الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد القادر زاوي: كرة القدم المغربية: إفلاس القيم والأخلاق الرياضية أيضا

عبد القادر زاوي: كرة القدم المغربية: إفلاس القيم والأخلاق الرياضية أيضا عبد القادر زاوي، سفير سابق بعدة دول عربية
في 16 أكتوبر 2016 نشرت مقالا على موقع "أنفاس بريس" أوضحت فيه بأن كرة القدم المغربية تعاني إفلاسا مزدوجا تقنيا وماديا. وقد برهنت عن الإفلاس التقني بالإشارة إلى أن أبرز مثال عنه هو عقم الفرق الوطنية والأكاديميات الكروية التي نمت كالفطر في ربوع المملكة عن إنجاب لاعب واحد بإمكانه الانضمام إلى المنتخب الوطني وضمان رسميته بين كتيبة اللاعبين القادمين مشكورين بغيرة وطنية من الخارج؛ فيما تجلى الإفلاس المادي في الضائقة المالية المستفحلة لدى معظم الفرق الوطنية على اختلاف الأقسام التي تمارس فيها، والتي لن يكون بمقدورها الصمود إذا ما انقطع الدعم المالي القادم من الدولة ومؤسساتها المركزية والجهوية المنتخبة.
كان ذلك المقال صرخة في واد سحيق مثل صرخات عديدة أطلقها خبراء ومتابعون أكثر إلماما مني بخبايا الأمور، ولم يكن مستغربا عدم وجود آذان صاغية لتلك الصرخات لأن المسؤولين المباشرين في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وفي العصبة الاحترافية التي ما تزال مجرد هيكل فارغ، وفي الوزارة الوصية أيضا فضلوا الاستمرار في الهروب إلى الأمام معتقدين أن بعض النتائج الظرفية مثل المرور إلى الدور الثاني في كأس أمم إفريقيا 2017 والتأهل إلى كأس العالم 2018 كفيلة بإلهاء الرأي العام، وتغطية الفشل الذي وصلته المنظومة الكروية نتيجة السياسات الارتجالية، والتمييز في التعامل بين الأندية.
ولذلك لم يكن منتظرا أن تحصل المعجزات من وراء هذا الارتجال غير أن يزداد الاحتقان لدى كل الشغوفين والمحيطين بالمنظومة الكروية نتيجة إفلاس القيم والأخلاق الرياضية، الذي جاء ليضاف إلى الإفلاس التقني المستمر باستمرار البحث عن مواهب كروية بين أبناء الجالية المغربية في الخارج لتمثيل المنتخب الوطني، والإفلاس المادي الذي لم تعد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفسها قادرة على إخفاء العجز الذي تعانيه مواردها وميزانيتها، إذ بدأت تفكر في التقليص منه من خلال السعي إلى التخفيض من قيمة ما تلتهمه الإدارة التقنية وأطرها من اعتمادات دون أي نتائج إيجابية تذكر.
ولا شك أن إفلاس القيم والأخلاق الرياضية هو الأخطر في منظومة الإفلاس المتكاملة الناجمة عن الارتجال الذي جعل منظومة كرة القدم تدور في حلقة مفرغة فقدت معها صبغة الهواية التي ميزتها لسنين طويلة من دون أن ترتدي أثواب الاحتراف رغم مرور حوالي عشر سنوات عن صدور القانون 09 /30 الذي يفترض فيه نقل الرياضة الوطنية بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة باعتبارها قاطرة التنمية الرياضية الأولى إلى مستويات احترافية تضاهي ما هو متوافر في الدول المتقدمة.
إن إفلاس القيم والأخلاق الرياضية واضح وجلي في:
*ما تعانيه منظومة كرة القدم من مشاكل وقضايا وصل بعضها إلى المحاكم المدنية للطعن إما في مكاتب تسيير بعض الأندية أو النظر في قضايا اعتداءات جسدية أو اتهامات للذمم المالية، ناهيك عن كم النزاعات المحالة على أجهزة الجامعة نفسها من شكاوى تتعلق بعقود اللاعبين والمدربين والمؤطرين، والتي وصل عدد منها إلى أروقة الفيفا والمحكمة الرياضية الدولية TAS.
*انعدام الثقة المتزايد من طرف المكونات الكروية في تحكيم المباريات الذي أصبح هاجسا يؤرق الجميع بشكل لم تستطع العديد من الملتقيات والندوات إيجاد حلول ناجعة له، ما أشاع الانطباع بأن العملية التحكيمية متحكم فيها من خلف الستار، وأنها ضحية شبهات التواطئ والمحاباة؛ وهي شبهات ارتقت في الكثير من الحالات إلى اتهامات.
وطبيعي في أجواء كهذه أن تشحن النفوس بالضغينة، ويتغذى التعصب الذي سرعان ما انقلب في الملاعب وفي الأحياء المحيطة بها إلى أعمال عنف وتخريب أصبحت تشكل هاجسا أمنيا رهيبا، سيما وقد بدا واضحا من الشعارات التي ترفع، والرسائل التي تتضمنها اللافتات أن جماعات الألتراس المساندة للأندية قد اخترقتها تنظيمات بأهداف سياسية وليست رياضية على الإطلاق.
لقد تضمنت الرسالة الملكية إلى المناظرة الوطنية للرياضة سنة 2008 خارطة طريق مثلى لكي تصبح الرياضة عموما وكرة القدم على وجه الخصوص إحدى دعامات التنمية المحلية، وها هي للأسف بعد أزيد من عشر سنوات تصبح مشكلة أمنية. فمن المسؤول؟