الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

الفاعل السياسي والمهني يحيا يقدم مفاتيح النهوض بغرف الصناعة والتجارة

الفاعل السياسي والمهني يحيا يقدم مفاتيح النهوض بغرف الصناعة والتجارة أحمد يحيا، عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين

في هذا المقال، يقدم أحمد يحيا، عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، مجموعة من المفاتيح للنهوض بغرف التجارة والصناعة بعد تشريح أوضاعها. ويبدؤها بسؤل قبل التفصيل في طبيعته وما يستحقه من إجابات. وفيما يلي التشريح الكامل لأحمد يحيا:

"أي دور لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات في المشروع التنموي البديل و الجديد و ما السبيل لإدماجها بهذا الأفق التنموي المرجو.. ؟

السؤال و شرعيته يأتيان من الإقرار الملكي الأخير بفشل النموذج التنموي المغربي، فغرف التجارة و الصناعة و الخدمات لم تسعفها قوانينها الأساسية و لا دقة المرحلة و لا الظرفية الاقتصادية المعقدة بعد هيمنة العولمة و النظام الأحادي القطبية في مواكبة و بلورة سياسة صارمة لتطوير التجارة الداخلية و الرقي بأوضاع الغالبية العظمى من منتسبيها.

إن من المؤشرات الدالة على فشل نموذجنا التنموي المغربي وجود غرف مهنية بدون مهام واضحة و بدون أدوار تقريرية و بدون سلطة تدخل فعلية في القطاعات التي تشملها تغطيتها، و من أول و أهم هذه الغرف غرف التجارة و الصناعة و الخدمات التي تمثل جيشا عرمرما من (التجار الصغار المحبطين) الحاملين لوهم دفاعها عنهم و تأطيرها لهم.

إن الوظيفة الأساسية الغير معلنة لهذه الغرف منذ استقلال المغرب هو تأثيث المؤسسات الدستورية المنتخبة بدءا بمجالس العمالات و الأقاليم و مؤسسات الجهات و مجلس المستشارين حاليا .... ما جعل هذه الغرف قبلة للباحثين عن المنافذ الاحتياطية لولوج هذه المؤسسات، كل حسب مستواه و طموحه و نفوذه ما حولها لمؤسسات في خدمة أهداف سياسية و افرغ أهدافها التمثيلية و التنموية من كل مضمون إيجابي.

و بمجرد إسدال الستار عن الاستحقاقات المؤدية لولوج هذه المؤسسات الدستورية المنتخبة يصبح دور هذه الغرف مقتصرا على إنفاق ميزانيات للتسيير و التجهيز و إحياء بعض الندوات و إصدار بعض التوصيات التي في الغالب تستأنس بها بعض أجهزة السلطة الإدارية الترابية ليس إلا.... ليصبح مردودها و أداؤها بالنسبة للتاجر الصغير و المتوسط دون المستوى المطلوب تأطيرا أو دفاعا عن الحقوق و حماية المكتسبات...

إن القول بضعف المردود و الأداء في علاقته بالتجار الصغار اللذين يشكلون الغالبية العظمى من المنتسبين لهذه الغرف و التركيز على التجار الصغار بالضبط مرده كون الصنفين الآخرين و هما قطاعي الصناعة و الخدمات مؤطران في إطار مؤسسات أو جمعيات أعطتها السلطات العمومية اهتماما قويا بل و مكنتها من إمكانيات تنظيمية و مادية و لوجيستيكية هائلة جعلتها في غنى عن غرف التجارة و الصناعة و الخدمات بل إن السلطات العمومية مركزيا و جهويا و محليا جعلتها مخاطبها الرسمي الوحيد ( الكونفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب )  في تجاوز واضح لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات بل أعطتها تمثيلية في الغرفة الثانية للبرلمان في ما يشبه إجهازا لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات على هذا المستوى...

في المقابل بقي التجار الصغار و المتوسطون خارج هذه التغطية و لم يرتقوا بعد إلى هذا المستوى التنظيمي لخلق مؤسسة جامعة لهم تكون المحاور الوحيد و الرسمي للدولة و هو ما لن يتأتى لهم إلا بتدخل الدولة لإخراج هذا الإطار التنظيمي على مستوى التشريع و التنزيل لتبقى هذه الغرف ملاذهم الأول و الأخير، الذي مع كامل الأسف لم و لا يرقى لتحقيق مطالبهم و الدفاع عن حقوقهم و صون مكتسباتهم بسبب الوضعية الحالية القانونية للغرف المهنية عامة و غرف التجارة و الصناعة و الخدمات خاصة.

