الأربعاء 17 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: هل يستدعي القضاء الفرنسي صاحب النظرية التي تبناها منفذ المذبحة ضد مسلمي نيوزيلندا؟

يوسف لهلالي: هل يستدعي القضاء الفرنسي  صاحب النظرية التي تبناها منفذ المذبحة  ضد مسلمي نيوزيلندا؟ يوسف لهلالي

العملية التي  قام بها الإرهابي الأسترالي  برينتون ترانت ضد مصليين أبرياء بمدينة  كرايتس  تشيرتش النيوزيلندية، والتي خلفت 50 قتيلا، كان يتبنى نظرية "الاستبدال الكبير" والتي  اطلقها الكاتب الفرنسي العنصري  رونو كامي،  وهو ما يطرح سؤال حول وضعيته القانونية بعد هذه المذبحة الإرهابية، هل يقوم القضاء  الفرنسي باستدعائه واستجوابه حول مساهمته وتأثير أفكاره على مجموعات عنصرية ونازية  تعادي الأجانب وبعضها لا يتردد في الاعتداء عليهم. خاصة ان منفذ هذه العملية الارهابية ترك رسالة على المواقع الاجتماعية يقول فيها ان ما قام به هو نتيجة تأثره بنظرية  "الاستبدال الكبير".

هذه النظرية تقول  ان المسلمين والأفارقة يسعون الى  "تعويض  سكان فرنسا الأصليين وانه  اذا لم يتم طردهم سوف يحتلون كل هذه البلدان"، وسوف" يقضون على  الحضارة والثقافة الفرنسية"  وسبق للمحاكم الفرنسية ان ادانت  هذا الكاتب  بتهمة  الاسلاموفوبيا والإساءة الى الإسلام والمسلمين." لكن رغم ذلك مازال مستمرا في نشر أفكار العنصرية والاسلاموفوبيا  دون ان يتعرض للمساءلة القضائية. بل ان أفكاره تنتشر بكل بلدان العالم خاصة بامريكا  واوربا لفضل  وسائل التواصل التي أصبحت مرتعا للمنظمات العنصرية والإرهابية نظرا للحرية وعدم العقاب الذي توفره لكل رواد الأفكار المتطرفة ونظرية المؤامرة.

هذه النظرية العنصرية والمعادية للاسلام  تأثر بها مقترف مدبجة نيوزيلندا ضد مسجدين، وهو ما تركه في رسالته التي تحدث فيها أيضا عن رحلته اليها وحديثه عن وجود عدد كبير من المهاجرين والمسلمين بهذا البلد  حسب ادعائه.

صاحب هذه الأيديولوجية  رونو كامي وضعها في برنامج حزبين صغيرين لليمين المتطرف والتي  قام بتأسيسهما، بالإضافة الى تبني افكاره من طرف اليمين المتطرف الفرنسي وأحزاب الهوية. وهي نظرية وضعها في كتاب "الاستبدال الكبير "والذي نشره سنة 2011.

هذا الكاتب وزعيم هذه المجموعات العنصرية، يتهم اوربا ومؤسسات الاتحاد الأوربي، انها هي من يساهم في سياسة الاستبدال الكبير، وفي نفس الاتجاه يقول ان هذه الوضعية شجعتها حركة تلاثية الابعاد وهي التصنيع، وغياب الروحانية وغياب الثقافة. وفي كتابه " تغيير الشعب" سنة 2013 يتحدث عن العولمة  والماديات  التي "جعلت الانسان  يتجرد من كل خصوصية  وطنية، اثنية وثقافية كما لن تعد  هناك مرجعية تاريخية وادبية "،. هو في كتابه  يقوم بتحليل يخلط بين بعض مخلفات العولمة اليوم مع الهجرة والتحول الذي تعرفه البلدان الغربية بفعل  تطورها ودخولها الى مرحلة جديدة  وهو تراجع وشيخوخة اوربا امام تزايد القوة الاقتصادية لبلدان اسيا وهو في كتابه  يجد مسؤول على هذه الوضعية الجديدة باوربا   وهي الهجرة  ويحملها مسؤولية هذه التحولات بل يعتبر ان الاوربيون مهددون في بلدانهم ..

طبعا نظرية الاستبدال الكبير لقيت رواجا كبيرا بين  المجوعات العنصرية بمختلف البلدان الصناعية خاصة باوربا وتعززت  مع  تدفق اللاجئين  نحو اوربا سنة 2015 بعد الازمة السورية. وهو ما جعل رونو كامي يتحدث مؤخرا الى احد الجرائد الامريكية  عن الهجرة الاستعمارية.

