الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

المهدي فقير: لابد من دمقرطة الولوج إلى الحسابات والخدمات البنكية

المهدي فقير: لابد من دمقرطة الولوج إلى الحسابات والخدمات البنكية المهدي فقير

يرى المهدي فقير (خبير مالي) أن الأبناك المغربية تحولت إلى أحسن سفير للمغرب بالخارج حاليا، بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها في السنوات الأخيرة، حيث استطاعت دخول العديد من البلدان، وآخرها مصر. مشيرا إلى كون القروض التي تمنحها الأبناك هي أموال المودعين والمساهمين.. وهذا ما يفسر -حسب رأيه- فرض شروط معينة لتسليم القروض للتحوط من أخطار تعثر مشاريع المقاولات، داعيا إلى تحسين مستوى الخدمات البنكية ودمقرطة الولوج للحسابات والخدمات البنكية.

+ بعض المراقبين يرون أن الأبناك تحولت إلى مصانع كبرى للأرباح، ومع ذلك تظل مساهمتها في التنمية دون مستوى التطلعات، في ظل الحديث عن فشل النموذج التنموي بالمغرب، ما رأيك؟

- بالعكس، وكي نكون واضحين، فمساهمة الأبناك في التنمية هي مساهمة كبيرة، بالنظر إلى حجم القروض والودائع البنكية والمعاملات المالية، وعدد الموظفين العاملين بالأبناك، ولولا الدينامية التي تتمتع بها المؤسسات البنكية لما وصلنا إلى هذا المستوى المتقدم.. فأحسن سفير للمغرب بالخارج حاليا هي الأبناك التي حققت نجاحات باهرة ووصلت لجميع الدول. ومؤخرا تمكنت الأبناك المغربية من دخول مصر، وهو الأمر الذي كان بمثابة حلم في وقت سابق.. ولا ينبغي الخلط بين دور الأبناك كفاعل اقتصادي وعمل الأبناك كعمل مقنن يخضع لتقنين صارم من طرف بنك المغرب كبنك مركزي، حيث يعاب أحيانا على البنك المركزي تشدده في منح القروض من طرف الأبناك.

+ في هذا الإطار يرى البعض أن الشروط التي تضعها الأبناك لتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة جد مجحفة؟

- لا أتفق مع هذا الرأي لسبب بسيط جدا، فالقروض التي تمنحها الأبناك هي أموال المودعين والمساهمين،  ناهيك عن كون الأبناك هي الأخرى تلجأ للاقتراض لتمويل طلبات القروض المعروضة عليها، كما أن المشاريع التي تحملها المقاولات تنطلي على الكثير من المخاطر. وطالما أن الأبناك هي مؤسسات خاصة وليست ملك للدولة، فلا يمكن مساءلتها عن وضع شروط معينة لتسليم القروض. وأعتقد أن الأمر لا يتعلق بوجود "شروط مجحفة"، بل بقواعد "بال 3" للتحوط من أخطار التعثر ومن الأخطار التي تفرضها المؤسسات الدولية على البنك المركزي من أجل الحفاظ على الصحة المالية للأبناك. وسأعطيك على سبيل المثال البنك الوطني للإنماء الاقتصادي، ما هو السبب الذي دفعه الى حافة الإفلاس؟ السبب هو أنه حاول دعم المشاريع بدون أدنى شروط وقبله الأزمة التي ألمت بالقرض العقاري والسياحي.. وأعتقد أنه إذا وضعت ميكانيزمات لإعادة إقلاع القروض بأن تتحمل الدولة بشكل مسؤول الضمانات فهذا سينعش القروض، وأشير أن صندوق الضمان المركزي يضمن جميع المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة التي لا تتوفر على ضمانات، ولهذا السبب لا يمكن القول أن الأبناك لا تمارس "الحكرة" على المقاولين، بل بالعكس تماما.

+ لكن مجال الاستثمار لابد أن يكون محفوفا بالمخاطر، فكيف يمكن التخلص من هاجس الخوف الطاغي على التعاملات البنكية؟

- الأمر لا يتعلق بوجود هاجس الخوف.. بل يتعلق بكون تدبير الأخطار مقنن، ولولا ذلك لاحتج بنك المغرب على الأبناك.. والأمر يتعلق بعدد من الاحتياطات التقنية وليس الاحتياطات المالية.. ولهذا السبب تجد العديد من الشركات تعبر عن ارتياحها لمستوى التعاملات البنكية.

+ لكن أصحاب هذا الطرح يبررون موقفهم بتملص الأبناك من مسؤوليتها في تمويل مشاريع تشغيل الشباب التي قادتها الحكومات السابقة وأبرزها مشروع "مقاولتي"؟

- سأعطيك مثالا مضادا، وهو مشروع "المقاولين الشباب"، فما هو الطرف الذي لم يكن في المستوى؟  هل الأبناك أم المشاريع التي قدمت؟.. لا يمكن قبول التعاطي مع هذا الموضوع بـ "الدوغمائية".. لابد من التوافق حول موضوع التمويل البنكي، فلا يمكن للمنطق أن يقبل وجود مشروع جيد ومع ذلك لا يحظى بالتمويل.. فبدل تأطير الشباب ومدراء المقاولات من أجل تقديم مشاريع في المستوى، نفضل بدلا عن ذلك الضحك على النفس من خلال ادعاء أن الأبناك لا تقدم القروض.. وفي هذا الإطار أشير أن وزير المالية صرح أنه سيتدخل لحل هذا المشكل، حيث سيصبح بإمكان المقاولات الحصول على قروض من مؤسسات القروض الصغرى، حيث سيرتفع سقف القروض من 50 ألف درهم إلى 200 ألف درهم، وبالتالي فالمقاولات جد الصغرى والمتوسطة سيصبح بإمكانها الحصول على التمويل مباشرة من مؤسسات القروض الصغرى دون حاجة الى الضمانات، على أساس أن تتحلى المقاولات بنوع من المسؤولية لضمان نجاح هذه التجربة.

+ ما رأيك بخصوص مطلب تخفيض نسبة الفائدة المرجعية التي تظل مرتفعة الى جانب ارتفاع كلفة الخدمات البنكية؟

- هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني القول فيه بأن الأبناك مطالبة بالعمل على تحسينه، أي تخفيض كلفة القروض وتخفيض كلفة الخدمات البنكية ودمقرطة الولوج للحسابات والخدمات البنكية. فاليوم، ولاعتبارات تتعلق بالسوق وبالعرض والطلب، تظل أسعار القروض جد مرتفعة..

+ وماذا عن وجود خدمات مجانية تفرض الأبناك الأداء عليها، كما جاء في تقرير سابق لبنك المغرب؟

- هذا الموضوع تحت الرقابة وتحت المسؤولية المباشرة لبنك المغرب، ولا يعذر أحد بجهله للقانون.. فبنك المغرب لم يقف على تجاوزات في هذا الإطار فإنه يفرض عقوبات على الأبناك، وهذا المعطى سبق لبنك المغرب أن أشار إليه.. فمثلا تحويل الأجور غير مؤدى عنه، ولذلك لابد من مجهود من قبل الأبناك لتحسين الخدمات البنكية.