب طيب أردوغان، منذ نحو 16 سنة، تميزت بهيمنته خلال على الحياة السياسية التركية.
فعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية، حصل على أزيد من 56 في المائة، من مقاعد البلديات، فإنه عجز في المحافظة على رئاسة مدن اسطنبول وأنقرة وازمير، كبرى حواضر تركيا، وأكثرها رمزية التي عادتأغلبيتها لفائدة المعارضة، كما جاء في النتائج الأولية التي أعلنتها اللجنة المكلفة بالانتخابات.
كما أن هذه الانتخابات البلدية، وإن كانتتكتسى طبيعة محلية، فإن نتائجها، تعد استفتاء شعبيا على قيادة الرئيس أردوغان، وشعبيته والسياسة التي يتبعها على المستويين الوطني والدولي، خاصة وأن الاستحقاقات جرت في ظل صعوبات اقتصادية وسياسية، والمشاكل التي تعانيها تركيا على الصعيد الدولي.
وتعد خسارة حزب أردوغان للمدن الكبرى الثلاث يشكل، في حقيقة الأمر، تحذيرا للعدالة والتنمية، ورسالة قوية من الناخبين، للحزب الحاكم، من أجل العمل إعادة النظر في سياساته،بعدما فقدت الليرة (العملة المحلية)، جزءاغير يسير من قيمتها، مما جعل الاقتصاد يشكو حالة كساد،أدخلتهفترة انكماش حاد، خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من السنة الماضية.
وعلق أردوغان في خطاب أمام أنصاره مساء أمس الأحد بمقر الحزب في أنقرة، على النتائج الأولية للانتخابات المحلية،بالقول "هذه هي الديمقراطية،والنسبة العامة على المستوى الوطني، كانت لفائدة العدالة والتنمية"، مشيدا في نفس الوقت بتصويت سكان المناطق الكردية الواقعة جنوب شرق تركيا، لفائدة مرشحي حزبه، وهو ما وصفه ب" الدرس البليغ".
أما كمال كليجدارأوغلوزعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض ، فقال من جانبه، في مؤتمر صحفي بأنقرة إن "الشعب أظهر موقفا مؤيدا للديمقراطية، وهذا يمثل ضوء هاما للغاية بالنسبة لنا"، موضحا أن الأتراكخلال هذه الاستحقاقات، " أبانوا عن تأييدهم للديمقراطية، رغم كل الضغوط وحملات الافتراء والتشويه، إلا أننا استطعنا أن نحقق نجاحًا، ونجاحنا نراه نجاحًا لـ81 مليون تركي، ونراه كذلك اشتياقًا وتعطشًا للديمقراطية لدى81 مليون نسمة" عدد سكان تركيا.
بيد أن هذه الانتخابات، وإن تميزت بصعود المعارضة ممثلة في حزب الشعب الجمهوريالذى أعلن فوزه في أكبر مدينة وهي اسطنبول التي انطلق منها نجم الرئيس رجب أردوغان، الذى كان عمدتها، فإنها شكلت في حقيقة الأمر " عرسا ديمقراطيا" يضاهي ما تعرفه الاستحقاقات الانتخابية بالبلدان الديمقراطية الغربية، وكرس الخيار الديمقراطي للشعب التركي.
وفي تبريره، لما حصل عليه، العدالة والتنمية، تعهد أردوغان في خطاب أمام أنصاره بمقر الحزب في أنقرة، مساء الأحدب"البدء في العمل على تحديد مكامن الضعف، لدينا ومعالجتها". وقال " يجب أن نجرى تقييما لما أنجزناه، وسنتحمل كل الاخطاء، ونضعها على كاهلنا، وليس على عاتق شعبنا".
والى حين الاعلان عن النتائج النهائية الرسمية لانتخابات البلديات، يمكن التمتع باستراحة والانتقال من عوالم السياسة وهموم الانتخابات بتركيا، الى عالم الأدب، في البلد ذاته، بالتساؤل، هل قرأ رجب أردوغان السياسي، دروس رواية "ثلج" للكاتب أورهان باموك، الحائز على جائزة نوبل للآداب برسم سنة 2006، الذى يرى أن " تركيا ما هي إلا ديمقراطية انتخابية فقط".
فرواية " ثلج" التي يفضل مؤلفها أن ينظر إليه "كروائي, وليس مجرد معارض علماني للرئيسرجب طيب أردوغان الاسلامي"، نالت جائزة نوبل، بعد مرور خمس سنوات على ميلاد حزب العدالة والتنمية سنة 2001 والذى شكل من النواب المنشقين ( من جناح المجددين) عن حزب الفضيلة المنحل بقرار قضائي.
ويرى بعض النقاد أن المثير في رواية باموك، المعارض السياسي وأشهر كاتب تركي في العصر الحديث،هو كيف أن ممارسات اجتماعية، بسيطةكنزع الحجاب، هو في حقيقته سؤال هوية مؤرق، يستعمله الكاتب، في الرواية، كمفتاح لمناقشة أفكار و مخاوف و تطلعات شخوص الرواية، منها، كيف أن أدوات الصراع -الفتيات المحجبات- غير مهمة بقدر أهمية الأجندات السياسية؟.
كما يتناول باموكالذى تتميز كتاباته، بالتركيز على أحداث تاريخية، الحديث عنها كان يعد من المحرمات في تركيافي رواية "ثلج" بأسلوب ممتع، مفهوم الإسلام السياسيّ، لجماعات إسلامية مموّلة من إيران.كما يتطرق الى اشكالية ارتداء الحجاب، وما تتعرّض له الفتيات التركيات في بلدة صغيرة اسمها قارص من تجاذب بين دولة تمنعه ودين يأمر به.ويناقش أيضا، اشكالية أخرى ترتبط، بالهويّة التركية،في ظل ما يشعر به المواطن التركي، بالمقارنة مع أمم أخرى، وذلك بارتياد "الحلم الأوروبيّ"كملاذلدى البعض،وهروبا الى الأمام من لدن طرف آخر.
د.جمال المحافظ: باحث في العلاقات الدولية