الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

ميلود العضراوي:إفريقيا الحرية والسيادة الاقتصادية

ميلود العضراوي:إفريقيا  الحرية والسيادة الاقتصادية ميلود العضراوي
الثلاثي الافريقي القادم يخيف الدول الغربية لأنه بصدد تشكيل محور اقتصادي ناجح سرعان ما يصبو نحو تكامل إقليمي بضم المزيد من الدول الإفريقية الناشئة الاقتصاد غير معتمد على الاقتصاد الأوروبي سوى في التعاقدات والعلاقات التجارية والمالية والمبادلات؛ ايتيوبيا ورواند وغامبيا ، نماذج للاقتصاد الناشئ في قارتنا السمراء تنافست في التركيز على القيم الأخلاقية والكفاءة والمعرفة لاحتلال المناصب القيادية في المنطقة وعلى المستوى القاري خلقت نموذجا للدولة المعاصرة الحديثة.
الدول الثلاث ، قامت كرجل واحد تبني هياكل دولة متينة بحقوق وواجبات بعيدا عن شكليات الأنظمة المقتبسة التي لا تقدم ولا تؤخر كالديمقراطية وحقوق الإنسان والمدنية المزيفة، أثيوبياورواند استثمرت مباشرة في الرأسمال البشري مما أهلها في زمن قياسي لتحتل مكانة مرموقة بين الدول الاقتصادية المتميزة التي أبهرت العالم الغربي . هناك من بين الدول الأخرى التي تحاول الالتحاق بركب الدول الاقتصادية الناشئة في إفريقيا ،مصر على الرغم من العوائق الكبيرة التي تقف أمامها من الناحية الأمنية والتقنية. فحسب تقرير البنك الدولي بدأت مؤخرا مصر تنعتق منضغوطات الاقتصاد الناشئ وتحقق تقدما ملحوظا على مستويات تقليص حجم التضخم والرفع من معدل النمو وتحقيق تقدم ملموس في القطاعات الاجتماعية؛ وعلى رأسها الصحة والتعليم والخدمات والاسكان والتشغيل. المصريون بدأوا يعون جوهر المقاربة السوسيو-اقتصادية ورجال الأعمال في المصريون في الخارج قدموا تضحيات كبرى بنقل رساميلهم الى البلاد؛ اشتغلوا في المقاولة والصناعة واشتغلت الدولة على الرأسمال البشري كما تقول كريستين لا غارد مديرة البنك العالمي في تقريرها الأخير. النموالذي شهده القطاع الخاص عزز القدرات المالية للدولة لأنه فاعل أساسي في جلب الثروةولا يعتمد على الريع الاقتصادي والدعم والإعفاء الضريبي، بل حاول تحصيل الأرباح من مردودية النشاط التجاري وحركة التبادل الحر والاعتماد على الاسواق الداخلية ونسبة معينة من تصدير الصناعات الخفيفة وخصوصا الأدوات المنزلية وصناعة السيارات والآليات الإلكترونية. الأوراش التي فتحتها السلطات المصرية البحرية في القناة لترميم السفن والصيانة قدمت خدمة محلية واقتصدت على الخزينة العامة عدة مليارات كانت تصرف خارج البلاد لشركات الترميم والصيانة البحرية.
جانب من خطة توزيع الثروة التوزيع العادل في رواند وأثيوبيا اعاد فكرة تأسيس منهج لبرالي يأخذ بعين الاعتبار مصالح المستثمرين ومصلحة الدولة والمجتمع، كنموذج لتحقيق طفرة اقتصادية جديدة ومتوازنة. ثم التركيز على التوزيع العادل للناتج الداخلي الخام والقضاء على المديونية بالتدريج. اعتمدوا على الاستثمار في العنصر البشري والتوزيع المنطقي للثروة العمومية طبقا لمفهومالعدالة الاجتماعية؛ توزيع الثروة من بالمنظور الاقتصادي يسميه ملكوم جيليس الاقتصادي المعروف؛ بمعادلة تلبية الحاجيات الحيوية للمجتمع وتعميم الخدمة ذات الاهداف الاجتماعيةبمجانية وتقوية منظومة التربية والتعليم والصحة والشغل،تعزيز قدرة الانتاج وتقوية القوة الاستهلاكية عند الفئات الاجتماعية كافة لضمان استمرارية ونجاح المنظومة الاقتصادية الصناعية والتجاريةمما يجعل النموذج الاقتصادي نموذجا ناجحا، وهذا هو المعمول به في الدول الديمقراطية المتقدمة اقتصاديا..الأمم المتحدة تشيد حاليا بمخطط الانتقال نحو الاقتصاد الناشئ عن طريق بناء الإنسان والاستثمار في الرأسمال البشري بكل من أثيوبيا وغامبيا ورواندلأن حكوماتها قلصت الفوارق الاجتماعية الى حد كبير وقدمت نموذجا جيدا للتعليم استفاد منه ابناء الشعب على قدم المساواة وبنفس الجودة في كل ربوع البلاد وفكت العزلة عن العالم القروي بتقريبه من الحضارة وانشأت مدنا صناعية وبنية تحتية متكاملة وشاملة وطورت قدرات الانسان الابداعية في ظرفية اقتصادية صعبة تملكتها الضغوط الوازنة على بلدان الاقتصاد الناشئ التي تفرزها سياسة الهيمنة اللبرالية للحيلولة دون انفلاتها من ربقة المديونية والتبعية الاقتصادية الغربية. الآن تقول كريستين لا غارد؛ ان مصر استطاعت ان تحدو حدو هذه الدول "بفضل استثمارها في الرأسمال البشري لقد فكت قيود العزلة الاقتصادية عنها".
رواندوأثيوبيا اشتغلتا على المقاربتين في توازي متلازم وبنفس السرعة معتمدين على المنهج الإنشتيني (السرعة والمسافة والطاقة) = (المخطط والاستراتيجية المحكمة والعقل)؛ المقاربة الأولى اصلاحية جوهرها محاربة الفساد والثانيةاقتصادية جوهرها تحسين أداء المؤسسات والبقية تأتي تلقائيا بحكم التجربة والعمل الدؤوبوالإرادة . ليس هناك معجزة على الإطلاق؛ هناك ارادة فقط..؟