لقد تلت الإقرار الملكي بفشل نموذجنا التنموي حملة مقاطعة شعبية لبعض الماركات و العلامات التجارية بدعوى الغلاء و الاحتكار و دون الدخول في مناقشة حملة المقاطعة هذه و أسبابها و غير ذلك من الأمور إلا أن سؤالا كبيرا عريضا يطرح نفسه و نحن نعيش على وقع هذه المقاطعة، و هو لماذا أصيبت هذه المؤسسات بالارتباك و الشلل تجاه هذه الحملة ألا يدور جزء كبير من هذه الحرب  على ساحة التجار الصغار ؟ أليس تجار المواد الغذائية الصغار و المتوسطون أكبر المتضررين ؟ و لماذا لم تجعل الغرف الجهوية للتجارة و الصناعة من مؤسساتها فضاءات لفتح نقاش مسؤول بين جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالمستهلكين و الجمعيات المهنية الممثلة للمتضررين لنزع فتيل الاحتقان على الأقل في الجانب الضار بالتجار الصغار و المتوسطين.... ؟؟

فيمكن أن تكون و تصبح تمثيلية غرف التجارة و الصناعة و الخدمات تمثيلية حقيقية أولا ؟ ثم بعد ذلك كيف يمكن لها أن تساهم في إقلاع حقيقي للتجارة الداخلية في إطار استراتيجية تنموية مندمجة و مستدامة و شاملة ؟

و أرى أن أول المداخل لتحقيق ذلك:

1 - فتح نقاش عمومي وطني حول الغرف المهنية عامة لتحليل أسباب القصور و مكامن المعيقات و تسطير البدائل المستعجلة.

2 - العمل على قانون خاص منظم للتجارة الداخلية و تجارة القرب يلزم السلطات العمومية بحماية التجار الصغار من المنافسات الغير الشريفة و الغير المشروعة التي تسحق أعدادا هائلة من التجار الصغار و المتوسطين و تحيلهم من الطبقة الوسطى إلى الطبقات و الشرائح الاجتماعية الهشة و لا بد هنا من التسطير بالبند العريض على أنه و طالما لم يتم إخراج مدونة للتجارة الداخلية تحدد بدقة الماهية القانونية للتاجر و تضع الفواصل و الحدود القانونية بين التاجر الصغير و التاجر المتوسط و التاجر بالجملة و في نفس الوقت تفصل بين التاجر الشخص الذاتي في الحالات الثلاثة و المقاولة التجارية المهيكلة فإنه يصعب بل سيبقى مستحيلا وجود أرضية صلبة للحماية القانونية و الاجتماعية لهؤلاء التجار من كل أشكال المنافسة الغير المتكافئة و الغير المشروعة ....

3 - مراجعة القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين لجعل تمثيلية الغرف المهنية بمجلس المستشارين مناصفة بين الأصناف الثلاثة التجارة و الخدمات و الصناعة حتى تتمكن فئة التجار الصغار و المتوسطين من ولوج المؤسسة التشريعية و هو شيء مستحيل حاليا في ظل القانون التنظيمي لمجلس المستشارين و مدونة الانتخابات و القانةن الأساسي لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات.

4 - مراجعة القانون الأساسي لغرف التجارة الجهوية بإعادة الاستقلالية لهذه الغرف على المستويات الإقليمية و المحلية و تغيير طريقة تشكيل هذه الغرف الجهوية بتشكيلها و هيكلة مكاتبها من خلال تجميع مكاتب هذه الغرف الإقليمية و إجراء انتخابات لفرز مكاتب هذه الغرف الجهوية على هذا المستوى على أن تكون وظيفتها اقتراحية و رقابية ..

5 - إلغاء اللوائح الانتخابية الحالية لهذه الغرف و البحث عن صيغ لوائح انتخابية فعالة و شفافة بإنشاء بنك للمعطيات و البيانات حول التجار و المهنيين بين وزارات التجارة و العدل و المالية و الإدارة العامة للأمن الوطني لوقف تدليس و تزوير هذه اللوائح الانتخابية و تعويمها بقاعدة انتخابية مزورة و تحت الطلب....

6 - اعتبار عضوية المنتخبين بالغرف المهنية في مؤسسة دستورية منتخبة أخرى حالة للتنافي.

7 - وضع استراتيجيات جهوية للنهوض بالتجارة الداخلية في إطار مخطط و مشروع تنموي جديد و بديل منسجم مع شعار الدولة الوطنية الاجتماعية العادلة.

هذه بعض المداخل الأساسية و ليس كلها ليصبح لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات وجود فعلي و حضور قوي لإقلاع اقتصادي حقيقي بالجهات و من بينها جهة طنجة تطوان الحسيمة التي لها مشاكلها الخاصة باعتبارها جهة حدودية و منطقة هجرة و عبور دائمين".