الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

رشيد صفـر: أقسموا ولا تقتسموا !!

رشيد صفـر: أقسموا ولا تقتسموا !!

اليوم دقت ساعةُ الحسم، وحلَّ ميقات العزم، تقلدتم المهام، للنيابة عن الشعب، لخدمة الصالح العام، لتنمية القرية والمدينة، لزرع الأمن والسكينة، لتساهموا في قيادة وتوجيه السفينة، لمحاسبة كل رُبَّان، يسوق بلا بوصلة، يُبلـِّلُ شراعها بموج الكساد، يصدمها بصخور الفساد، يمتصُّ خيراتها، كما يمتصُّ "الشيَّاشُون" أنبوب النرجيل.

أقسموا أن الهجر والجفاء، لن يصيب علاقتكم بالناخبين، خلال خمس سنين، أقسموا.. سواء كنتم من هذا أو ذاك الفريق، أنكم لن تنزعوا جلابيب الدراويش، التي أقرضتموها منهم في الحملات والجولات الانتخابية، حين خرجتم للزقاق الشعبية من رغد العيش، قبل إفراغ الصناديق.

أقسموا أن ما ستحبونه لكم ولأولادكم، ستحبونه للفقراء وأبنائهم. أقسموا بجهر، أن دفء الكراسي، لن ينسيكم ما يعيشه المحرومون من قهر، وكل المآسي.

أقسموا أنكم لن تصمتوا أمام جبروت الظالمين، وسطوة الطاغين، لنصرة الصابرين، وإنصاف المظلومين.

أقسموا أنكم ستفعلون ما كنتم تقولون قبل توزيع الحقائب. أقسموا أنكم لن تخذلوا الشعب وتخطبوا عليه بالأساطير والغرائب..

أقسموا أنكم لن تخونوا الأمانة، وأنكم على العهد باقون، لا تواطؤ ولا مُهادنة، ولا اقتراب من العقارب والذئاب، ولا قانون غاب، ولا مستقبل ضباب، ولا ضحك على ذقون.

أقسموا أنكم لن تعتبروا المُطالبين بحقوق مشروعة، متمردين وأجورهم مقطوعة. أقسموا أنكم لن تتركوا الشباب خلف الباب، وأن لا تشنقوا الأطفال، بحبال الإهمال، وأن لا تدفعوا الشيوخ للرضوخ، أمام تقلبات الزمن، في أرذل العمر، وأن لا تعمقوا آهات الأمهات، وأن لا تسلطوا وباء الوهن على الآباء.

أقسموا أن لا تقتسموا بينكم فقط، خيرات البلاد، أن لا تنزعوا حب الوطن، من قلب المواطن منذ الميلاد، أن لا استغلال ولا استبلاد. أقسموا أن كل الديون للسداد، لكن ليس على ظهر العباد.

أقسموا أن لا تقتسموا بينكم "الغنائم"، وتتركوا بني جلدتكم، للهزائم والجرائم. أقسموا أن لا تقتلوا الأحلام، في جنح الظلام.

أقسموا أن لا تقتسموا بينكم الأراضي، بأثمان تفضيلية، وتكدسوا المواطنين في علب إسمنتية. أقسموا أن لا تتركوا التعليم الحكومي، بين أنياب التخلف ومخالب المحن، كوسيلة لضياع الوقت والشحن.

أقسموا أن كل مريض سيجد الطبيب، في موعد قريب، وسيصله الدواء دون غلاء. أقسموا أنكم ستكونون بالمرصاد لإصلاح القضاء وإحقاق العدل وإعطاء كل ذي حق حقهُ، في زمن يسير، دون طلوع وهبوط ويأس وقنوط.

  أقسموا أن المراقبة لن يغلفها الانتقاء، فتخطأ الواصلين منكم والراشين في العلن والخفاء، لتكون وسيلة للانتقام من البعيدين عنكم والرافضين المدَّ والعطاء.

أقسموا أنكم ستكونون أوفياء لحرية التعبير، والتغيير وحسن التدبير،  وأن لا طمع ولا جشع ولا سوء تسيير. أقسموا أن لا تقتسموا بينكم الأفراح وتوزعوا على المساكين الجراح والأتراح.

أقسموا ولا تقتسموا، نفذوا وعودكم ولا تغيروا خطابكم، فمسؤوليتكم أمانة في أعناقكم، و - قد عرضت على الجبال فأبين حملها فحملتموها -، فتحمَّلوها.