الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

في نداء من رفاق نبيلة منيب: يا رئيس الحكومة إرحم ساكنة جماعة الصهريج

في نداء من رفاق نبيلة منيب: يا رئيس الحكومة إرحم ساكنة جماعة الصهريج سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة ونبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد

لا شيء أمر من أن ترى وضعا مزريا تعيشه الجماعة التي أنت أحد المسؤولين عنها أو أحد مستشاريها أو فاعلا سياسيا حزبيا أو مدنيا تقيم في ترابها، ولا تتحرك فيك قيد أنملة لتعبر صارخا ملفتا النظر إلى المآسي الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها ساكنة هذه الجماعة.. هذا الوضع تنام وتصحو عليه جماعة الصهريج-صنهاجة بإقليم قلعة السراغنة، وهو ما حذا بفرع الحزب الاشتراكي الموحد لدق جرس الانتباه إلى هذا الوضع "الكارثي"، ومراسلة رئيس الحكومة من أجل إنقاذ ساكنة هذه الجماعة من هذا البؤس الخانق. "أنفاس بريس" توصلت بنسخة من هذه المراسلة الحارقة التي رصدت كل الاختلالات والإهمال الذي يربض على هذه الجماعة، ندرج نصها هنا كاملا:

"تعيش ساكنة جماعة الصهريج بإقليم قلعة السراغنة، وضعا أقل ما يقال عنه أنه كارثي وجارح على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. حيث يمس الفقر المدقع، ما يقارب مائة بالمائة من شرائحها الاجتماعية.

لا شيء يضيء بهذه المنطقة، أو يعبر عن الأمل الذي يبني عليه الناس حياتهم ومستقبلهم. لا نعرف كحزب، كيف يستمر هؤلاء الناس وأبناؤهم وبناتهم في العيش، حيث لا دخل مادي ولا أي شيء يمكن أن يفيدوا منه في هذه المنطقة. لا يوجد قطاع اجتماعي واحد سليم ولو بنسبة ضئيلة. كل القطاعات الحيوية إما أنها منعدمة تماما أو فاسدة أو ضعيفة: لا صحة ولا تعليم ولا طرقات ولا خدمات ولا معامل ولا فرص شغل ولا فلاحة ولا زراعة... أزمة مياه خانقة سواء تعلق الأمر بمياه الشرب أم السقي، تلوث بيئي حاد يزيد من بؤس الساكنة.

لا يتجاوز عدد السكان بالجماعة 15.385 (2695 أسرة)، حسب إحصائيات 2014 على مساحة تقدر بـ 49,72 كلم مربع. ولكن المسؤولين المحليين والإقليميين والجهويين والوطنيين، -وهم يتوفرون على المعطيات جميعها والإحصائيات- لا يقومون بأي جهد لإخراج مواطنين فقراء عزل من جحيم الفقر والبؤس والعزلة التامة التي يعانون منها. وكأنهم ليسوا من المغرب، أو هم كذلك، ولكن من درجة متأخرة لا تستحق الاهتمام والعيش بكرامة.

كل البنود الدستورية الضامنة للحق في الحياة والكرامة والصحة والتعليم والأمن والاستفادة من مقدرات البلد وثرواته، تضرب عرض الحائط عندما يتعلق الأمر بهذه الفئة وهذه الساكنة... ساكنة الصهريج -ومحيطها- التي تفتقد لأبسط مقومات العيش:

وفيما يلي بعض ما تعانيه الساكنة:

- انعدام فرص التشغيل وموارد العيش. فـ "المورد" شبه الوحيد هو ارتياد أرباب العائلات وأبنائهم للأسواق الأسبوعية من أجل "التجارة"، أو يسافرون بعيدا عن المنطقة ليجلبوا لأسرهم -من أطفال ونساء وكهول- ما يسدون به رمق العيش...

