الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد جدري: قراءة تحليلية في النتائج التفصيلية لتشريعيات 2016

محمد جدري: قراءة تحليلية في النتائج التفصيلية لتشريعيات 2016

انتظرت وزارة الداخلية، ثلاثة أسابيع لتعلن عن النتائج التفصيلية لاقتراع 07 أكتوبر 2016 بشقيها المحلي و الوطني. سنحاول في هذه المقالة الوقوف على مجموعة من النقط الهامة، وذلك من أجل تحليل عميق لهذه النتائج، قبل أن نتطرق لما يجب القيام به لتجويد العملية الانتخابية المغربية في أفق نظام ديمقراطي متقدم.

إليكم بعض النقط المنبثقة عن النتائج المعلنة :

- عرفت هذه الانتخابات مشاركة 30 حزبا، إضافة لمجموعة من المرشحين المستقلين. لكن، بالمقابل، لم يتمكن سوى 14 حزبا من الحصول على تمثيلية بمجلس النواب. في حين أن الأحزاب الستة عشر الأخرى بقيت خارج القبة. مما يطرح علامات استفهام كثيرة من جدوى وجود هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية التي تستفيد من الدعم العمومي ومن الولوج لوسائل الإعلام العمومية، بالإضافة لاستفادتها من البنية التحتية (قصر المؤتمرات، قاعات ندوات....). كل هذا، دون أن تحقق الحد الأدنى من واجباتها في تأطير المواطنين والمساهمة في انخراطهم في الحياة الوطنية؛

- بمقارنة بسيطة لعدد الأصوات المحصل عليها من طرف الغريمين الحاليين، الببجيدي والبام، نجد أن فارق الأصوات بينهما يصل إلى أكثر من 040000 صوت. لكن، هذا الفرق لم تتم ترجمته على أرض الواقع. إذ أن الفارق بينهما لم يتعد 23 مقعدا، في حين أنه بعملية حسابية ثلاثية بسيطة، فإن الفارق، كان يجب أن يصل إلى أكثر من 40 مقعداً. هذا الفرق يعود لاستفادة حزب البام من تخفيض العتبة، خصوصا في المجال الحضري، والأمثلة كثيرة، على سبيل المثال لا للحصر، دائرة طنجة، دائرة المحمدية، دائرة القنيطرة، دائرتا سلا، دائرة الحي المحمدي عين السبع، دائرة الحي الحسني، دائرة أكادير دائرتا الرباط.... إذ أن البام حصل على مقعد في كل هذه الدوائر رغم شساعة الفرق بينه وبين البيحيدي؛

- إبان التحضير لتشريعيات 2016، كان هناك نقاش طويل حول نسبة العتبة المحلية والوطنية. هناك من دافع عن تخفيضها إلى 3% وهناك من طالب بالمحافظة عليها في شكلها 6% وهناك طرف ثالث طالب بالرفع منها إلى 10%. تم التوافق في الأخير على تخفيضها إلى 3%. لكن اليوم، يظهر جليا أن الأهداف التي أدت لخفضها من أجل تمثيلية للأحزاب الصغيرة لم تتحقق. بل بالعكس، استفاد منها البام محليا وحزبا الاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية وطنيا. في حين يظل البيجيدي الخاسر الأكبر محليا ووطنيا؛

- النظام الانتخابي الحالي أبان عن عدة نواقص، إذ كيف يعقل لفيدرالية اليسار أن تحصل على قرابة 140000 صوت على المستوى المحلي، ثم تمثل بنائبين برلمانيين فقط. في حين أن حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، لم يحصل سوى على 70000 صوت ويجد نفسه ممثلا بثلاثة نواب. بل أكثر من ذلك، كيف يمكننا قبول تمثيلية اليسار الأخضر في قبة البرلمان وهو الحاصل على 13000 صوت في حين بقيت جبهة القوى الديمقراطية، خارج البرلمان رغم حصولها على أكثر من 51000 صوت؛

- بالنظر إلى عدد الأصوات المحصل عليها من طرف الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان، فإن عددها يعادل ما حصل عليه حزب الاتحاد الدستوري أي أكثر من 260000 صوت. هذه الأصوات لو لم يتم تشتيها بهذا الشكل، لكانت شكلت فارقا كبيرا في الخريطة السياسية المغربية، وما سيترتب عنها من إمكانية تحالفات؛

- إلى عهد قريب، كان حزبا جبهة القوى الديمقراطية والوطني الديمقراطي يعتبران من الأحزاب المتوسطة. اليوم عرف هذان الحزبان انتكاسة قوية، قد تؤدي لزوالهما من الحياة الحزبية بصفة نهائية؛

- لم تتطرق النتائج المعلنة لنسبة البطائق الملغاة، هذه الأخيرة، هي التي ستحدد النسبة الحقيقية للمشاركة السياسية في اقتراع الجمعة 07 أكتوبر. إذ كلما، كان عددها كبير، كلما أكلت من نسبة 43% المعلنة رسميا.

انطلاقا مما سبق، وفي أفق تجويد الحياة السياسية المغربية، فإنه أصبح من الضروري، إعادة النظر في النظام الانتخابي الحالي، وذلك عن طريق فتح نقاش عمومي بين مختلف الفاعلين في الحقل السياسي، للإجابة على مجموعة من التساؤلات:

- هل يوم الجمعة، يوم مناسب للتصويت؟

- هل عتبة انتخابية منخفضة في صالح دمقرطة البلاد؟

- لم لا التفكير في دوائر محلية موسعة، على سبيل المثال، دائرة انتخابية واحدة بمدينة الدار البيضاء؟ - أليس هذا الإجراء، بإمكانه الحد من الفساد الانتخابي، من هذا المرشح الذي يستطيع شراء أصوات مدينة كاملة بحجم الدار البيضاء؟

- لماذا هذا الكم الهائل من مكاتب التصويت، في حين يمكن تجميع مكتبين أو ثلاث في مكتب واحد؟

- خمس سنوات، ليست كافية لتعميم البطاقة الوطنية على جميع المواطنين والمواطنات، وبالتالي عدم الحاجة للوائح الانتخابية؟

- ألم تستوفي اللائحة الوطنية بشقيها النسائي والشبابي، شروط توفرها، وبالتالي وجب إزالتها، أو على الأقل تغيير شكلها، لإخراجها من الريع إلى التنافس، عن طريق لوائح اقليمية أو جهوية؟

- لماذا نطالب من مغاربة العالم المساهمة في تنمية بلادهم، لكن، نحرمهم من أبسط حقوقهم الأساسية. ألم يحن الوقت اليوم لمشاركة انتخابية لمغاربة المهجر في الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية؟

ختاما، صورة المغرب بالخارج تتحسن يوما عن يوم. لكن، هناك المزيد من العمل ينتظرنا جميعا في أفق مغرب يفتخر كل أبنائه بالانتماء إليه.