بتزكية حماد القباج، الداعية السلفي، وكيلا للائحة المصباح بمراكش كيليز، يكون عبد الإله بنكيران قد طعن الديمقراطية بسيف وافي، ووضع الدولة والمجتمع أمام تحد كبير، يتعلق بالتطبيع السلفي مع المؤسسات، واقتحام معاقل التشريع والتسيير والتدبير، وهو رهان خطير، يسعى من جهة لجلب أصوات إضافية كانت نائمة، مثلما هي خلايا الإرهاب نائمة، ويسعى من جهة أخرى إلى تحدي المجتمع والمؤسسات، حيث أصبح البيجيدي معبرا للسلفيات كي تقتحم المؤسسات.
نعرف جيدا أن بنكيران ليس بعيدا عن الأجواء السلفية، وقد تربى داخلها ومن خلالها وما زال، والذي أخرجه من ضغطها هو تأثره بالفكرة الإخوانية ذات التوجه السلفي، خصوصا بعد أن حل زين العابدين سرور بالمغرب وأقنع الإخوان بهذا التوجه، وهو أول من أدخل النزعة التكفيرية داخل جماعة بنكيران، الذي وزع كتابه "عودة المجوس" بشكل كبير، وهو كتاب تكفيري.
عندما استضاف الصحفي حميد برادة عبد الإله بنكيران، في برنامجه ميزونكور على القناة الثانية سأله عن كاتبه المفضل فقال "ابن القيم الجوزية"، لم يشأ ان يقول ابن تيمية شيخ ابن القيم لأنه معروف لدى الفرنكوفونيين لكنهم قد لا يعرفون ابن القيم. وتتلمذ على كتب ابن تيمية وابن عبد الوهاب، وهي من أهم المراجع في البرنامج التربوي والتثقيفي للحركة منذ نشأتها.
وخلال مسار تشكيل حركته وتكونها وتطورها استقبل مجموعات سلفية، ففي سنة 1985 انضمت مجموعة سلفية يقودها العربي بلقايد وعبد المالك زعزاع للجماعة الإسلامية، التي أسسها بنكيران، كما استقبل أيضا مجموعة أحمد الشقيري الديني بداية تسعنيات القرن الماضي، وقبيل انتخابات 2011 قال بنكيران ينبغي إطلاق سراح سجناء السلفية الجهادية كي يعلموننا العقيدة، وتولى حامي الدين ملفهم. التاريخ يواصل سيره ولم يتوقف عند هذه المحطات، ولكنه يكشف أن مراجعات بنكيران ليست حقيقية هي مجرد الرماد الذي رماه في وجه الجميع كي يقبلوا به، واليوم بعد تمكنه من مفاصل الحكومة عاد لسيرته الأولى هو وإخوانه. نتذكر جيدا مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، جالس أمام المغراوي، الشيخ السلفي، وقال له إني أغبطكم وليتني أجلس هنا أفضل آلاف المرات من الوزارة.
إذن النزوع السلفي لدى التوحيد والإصلاح ليس جديدا، وكذلك هو عند أداتها الوظيفية حزب العدالة والتنمية، ولكنها سلفية خفيفة منسجمة مع فتوى تقي الدين الهيلالي، المؤسس الأول لهذا التيار بالمغرب، الذي أجاز التدليس المحبوب، فتحول بنكيران من ارتداء "القشابة" إلى القميص والسروال، وبعد أن راوغ كثيرا عن لبس ربطة العنق، التي تعتبر وهابيا تشبها بالكفار، لبسها وفق ذات الفتوى.
فترشيح القباج هو تجديد للدماء السلفية في الحزب الإسلامي وتذكير للسلفيات بالرابطة القوية بينه وبينهم، وبالتالي ما قام به بنكيران تحالف من أجل الأصوات الانتخابية ضدا على الديمقراطية وعلى المؤسسات، إذ القباج لا يؤمن بها إلا منقسمة بين فاسقين ومؤمنين الذين هم "الإخوان".
العنوان من اختيار هيأة تحرير الموقع