ثلاث رسائل لثلاث جهات هي المعنية أكثر بقرار عبد الإلاه بنكيران وضع السلفي المتطرف حماد القباج على رأس لائحة "البيجيدي" بمدينة مراكش.
الأولى موجهة إلى الدولة والمجتمع ببلادنا، وتفيد بأن هوامش "البيجيدي" في المناورة السياسية لا حدود لها. فبنكيران الذي طالما ادعى أنه يقود حزبا ذا مرجعية إسلامية تنهل من وسطية التدين المغربي قادر على التحالف حتى مع الشيطان وأبنائه، بمن فيهم التكفيريون، فقط من أجل الإنقضاض على استحقاق سابع أكتوبر القادم.
الرسالة الثانية موجهة إلى المملكة العربية السعودية التي يعاديها بنكيران مثل كل نظرائه الإخوانين في تونس ومصر وتركيا وكل العالم لأنهم لا يغفرون للسعودية موقفها من الإخوان، ودعمها لعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي. القباج رقم دال في المعادلة بعد أن كان قد وجه رسالة إلى الحكام في الرياض تضمنت انتقادات حادة على موقفهم من تحولات مصر. قرار بنكيران باختيار القباج في هذا السياق موقف سياسي واضح، ورسالة نكاية نحو السعوديين. بنكيران لا يهمه دعم السعوديين لبلادنا في موضوع وحدتنا الترابية وفي قضايانا التنموية.
أما الرسالة الثالثة فموجهة للإدارة الأمريكية التي كانت قد تبنت دعم الأصوليين في استلام الحكم في العالم العربي كنوع من الإبدال السياسي بعد أن ارتأت أن النخب الحزبية التقليدية قد استنفدت مهامها التاريخية. وبالتالي فالأصوليون حسبها هم المؤهلون في المرحلة الراهنة، خاصة بعد أن نسجوا خطوط التوافق مع الأمريكيين بخصوص آفاق العمل ااسياسي محليا وقوميا ودوليا بما لا يزعج الاستراتيجية الأمريكية في العالم، وبما لا يخل بمكانة إسرائيل داخل هذه الإستراتيجية.
الرسائل والجهات الثلاثة بدلالاتها الصارخة تبرز المنحى الميكيافيلي الثعلبي في إدارة الصراع وتؤكد تعدد الولاءات المذهبية والسياسية للبيجيدي، وتكشف عن هوية وارتباطات هذا الحزب المشدودة للجذع الاخواني المشترك، والمتضارب أساسا مع ثوابت المغاربة وقيمهم واختياراته.
لأجل ذلك نؤكد على أهمية الاستحقاق التشريعي القادم وأثره على الاستقرار في بلادنا، مثلما نؤكد على أن الأصوليين المغاربة يخوضون هذا الاستحقاق برهان محلي وعربي ودولي. الأجندة متشابكة الخطوط والولاءات، وتعمل كل شيء من أجل تهديد خيار المغاربة في بناء المغرب الديموقراطي الحداثي.