هل يمكن أن نتصور في فرنسا اليوم، التي تعيش على إيقاع التهيىء لرئاسيات 2017، أن يفوز الرئيس القادم الاشتراكي أو اليميني التقليدي (من الجمهوريين مثلا) في ذلك الاستحقاق بأصوات اليمين المتطرف؟
لا يمكن أن يكون الرد بالإيجاب لأن بلاد الأنوار هناك قد نجحت في حماية بنائها الديموقراطي بالقيم الجمهورية المناصرة للمشترك الديموقراطي، ضدا على كل نزوع عنصري أو إقصائي. ولذلك سيكون من العبث كذلك أن يسفر كل استحقاق تشريعي قادم بفرنسا عن تشكيل حكومة من الاشتراكيين أو الجمهوريين مع رفاق لوبين زعيمة الحزب العنصري.
هذا المشهد العبثي السوريالي المرفوض هناك كما في كل الديموقراطيات المتأصلة مقبول هنا، في مغرب بنكيران وشباط ولشكر وبنعبد الله والوزاني والعماري والعنصر لسبب بسيط :كون السياسة صارت تمارس عندنا بلا ضوابط ولا قيم، أي بلا حد أدنى من الأخلاق. وإلا كيف نفسر التلويح بتحالف حكومي قادم يجتمع فيها من كانوا يعتبرون ممثلي الاشتراكية العلمية، سواء في امتدادها الاشتراكي الديموقراطي المزعوم، أو في امتدادها الماركسي اللينيني المزعوم، أو من كانوا يعتبرون ممثلي التيار المحافظ المفروض أنه الامتداد الطبيعي للسلفية المتنورة لعلال الفاسي، مع التعبير الأصولي ذي المرجعية الإخوانية والوهابية؟
للأمر تفسير واحد وهو أن الفاعلين المعنيين اليوم قد أقالوا أنفسهم من كل الاعتبارات السياسية الأخلاقية لفائدة القبيلة والغنيمة (على حد تعبير فقيد الفكر العربي: محمد عابد الجابري)، على حساب قيم الديموقراطية وقواعد التعدد السياسي والإيديولوجي والاختلاف المذهبي.
وبعد ذلك وقبله نتساءل: لماذا يتنامى حس العزوف بلادنا؟ ولما تضخم رقم المقاطعين؟ ولما صارت صورة السياسة والسياسيين مبهدلة و«مرتجلة» وباعثة على السخرية؟
الخطورة في المشهد أن رجل السياسة بالمغرب صار منافقا سياسيا لا يقرأ الأوضاع من زاوية الاستثمار المستدام الذي يحرص على صلاح السياسة لفائدة صلاح المستقبل، بل يقرأها من زاوية كل الراغبين في الربح السريع: السماسرة والشناقة وأثرياء الحرب.