الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

علي المدرعي: الصلاة لله والسياسة للوطن !

علي المدرعي: الصلاة لله والسياسة للوطن !

في أعقاب الانتخابات التشريعية لسنة 2011 كان أول حزب اتصل به رئيس الحكومة المعين آنذاك الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران هو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أجل المشاركة في الحكومة، كما قام رئيس الحكومة المعين من طرف الملك بزيارة للسيد عبد الرحمان اليوسفي وهي زيارة كانت تحمل أكثر من رسالة ودلالة على المستوى السياسي والإنساني، ونعلم جميعا أن تواتر الأحداث آنذاك انتهى برفض حزب الاتحاد الاشتراكي الدخول في حكومة عبد الإله بن كيران.
شخصيا وفي نقاش مع الإخوة المسئولين بحزب القوات الشعبية على المستوى الإقليمي والجهوي كنت مع مشاركة الحزب في حكومة 2011 ، على اعتبار أن حزب العدالة والتنمية لم يسبق له تحمل مسئولية تدبير الشأن العام، وهو بالتالي يتوفر على ماض أبيض عكس الأحزاب الأخرى، كما أن مشاركة الحزب في الحكومة يمكن أن تكون بشروط سياسية واضحة وضمانات تمكن حزب الاتحاد الاشتراكي من إبراز كفاءاته التسييرية وقناعاته في القطاعات الحكومية التي سيشرف عليها، وطبعا إذا انتفت تلك الشروط خلال المشوار التدبيري المشترك، فإن مغادرة الحكومة أمر يظل واردا.
الآن نطرح السؤال ماذا تغير ما بين 2011 و 2016 ،بالطبع هناك مدة خمس سنوات اصطف فيها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المعارضة بلهجة شديدة في غالب الأحيان بسبب الخيارات اللاشعبية العديدة أقرتها الحكومة السابقة بشهادة الكثير من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين، وفي ظل هرولة أغلب الأحزاب نحو كراسي الحكومة المقبلة في نسختها الثانية برئاسة عبد الإله بن كيران، في وضع سياسي بئيس وغير مسبوقجعل المناصب الحكومية أهم من مصلحة الوطن والمواطنين.
وهنا نؤكد أن الذين صوتوا للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد صوتوا سياسيا ضد سياسة حكومة بن كيران السابقة، وبالتالي ينبغي احترام هذه الأصوات التي اختارت صوت الاتحاد المعارض لطريقة تدبير الشأن العام من طرف حكومة بن كيران في ولايتها الأولى.
إن الدخول في حكومة الولاية الثانية برئاسة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران سيكون ببساطة عبارة عن صك غفران للحكومة السابقة والمقبلة على حد سواء ، ويكون بذلك موقف خمس سنوات الماضية مجرد هدر للوقت والدوران في حلقة مفرغة.
إن الوضع الحالي لا يقتضي من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اختيار المعارضة فحسب، بل الجلوس مع الذات والبحث عن الأسباب التي أوصلت الحزب إلى هذا الوضع الذي يدعو إلى الشفقة، فالهروب إلى الأمام لن يؤدي إلا إلى المزيد من تأزيم وضعية الحزب، وإحراق ما تبقى من رصيده السياسي والنضالي والانتخابي.
ختاما نورد هنا والآن قولتين للتأمل، الأولى للكاتب الكبير إيميل زولا " الحقيقة أتية ولا شيء يمكن أن يصدها " والثانية للطبيب والفيلسوف الشهير ابن سينا " ابتلينا بقوم يظنون أن الله هداهم ولم يهدي سواهم " .