الجمعة 19 ديسمبر 2025
كتاب الرأي

جواد مامون: مشروع حزب الحرية والمساواة في مواجهة أزمة الثقة السياسية بالمغرب

جواد مامون: مشروع حزب الحرية والمساواة في مواجهة أزمة الثقة السياسية بالمغرب جواد مامون
تشهد الساحة السياسية المغربية قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة حالة من الترقب والحذر، في ظل مؤشرات متزايدة على تراجع ثقة المواطنين في البرامج الانتخابية التقليدية التي تقدمها الأحزاب القائمة. هذا الانزياح في المشهد السياسي يفتح الباب أمام قوى جديدة تحاول تقديم نفسها كبديل حقيقي، يأتي في مقدمتها مشروع "حزب الحرية والمساواة" الذي يعلن عن طموحه لتمثيل تطلعات الشعب المغربي بجميع أطيافه.
 
تُظهر القراءة المتأنية للمزاج العام أن سخطا متراكما قد تجذر لدى شرائح واسعة من الناخبين الذين يشعرون بفجوة متسعة بين الخطابات السياسية والواقع المعيشي اليومي. حيث لم تعد الشعارات البراقة تلقى صدى في أوساط المواطنين الذين يعانون من تحديات اقتصادية واجتماعية ملحة، من بطالة وتضخم وتراجع في جودة الخدمات الأساسية. هذا الإحباط الجماعي يخلق تربة خصبة لبروز خطابات سياسية جديدة تحاول استثمار حالة الرفض هذه.
 
في هذا السياق، يضع حزب الحرية والمساواة نصب عينيه هدفا طموحا يتمثل في استعادة الثقة المفقودة بين الناخب والممثل السياسي. من خلال خطاب يركز على مفاهيم العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص ومحاربة الفساد، يحاول الحزب الجديد تقديم صيغة سياسية مختلفة تقوم على الإنصات المباشر لهموم المواطن البسيط. كما يعلن الحزب عن التزامه بتمثيل جميع مكونات النسيج المجتمعي المغربي، بما في ذلك الفئات المهمشة والجهات التي تشعر بالتهميش.
 
يواجه هذا المشروع الوليد تحديات جمة، أبرزها ضرورة إثبات مصداقيته في بيئة سياسية يشوبها شك وتشكيك عميقين. فالمغاربة الذين خاب أملهم في وعود سابقة يحتاجون إلى أدلة ملموسة على جدية أي بديل جديد، لا مجرد خطاب إصلاحي آخر. كما أن التنافس في ساحة حزبية تشهد تعددية كبيرة يتطلب تميزا واضحا في البرامج والرؤية، وليس فقط في الخطاب النقدي للأحزاب القائمة، وهو ما يتجسد شكلا ومضمونا في البرنامج الطموح لحزب الحرية والمساواة.
 
ختاما، تمثل الانتخابات المقبلة محكا حقيقيا لمشروع حزب الحرية والمساواة الذي يسعى لاستقطاب المحبطين من العملية السياسية. النجاح لن يقاس بعدد المقاعد فحسب، بل بقدرة هذا الحزب على تجسير الهوة بين المواطن والمؤسسة السياسية، وإعادة الثقة في فكرة أن التغيير الإيجابي ممكن عبر صناديق الاقتراع. هذا الاستحقاق سيكون اختبارا ليس فقط لحزب الحرية والمساواة، بل للنظام الديمقراطي المغربي وقدرته على تجديد نخبه واستيعاب تطلعات شعبه المتجددة.
 
د. جواد مامون
باحث في القانون العام والعلوم السياسية