إن التطورات الأخيرة التي عاشها جسم المحاماة أثارت ملاحظة متعلقة ببعض ردود الفعل المصوبة اتجاه جمعية هيأت المحامين بالمغرب، وصلت حد محاولة طرح فكرة خلق بديل عن هذا الإطار الذي يعتبر تاريخيا هو الممثل الوحيد للمحامين على مستوى الملفات التي تطرح وطنيا من خلال نقبائهم و أعضاء المجالس، الذين ينتخبون مكتب جمعية هيآت المحامين بالمغرب كإطار مهني جامع للمحامين و منسق لعملهم في مختلف القضايا المطروحة على المهنة وطنيا.
أن يكون هناك اختلاف في التقدير مع مكتب الجمعية أو حتى تناقض في المواقف معها أمر مطلوب و جد عادي، فيظل تباين الرأي الذي قد يحدث بمناسبة طرح ملف و موضع معين للنقاش المهني، لكن لا يمكن بل لا يجب أن يصل بنا حد "تخوين" أعضاء مكتب الجمعية أو المطالبة بخلق بديل عن الجمعية كإزار مهني، هذا الإطار الذي كان و لسنوات طوال لوحده في معركة استقلال القضاء و إصلاح العدالة و في مقدمة النضال الديموقراطي ببلادنا و قاد أعضاء مكاتب الجمعية لسنوات عديدة مهمة الترافع بالمحاكم المغربية في قضايا الاعتقال السياسي زمن الاستبداد الذي خيم على المغرب لسنوات، و كانوا بعدها زمن الإنصاف والمصالحة في صلب و قلب العدالة الانتقالية حيث شكلت مشاركة العديد من النقباء وأعضاء مكاتب الجمعية السابقين صوت بناء دولة الحق و القانون و المعبر عن مطلب الانتقال الديموقراطي الذي تكون حقوق الإنسان و العدالة في قلبه.
إن دعاوي خلق إطارات بديلة أو الدفع باطارات بديلة للواجهة في قضايا مهنية صرفة بغؤض أن تسحب من الجمعية صفة تمثيلية المحامين أو تزاحمهم في ذلك هو مطلب لن يؤدي في النهاية إلا إلى إضعاف الجمعية التي تحتاج اليوم في ظل مختلف التحديات التي نعيشها كدفاع إلى دعمها و الالتفاف حولها أكثر من كي قبل.
كما أن الواقع يؤكد من خلال معاينة مآلات العديد من النقابات القطاعية في مجالات اجتماعية أخرى قد أنتهت بالفوضى النقابية بسبب التشتت النقابي، و تعدد المحاور لتسقط في تعددية نقابية هجينة و تشتت نقابي بخلفية سياسوية، على عكسهم المحامين تاريخيا كانت ميزتهم في ظل أقوى لحظات الصراع السياسي حتى داخل هذا الجسم انها حافظت على وحدتها و قوتها و وحدة إطارها المهني.
التشتت المهني لن يخدم المحامين و لا مطالبهم بل على العكس سيسهل من إمكانية الانقضاض عليهم و جرهم لمعارك هامشية ليست من صميم أهداف.
بالمقابل يظل صوت الإطارات الشبابية مطلوبا كرافعة دعم للجمعية و للنقباء، كصوت رافض و ضاغط بأن يذهب إصلاح الشأن المهني على مختلف المستويات لمداه الأخير من أجل أن تلعب المهنة و المحامين كامل أدوارهم المهنية و الحقوقية.
إن اللحظة الحالية الدقيقة التي تمر منها مهنتنا يجب أن تجعلنا أكثر حرصا على دعم نقباءنا و مجالسنا المنتخبة و من خلالهم جمعية هيأت المحامين بالمغرب وإن أي اختلاف في تدبير ملف من الملفات يجب أن يطرح ضمن نفس الاطارات المهنية للمحامين لأن ذلك سيسهم في دعم موقعها التفاوضي، مع السماح لهامش كبير للحركة للجمعيات الشبابية ليس من باب المزايدة على الجمعية و النقباء بل من باب الدعم و الحشد المهني للمحامين.
الثقة إذا سقطت في علاقتنا بنقاءنا و بالجمعية، سنكون نحفر قبرنا بأنفسنا و سنسهم في تمرير أي إصلاح لقانون المهنة، دون أن نكون و يكون صوتنا حاضرا بسبب الوضع الذي قد نجد أنفسنا فيه خاصة على مستوى التشتت المهني.