يا لسخرية الأقدار.. مصطفى الباكوري الذي تخرج من شركة «صوناداك» في فورة ترويج مشروع تهيئة المحج الملكي بالدار البيضاء في تسعينات القرن 20 ليتسلق المناصب السامية، ها هو اليوم يتربع على عرش أكبر جهة بالمغرب، مستلذا بنحر مدينة النسيم التي كان لها الفضل في اقترابه من مدفأة السلطة.
ففي الضاحية الجنوبية الغربية للدار البيضاء، وحين كان الباكوري باطرون إمبراطورية «السيديجي»، قامت شركة صوناداك (البنت الشرعية لصندوق الإيداع) عام 2004 ببناء مجمع سكني بمدينة النسيم يضم 490 شقة (شطر بارك 1) مخصص لإيواء جزء من ساكنة المدينة القديمة التي «خرج فيها بلان» المحج الملكي.
ورغم مرور 14 سنة على إنجاز هذه العمارات، لم يتم لحد الآن ترحيل السكان المستفيدين أو بيع الشقق للأغيار، بشكل جعل المجمع السكني المذكور يتحول إلى أطلال و«زبالة» تلوث المشهد البصري من جهة، وينهض كدليل ساطع على استهتار المسؤولين والوزارة الوصية بالمال العام من جهة ثانية. ذلك أن المجمع كلف بناؤه حوالي 5 ملايير سنتيم تضاف لها حوالي مليار سنتيم لتجهيزه بالبنية التحتية من واد حار وطرق وشبكة الماء والإنارة، علاوة على صرف مبلغ قارب 500 مليون سنتيم لمكاتب الدراسة والمراقبة والطبوغرافية والهندسة المدنية والمعمارية. أي أن صوناداك «رمت في الرمل» حوالي 6 ملايير ونصف المليار سنتيم ذهبت هباء منثورا بحكم أن العمارات تآكلت اليوم بفعل الإهمال المتراكم لعدة سنوات.
الباكوري، حين كان هو الوصي على مالية «صوناداك»، أو لما كان «باطرون» صندوق الإيداع، كان يصرخ ويحتج على سلطات الجهة والبلدية التي لم تكن -في نظره- تدرك رهان إعداد المحج الملكي ولم تكن تعي -حسب وجهة نظره- قيمة تأهيل وتعمير مدينة النسيم.
وها هو مصطفى الباكوري يصبح -بعد اعتماد دستور 2011- هو الآمر والناهي في جهة الدار البيضاء عقب انتخابات 2015، دون أن يفعل اختصاصاته لإخراج مشروع النسيم من الوحل ودون أن يسخر الموارد الرمزية والسياسية الموضوعة رهن إشارته (حزب + فريق برلماني قوي + فيلق من المنتخبين المحليين + قربه من دوائر القرار السياسي...إلخ.) لطرح عمارات «بارك1» في السوق لإيواء ضحايا الانهيارات بالمدينة القديمة ونزع فتيل القنابل التي زرعتها صوناداك في عشرات الهكتارات المملوكة للشركات وللأفراد مما عطل فتح مساحات واسعة من النسيم في وجه التعمير.
الكرة الآن في ملعب الباكوري، رئيس جهة البيضاء، ليبين أنه «كَد فمو كَد دراعو»، اللهم إذا كان قد انضم هو الآخر إلى «نادي الناسفين لصوناداك» قصد تصفيتها، «ليهرف» على عقاراتها وعلى مشاريعها آخرون!