عدد من وسائل الاعلام الغربية تطرقت الى  تصاعد الاسلاموفيبيا وتزايد الكراهية ضد الإسلام بالعديد من البلدان الغربية. ودعت العديد من الأصوات الى  مواجهة ذلك. خاصة ان العديد  من الأفكار التي  ذكرها سفاح كرايتس تشيرتش بنوزيلاندا هي متداولة في بعض وسائل الاعلام الغربية ويرددها العديد من السياسيين سواء في فرنسا او الولايات المتحدة الامركية.

وان دولا مثل استراليا لا تتردد مند عقود في ترديد سياسة  "الهجرة البيضاء"، ولا تخفي تفضيلها الهجرة البيضاء على باقي الهجرات. وانتشار  ظاهرة معادات الإسلام  والحقد التي يروج لها مند عدة سنوات العديد من السياسيين بهذا البلد الذي تم تأسيسها من خلال  إبادة جزء كبير من السكان الأصليين.

هناك من لا يتردد  في الاعلام من تحميل المسؤولية الغير المباشرة لدونالد ترامب، خاصة دعوته سنة 2015 الى من  بعض  مواطني البلدان المسلمة من دخول الولايات المتحدة وهي  دعوات تسير في اتجاه الجماعات المتطرفة.

نشرت جريدة الغارديان البريطانية لائحة  للجرائم التي ارتكبتها  هذه  العناصر او المجموعات  الإرهابية الاوربية والأمريكية في العقد الأخير،  وسمتهم الجريدة  ب"المتطرفين البيض" أي الإرهابيين البيض، والذين استهدفوا الأقليات المسلمة او الافريقية وذلك تحت  اعتقاد انهم يهددون  العرق الأبيض حسب اعتقادهم، وقاموا بتنفيذ عمليات  بإطلاق النار والطعن والتفجيرات والهجمات يالسيارات، واستهدفوا المسلمين، اليهود، اللاجئين، الحركات النسائية، والسياسيين اليساريين.

وهم ينتمون الى مجموعات متفرقة ما يجمعها هو  تبني خطاب كراهية الأجانب والاسلاموفوبيا ويقوم منفذ العمل الإرهابي دائما  بذكر أسماء الذين سبقوه الى هذا العمل الاجرامي.

واسوا هذه الهجومات هو هجوم النورفيج الذي خلف 77 قتيلا في يوليو 2011 ونفده الإرهابي النورفيجي أنديرس بيرينغ  بريفيك والذي استهدف ناشطين  سياسيين من  حزب العمال  اليساري لدفاعهم عن الهجرة واللاجئبين. وهجوم كندا بأحد مساجد الكيبيك و الذي خلف 6 قتلى والعديد من الضحايا والذي قام به الإرهابي  الكسندر بيسونيت  والذي أدعى "ان المهاجرين واللاجئين  يهددون اسرته". بالإضافة الى العديد من الاعتداءات المتفرقة والتي خلفت عددا من الضحايا خاصة بالولايات المتحدة الامريكية.

هذه المجزرة التي ارتكبت باستراليا بالإضافة الى العمليات المتفرقة سواء بامريكا الشمالية،اوربا او نيوزيلاندا تطرح اكثر من تساؤل حول انتشار هذه المجموعات العنصرية الفاشية والتي  تهدد التعايش بهذه البلدان. منظمة العفو الدولية،  اثر بيان لها بعد هذه العمليات دعت الى  محاسبة الذين يشجعون على كراهية الإسلام  في جميع انحاء العالم. اغلبهم يدعي انه سلمي وانه فقط يدافع عن أفكار الكراهية بشكل حضاري وهو ما يردده  الكاتب الفرنسي رونو كامي  والذي نفى اية علاقة له بمجزرة نيوزيلندا، رغم ان رسالة مقترف هذه المجزرة الإرهابية   يعترف بأهمية نظرية "الاستبدال الكبير " التي تحدث عنها الكاتب، وقد سبق للقضاء الفرنسي  ان  ادانه  بترويج لكراهية الإسلام والمسلمين. وفرنسا لوحدها تضم عدد كبيرا من هؤلاء الكتاب  العنصريين والذي سبق لبعضهم ان ادانه القضاء ويستمرون في   إشاعة فكر  كراهية الأجانب مثل أريك زمور، فنكيل كروت، ورونو كامي بالطبع.