- انعدام الربط بالماء الشروب لساكنة عدد من الأسر التي تعاني من العطش والانقطاع المتكرر للمياه بالنسبة لأخرى. لقد قامت الجماعة والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والإنعاش الوطني، بشكل عشوائي وفي غياب أي دراسة حقيقية بعملية الربط وبناء خزانات المياه كيفما اتفق. مما ترتب عنه عدة مشاكل تحول دون استفادة الساكنة بمياه الشرب بشكل منتظم... ونفس الشيء بالنسبة للكهرباء، حيث حرمان عدد من الأسر منه. بالإضافة إلى غلاء فاتورة الاستهلاك بالنسبة للآخرين.

- تلوث بيئي حاد يزيد من بؤس الساكنة وحنقهم، جراء الأوساخ والأمراض والروائح الكريهة الصادرة عن الحظائر الصناعية لتربية الدواجن، كتلك الموجودة بالقرب من السوق الأسبوعي للحمادنة. يتضرر من حظائر تربية الدواجن بالإضافة إلى ساكنة الدواوير، تلامذة مجموعة مدارس أولاد الحداد والمستوصف القروي... يوجد بتراب الجماعة أربع وحدات لتربية الدواجن وهي لا تستوفي المستلزمات البيئية الضرورية التي تحول دون تضرر السكان.

- كما تتضرر الساكنة بشكل حاد من المطرح الجماعي الذي تم إحداثه مؤخرا بشكل عشوائي، ويستوعب الأزبال والنفايات الصيدلانية والطبية المسمومة وغيرها مما تجلبه شاحنات الأزبال لعمالة إقليم قلعة السراغنة، والذي يعد كارثة بيئية حقيقية ويشكل خطرا داهما لسكان جماعة الصهريح وشرفتها المائية وماشيتها وتربتها وفضاءها العام.

- كذلك لا يوجد بالجماعة شبكة للصرف الصحي. دون أن ننسى النفايات المنزلية المتراكمة هنا وهناك بكل تراب الجماعة.

تتوفر الجماعة على مركز صحي مع وحدة للتوليد بمركز الصهريج ومستوصف قروي بالحمادنة:

- المستوصف يتوفر على ممرض واحد، وهو غير مزود، لا بالمياه ولا سيارة إسعاف ولا يوجد به طبيب...!

- المركز الصحي لا يتوفر على التخصصات الضرورية ولا على موارد بشرية كافية (طبيب واحد لـ 15.385 شخصا... ولا يتجاوز عدد الممرضين اثنان!).

وهو ما يعبر عن نقص حاد في الأطقم الطبية وتأخر كبير على مستوى المعايير الدولية، وتأخر مهول مقارنة بما عليه الأمر وطنيا:

- المعدل الوطني، حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، هو 6 أطباء لكل 10 آلاف مغربي (الصهريج: طبيب واحد لـ 13385 شخصا). لكي تكون جماعة الصهريج مثلها مثل مناطق المغرب الأخرى، عليها أن تتوفر على 8 أطباء و11 ممرضا على الأقل.

 - الوحدتان الطبيتان لا تتوفران أيضا على المستلزمات والتجهيزات الطبية الضرورية ولا على أدوية ولا يوفران الحد الأدنى من الخدمات الطبية، مما يضطر الأسر -بالرغم من فقرها و ضعف إمكانياتها- إلى التنقل بعيدا عن الجماعة، إلى قلعة السراغنة أو مراكش لتلقي العلاجات والتطبيب لمدد زمنية تطول وتقصر. وهذا التنقل يكلفهم طبعا مزيدا من المصاريف التي تعمق من معاناتهم. ولا تتوفر الجماعة إلا على سيارة إسعاف واحدة غير مجهزة طبيا لمجموع الساكنة.

وهو ما يضطر العدد الكبير من الناس المرضى في المنطقة، إلى عدم ارتياد المستشفيات من الأصل، لأنه مكلف، فيستسلمون للمرض والموت جراء ذلك. الناس يموتون في هذه المنطقة لأنه لا يتوفرون على إمكانيات وموارد مالية للتنقل والتطبيب.

