الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

المتوكل الساحلي: المرفق العمومي يعكس طبيعة ومستوى السياسات والخدمات في علاقة مع الشعب

المتوكل الساحلي: المرفق العمومي يعكس طبيعة ومستوى السياسات والخدمات في علاقة مع الشعب مصطفى المتوكل الساحلي
المرافق العامة، تعرف بطبيعة وموضوع أنشطتها وخدماتها، وفق أهداف واضحة ومحدد تقدم للعموم بشكل منتظم ومستمر ودائم .. وهي إما ذات طابع إداري، أو تهم القطاع الاقتصادي والخدماتي ... كما أنها عامة ترابيا ببعدها المحلي والإقليمي والجهوي والوطني ، وتقوم وترتكز على قاعدة ومبدأ المساواة مع كل المرتفقين للاستفادة من كل الخدمات بعيدا عن كل أشكال المحسوبية والزبونية والتمييز والبيروقراطية وتعطيل مصالح الناس.
إن استمرارية المرفق العمومي تمارسه الدولة بمؤسساتها العامة وشبه عامة، الوطنية و الترابية كل وفق اختصاصه الموضوعاتي والقطاعي والمكاني، وهو من مرتكزات تحقق المنفعة وخدمة الصالح العام ومصالح وحاجيات المواطنين والمواطنات .
إن أعمال وإبداع واجتهاد الإنسان عبر التاريخ وتراكم التجارب والمعارف هي التي تفتح أبواب التطور، وتشكل الأعراف والقوانين المؤطرة للمؤسسات والدول والناس في مختلف علاقاتهم .. لتدبير المصالح والمنافع المشتركة وانجاز الخدمات المختلفة .
ويشكل جزء هام من الموروث بمختلف أنواعه ومسمياته وفقا لما أعد له من الأسلاف مرفقا عموميا وتراثا إنسانيا ووطنيا وجب احترامه والإهتمام به وضمان استمرار أدائه كوثيقة مادية تاريخية مجسدة تذكر بقدرات وإبداعات من سبق منذ البدايات الأولى للتاريخ البشري في اطار تعاملهم مع الأعمال والخدمات والمنافع العمومية. ..كما أن حصيلة التشريعات المتداخلة القديمة والمعاصرة تضع وتطبق أنظمة للمرفق لفائدة العموم، وتحرص على حماية المكتسبات ، وتسعى لتثمين المنجزات والموروث كان أرشيفا ووثائق ،أو بنايات ذات رمزية وخصوصية ، وتهدف كذلك إلى تقديم أحسن الخدمات بأفضل الوسائل للمرتفقين وبالجودة اللازمة.
ومبدأ الإست مرارية لا يصح اختزاله في الحديث عن الإضراب بنية مقصودة لتقنينه ومنعه، أو اعتباره مخالفا ومعطلا للمبدأ، ومن هنا وجب توضيح الموضوع باختصار في أن من أسباب الإضراب انتهاج السياسات التي تمس القدرة الشرائية للشغيلة، وهزالة الأجور، وتردي ظروف العمل، والإستغلال المفرط، وانتهاك كرامة الشغيلة، والتضييق على الحريات النقابية ..
هذه الانتهاكات والتطاولات وغيرها هي التي تهدد وتمس بمبدأ استمرارية المرفق العمومي وتجعل المرتفقين غير راضين عن أدائه، كما تعطل قدرات العاملين الذين لا يستطيعون تقديم الخدمات لغياب الإمكانيات والتجهيزات، كما هو الحال في العديد من المؤسسات، ومنها على سبيل المثال التعليمية والصحية والخدماتية لفائدة المواطنين والمواطنات ..
إن تنظيم المرفق العام وهيكلته بمرجعية تحكمية واقصائية تتراجع حتى عن المكتسبات وتعطل الحوافز يتسبب في طغيان البيروقراطية والمحسوبية والشطط في استعمال السلطة .
إن الغاية من الهيكلة وتبسيط المساطر وعقلنة التخصصات والرفع من عطاء وأداء المصالح والأقسام بأية إدارة هو تيسير قضاء الناس لمصالحهم وحاجاتهم الإدارية وتقديم الخدمات المختلفة ، وإيجاد حلول للإشكالات والمعيقات التي لم ينتبه إليها المشرع، وتبسيط المساطر، واحترام وتثمين الزمن الإداري وزمن المرتفقين، وليس خلق مؤسسة برؤوس متعددة كل واحد منها يمارس سياسته في تضارب مع المرافق المتقاطعة والمتداخلة داخل نفس الإدارة وبين الإدارات المختلفة التي تختص في موضوع مشترك يتطلب رأيا مطابقا بينها، ومن هنا جاءت فكرة الشباك الوحيد لوضع حد لتعطيل مصالح الناس والمصالح العامة والتي ما زالت هي الأخرى متعثرة وسط إكراهات وضعية وسياسات إدارة المرافق والخدمات العمومية ...ولهذا يضطر المشرع أحيانا حرصا على تجنب تعطيل أداء وخدمات مرفق عام إلى الدفع بعدم جواز أو صعوبة الحجز على أمواله وآلياته وبناياته بناء على حكم قضائي نهائي أو عند إنشائه لتجنب الإضرار بمصالح الدولة والمرتفقين.
إن تراجع وتدني مستوى الخدمات وتعطيل تطورها وتعميمها وظهور تدمر واضح من المرتفقين والمرتفقات، كما أن التعامل مع الأموال العامة بمزاجية ومخالفة متعمدة لإستكمال البرامج والأوراش وصيانتها وتثمينا ، أو تجميدها سواء كانت مبرمجة أو ملتزم بها، أو شرع في تنفيذ جزء منها ، أو كانت مشاريع أنجزت لأهداف مسطرة ومعتمدة ذات نفع عام ثم أهملت عمدا، أو تم التعامل معها بطرق تيسر فساد وتضرر المنجز، وضياع المال المصروف، والتسبب في إلغاء منافع وخدمات عامة وجعلها في حكم العدم ...
إن الحكامة باعتبارها مجموعة من القيم والمبادئ والقواعد يجب اعتمادها حتى تصبح ثقافة وسلوكا طبيعيا وتلقائيا يتجسد عند المسؤولين والشغيلة والمواطنين والمواطنات في كل مجالات التدبير والتسيير والتعاطي العمومي وشبه عمومي والمقاولاتي، وكذا عند الأشخاص الذاتيين في علاقتهم بالعمل العام ، وتكاملهم معه ..
إن كل إختلالات وأخطاء القرارات الرسمية ، وضعف الأداء المركزي والترابي يؤثر بشكل كبير على المردودية والمصداقية المؤسساتية ويتسبب في نشر أجواء عدم الثقة والعزوف بكل أنواعه حتى على مستوى العطاء والتضحية من أجل الصالح العام الذي هو ضرورة للتطور والتقدم وحماية المكتسبات والحقوق.
إن المرفق العمومي يعكس طبيعة ومستوى السياسات والخدمات في علاقة بالشعب ومصالحه الخاصة والوطنية والإستراتيجية، لهذا نصحت وأوصت كل المؤسسات والدراسات والندوات التي تناولت الموضوع بضرورة التغيير واصلاح وتطوير الادراة حتى تكون مواطنة وخادمة ورهن إشارة المجتمع وعادلة ولتشكل قاطرة قوية للتنمية من بكل تجلياتها من أجل التقدم وتقوية الدولة الحديثة المنافسة لأعمال وخدمات إدارات الدول الرائدة .
ـ مصطفى المتوكل الساحلي، فاعل إعلامي