الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد الهيني: فصل المقال في ما شاب قرار استئنافية تطوان من إزلال

محمد الهيني: فصل المقال في ما شاب قرار استئنافية تطوان من إزلال

بصرف النظر عن الطابع السياسي للقرار عدد 133 بإلغاء قرار تسجيلي بجدول المحاماة
بهيئة تطوان الصادر عن غرفة المشورة باستئنافية تطوان بتاريخ 23/11/2016 في الملف عدد 52/1124/2016 برئاسة الرئيس الأول المصطفى غزال باعتباره جاء لإرضاء رغبات ونزوات وزير العدل في الانتقام من قاض عارض مشاريع الوزارة ودافع عن استقلالية السلطة القضائية فإن ذلك تم عن طريق تسخير القضاء لخدمة أهداف السياسي وجبروته في خرق فاضح لاستقلالية القضاء كمرتكز دستوري ،وهو ما يتضح جليا من خلال حيثياته التي يظهر من الوهلة الأولى أنها تفتقد لأي حس قانوني بسيط في تفسير القانون لأنها تتضمن اعتداء ماديا وانحرفا جليا لأحكامه من خلال عدة أوجه للعوار والازلال والتحريف نعرض لها تباعا:
: 1-الإشارة لقرار محكمة النقض غير صحيح بالمرة لأن القرار يتعلق بقاض أحيل على التقاعد وليس في تفسير كون المادة 18 جاءت على سبيل الحصر ،واستغرب الكذب والتجني على أعلى مرجع قضائي بالمملكة ، ومما جاء حيثيات قرار محكمة النقض الذي حرفته وشوهت مضمونه محكمة الاستئناف بتطوان أن"إحالة طالب التقييد في جدول المحامين على التقاعد التلقائي من طرف المجلس الأعلى للقضاء لا يحمل على ارتكابه أفعالا مخلة بالواجبات المهنية وبالشرف والوقار"قرار صادر بتاريخ 17/12/2008 تحت عدد 1047 ملف إداري عدد 3164-4-1-2006 مذكور عند عمر أزوكار :المحاماة من خلال العمل القضائي ،مكتبة الرشاد،الطبعة الأولى 2012ص 201.فهل هذا القرار ينص على أن المادة 18 من قانون المحاماة جاءت على سبيل الحصر ؟وآسفاه على تحريف وتزوير لم يسبق له مثيل في تاريخ القضاء بالمغرب
2-لا وجود لأي عبارات أو صيغ في المادة 18 من قانون المحاماة تفيد حصر قدماء القضاة في المستقيلين والمحالين على التقاعد ،فهي قدمت أمثلة فقد بدليل أنها أغفلت عدة حالات من بينها المرض والمغادرة الطوعية وترك الوظيفة فهل يوجد رجل قانون عاقل يقول بعدم شمول هذه الحالات بحكم المادة 18، وحيث إن ما يؤكد هذا التفسير هو استعمال المشرع في المادتين 33و 46من قانون المحاماة لعبارة "قدماء القضاة" هكذا مطلقة دون تخصيص مما يجعلها شاملة لمختلف حالات إنهاء مهام القاضي الذي أتم مدة ثمان سنوات من العمل .
وحيث إن اعتبار المحكمة أن القاضي غير المستقيل وغير المحال على التقاعد يعتبر عديم الأهلية يجعل فعلا مثل هذا الكلام هو المنعدم الأهلية ولا صلة له لا بقواعد التفسير ولا بالحد الأدنى للمعرفة القانونية المفترض توفرها لدى القضاة ،فكيف يعقل إسقاط صفة القاضي السابق والمعتبر من قدماء القضاة على غيرهما.

