بعد إقالة حكومة عبد الله إبراهيم (4 ديسمبر 1958 - 21 ماي 1960) والتي كان من بين أعضائها عبد الرحيم بوعبيد نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للاقتصاد الوطني والمالية، وتنصيب حكومة جديدة برئاسة الملك محمد الخامس وولي عهده الأمير مولاي الحسن كنائب له، وهي الحكومة التي لم يشارك فيها الاتحاديون رغم إلحاح محمد الخامس وولي عهده على عبد الرحيم بوعبيد أن يتولى وزارة الخارجية في الحكومة الجديدة.
بعد ذلك بأيام، وفي عز الحملة الانتخابية لأول انتخابات بلدية وقروية في عهد الاستقلال، أطر عبد الرحيم بوعبيد تجمعا حاشدا بالرباط ، مما قال فيه :
"هناك من يعتقد أن المغرب هو بلاد العبيد، لا أيها الإخوان، إن المغرب هو بلاد الرجال الأحرار لأن المغرب لم يتحرر عن طريق الصدفة أو توسطت له من أجل التحرر بعض الدوائر الدولية، بل تم تحرير بلادنا على يد أبطال.
إن بعض السياسيين يحلمون بإقامة نظام فاشستي بالمغرب، ويدعي الخصوم أن من الواجب أن تفرض على المغرب مدة للحكم الديكتاتوري حتى ينضج الشعب، وهذا ليس غلطا فحسب، ولكنه سوء نية مبيت من طرف أناس يعرفون كل المعرفة أن الشعوب لا تتعلم الديمقراطية وقواعد الديمقراطية وتقاليدها في ظل النظام الديكتاتوري أو النظام الفاشيستي، بل لا يتعلم أي شعب الديمقراطية إلا إذا مارسها .
يجب إذن أن ننتصر في هذه الانتخابات لأن انتصارنا سيكون في الحقيقة انتصارا للديمقراطية وبذلك سيخيب ظن العبيد... عبيد المناصب -وأسطر على عبيد المناصب- من هنا ننظر إلى الانتخابات كشيء أساسي بالنسبة لمستقبل البلاد"...
إن هذه الكلمة، والتي تضمنها كتاب الصحافي عبد اللطيف جبرو: "عبد الرحيم بوعبيد: سيادة الوطن وكرامة المواطن"، لتجعلنا نتأمل واقعنا اليوم، وكم أضعنا من الفرص ومن السنين، ولا زلنا نراوح مكاننا بالنسبة لقضية جوهرية نسميها الديمقراطية.
ما أحوجنا اليوم لقراءة تاريخ بلادنا النضالي والمشرف علنا نستخلص بعض الدروس التي تفيدنا في حاضرنا المليء بالمشاكل والتحديات.