3-أن المادة 18 عرضت لأمثلة عن حالات إنهاء الوظيفة أما المادة 5 فهي التي حددت الإدانات التأديبية ونوعها وجعلتها شاملة لكافة العقوبات التأديبية ولم تستثن حالة العزل بدليل أن قرارات محكمة النقض أجمعت على عدم حصرية المادة 18 من قانون المحاماة استنادا لكون "المادة الخامسة من قانون المحاماة لم تجعل من الادانة "بهذا العموم كيفما كانت الإدانة عزل أو إحالة على التقاعد " شرطا كافيا لرفض طلب التسجيل بجدول المحاماة وانما ربطت ذلك بارتكاب أفعال ماسة بالشرف والمروءة وحسن السلوك "، قرارين لمحكمة النقض تحث عدد 607 و 608 الصادرين بتاريخ 16-8-2012 في الملفين 205-4-1-2012 و174-4-1-2012،فمن لا يعلم بالاجتهاد القضائي أو يتناساه أو يحرفه لا يليق به صفة رجل قانون أكانا قاضيا أو محاميا أو أستاذا جامعيا او باحثا،فكيف تقبل المحكمة بالرجوع للمادة 5 فقط في تفسير السبب الشائن وليس طبيعة العقوبة ونوعها عزل أو غير ذلك لأن المادة 5 من قانون المحاماة التي ربطها الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض بالمادة 18 في التفسير واضحة وضوح الشمس لمن له عقل "أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكاب أفعالا منافية للشرف و المروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره "فهل العزل عقوبة تأديبية ام لا ؟إننا نخاطب أصحاب الضمير والعلم وليس أصحاب الحقد والجهل والانتقام
وهكذا اعتبرت محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 9-10-2014 تحت عدد 1054-1 في الملف الإداري عدد 1296-4-1-2014 أن الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من القانون المنظم لمهنة المحاماة المحتج بها لم تجعل من الإدانة شرطا كافيا لرفض طلب التسجيل، وإنما ربطت ذلك بارتكاب أفعال منافية للشرف والمروءة وحسن السلوك، وهو ما لا ينطبق على تلك المخالفة، ولا يشكل مبررا لرفض طلب التسجيل، تكون قد بنت قضاءها على أساس من القانون وعللت قرارها تعليلا كافيا، وما بالوسيلة غير ذي أساس.
و في قرار آخر لمحكمة النقض صادر بتاريخ 17/12/2008 اعتبرت أن"إحالة طالب التقييد في جدول المحامين على التقاعد التلقائي من طرف المجلس الأعلى للقضاء لا يحمل على ارتكابه أفعالا مخلة بالواجبات المهنية وبالشرف والوقار"قرار تحت عدد 1047 ملف إداري عدد 3164-4-1-2006 مذكور عند عمر أزوكار :المحاماة من خلال العمل القضائي ،مكتبة الرشاد،الطبعة الأولى 2012ص 201.
4-أستغرب من أن المحكمة نفسها سبق لها تسجيل قضاة أحيلوا على التقاعد بمخالفة عدم تبرير الثروة فمن الأجدر والاحق بالتسجيل هل صاحب المخالفات المالية أم صاحب مخالفة الحق في التعبير والرأي ؟ 5-ما هي علة حرمان القضاة المعزولين من التسجيل متى كان السبب غير شائن ،فالمحكمة عجزت عن الإجابة لأنها تفتقد لمنطق علمي وقانوني يستحضر الغاية من التشريع لفهم القاعدة القانونية وحدود تطبيقها وتزداد الحيرة والشك بل والنكتة حينما تجد أن المحكمة تقر بنفسها أن القاضي الهيني لم يرتكب مخالفة تمس بالشرف والمروءة فلماذا يتم منعي وإقصائي إذن؟ مع العلم أن الغاية من منع العقوبات التأديبية الشائنة هو عدم الأهلية الأخلاقية لممارسة المهنة بمفهوم غياب الصلاح .
6-إن اشتراط وفرض وجوب كون القاضي من المحالين على التقاعد النهائي أو التلقائي لقبوله كما ذهبت إليه المحكمة يعني اشتراط على الأقل مدة 24 سنة مع العلم أن المادة 18 اشترطت فقط 8 سنوات ؟؟وكيف نفرض 24 سنة وفي الاستقالة فقط ثمان سنوات باعتبارها المدة الأدنى المعتبرة لاكتساب المعرفة والتجربة القضائية؟هذا منطق خاطئ وصادم لا يقبله عقل أو منطق
. 7-فرض المحكمة اجتياز المباراة والتمرين للقبول فيه رغم قضاء أزيد من 17 سنة في مهنة القضاء احتقار للقضاة وفي مؤهلاتهم العلمية وكفاءتهم العملية وكذا احتقار المحامين بجعل شرط الصلاح مانعا من الولوج للمحاماة ،بل واحتقار للمحكمة نفسها عن عجزها أو استنكافها عن الدفاع عن التفسير السليم للقانون والتمسك باستقلاليتها ،لأن ما ركنت إليه يعتبر خرقا فاضحا للقانون لا يقول به حتى الاحمق والمجنون والصبي الذي لم يحتلم ،فهو في واقع الأمر يدل دلالة أكيدة على ازمة في تفسير القانون بل والجبن في دوسه بدون ضمير،لغياب الأهلية القانونية المتطلبة في تفسير وفهم القانون
8- استقر قضاء محكمة النقض انه حتى العقوبات الجنائية في غير قضايا الشرف والمروءة لا تنفي الاهلية للولوج لمهنة المحاماة فهل العزل التأديبي اكثر خطورة من العقوبات الجنائية انه فعلا منطق غريب يساءل ازمة في العقليات التي تطبق القوانين وفي خلاصة القرار فاسد من الناحية القانون وسيبقى وصمة عار في تاريخ القضاء المغربي لأنه اهان الدستور والقانون والحق والعدالة واستهتر بأخلاقيات القضاء وبرسالته وحقر قرارات محكمة النقض وكذب عليها في أول سابقة في المغرب بل وفي العالم.