فيما يتعلق بقطاع التربية والتكوين، نشير إلى تهالك المدارس والأقسام و ندرتها وضعف البنية التحتية والاكتظاظ والخصاص في الموارد البشرية وضعف التجهيزات والإمكانيات وبنية الاستقبال والهذر المدرسي المتواصل للإناث والذكور على السواء. مما ينتج معه محصلة تكاد تكون منعدمة لطفلات وأطفال هذه المنطقة في التعلم والتثقيف والحصول على شهادات تؤهلهم لسوق الشغل.

- الأمل شبه معدوم لأبناء هذه المنطقة لتغيير وضعها الثقافي والاجتماعي عن طريق التمدرس بمدارسها.

- لا توجد بالمطلق طرق معبدة بدواوير الجماعة وهو ما يحيل التنقل خصوصا أثناء التساقطات المطرية إلى معاناة حقيقية للسكان. أما الطريق الوحيدة بين مقر الجماعة ودواوير الحمادنة فهي متهالكة ولم تعد قابلة للاستعمال.

- عدد المعطلين من دوي الشهادات وغيرهم في تزايد مستمر وملفت ولا يوجد أمل لحل معضلاتهم بمنطقة الصهريج طبعا. وعليه فالبحث عن لقمة العيش يضطرهم إلى السفر أو الانتقال إلى المدن البعيدة (المغرب النافع) أو التسكع أو الهجرة السرية عبر قوارب الموت...

- الوضع الأمني ضعيف بالمنطقة ويسبب مشاكل كبيرة للناس، وتضطر العديد من الأسر إلى منع بناتها خصوصا من مواصلة ارتياد المدارس. وبالنظر إلى الظروف المعيشية الصعبة جدا، يلجأ العديد من الشباب إلى تناول المخدرات أو المتاجرة فيها...

- معاناة النساء والأطفال في ظل هذه الظروف المتسمة بالفاقة والفقر والأمية، كبيرة جدا. وتتعرض النساء لشقاء وعنف قاسيين جدا.

- ضيعات فلاحة بورية ومهملة جدا ولا توفر الحد الأدنى لحاجات السكان... وتجدر الإشارة إلى أن 89,52 في المائة من أراضي جماعة الصهريج صالحة للزراعة وإلى قرب المنطقة من سد سيدي ادريس وسد آيت عادل وسد تشواريت وسواقيها التي يمر بعضها قريبا جدا من الجماعة دون أن تستفيد منها، والمنطقة قريبة من عدد من الأودية كذلك، ولكن الساكنة محرومة من الاستفادة منها لغياب قنوات الري. وكانت ستكون كفيلة بحل العديد من معضلاتها السقوية والفلاحية وماء الشرب لو خصص جزء من مياه السدود القريبة للمنطقة... خصوصا وأن أراضيها سهلية وتربتها جيدة. ويلجأ الفلاحون اليوم إلى بيع أراضيهم وبيع أشجار الزيتون واللوز لسداد حاجياتهم الرئيسية...

- تربية المواشي ضعيفة جدا وغير منظمة ولا تلقى الرعاية والتوجيه والتأطير والدعم اللازم. وتراجعت أعدادها بشكل حاد لغلاء الأعلاف مقابل الاستمرار في ضعف القدرة الشرائية.

- لا توجد بنية حاضنة ومواكبة لشباب المنطقة. ملعبان رديئان بسياج متآكل وغير قابلان للاستعمال، وغياب كلي للفضاءات الشبابية الترفيهية والثقافية والفنية.

- كما لا يتوفر شباب المنطقة على أمل أو أفق سليم لحياة مستقرة وكريمة، حيث يلجأ العديد منهم -ليخرجوا من حالة البؤس التي هم عليها- إلى الهجرة السرية عبر قوارب الموت إلى أوروبا مما ينتج عنه مآسي حقيقية لهم ولعائلتهم والمنطقة ككل، جراء ضياعهم وفقدان عدد منهم في البحر أو الحصار الذي يتعرضون له في ليبيا أو الاستغلال والنصب والاضطهاد من قبل شبكات الاتجار في البشر...

- هناك فوضى وعشوائية عارمة في مجال تدبير شؤون المواطنين فيما يتعلق بالتعمير والبناء بجماعة الصهريج، حيث يعاني الساكنة من البناء العشوائي وصعوبة الحصول على التراخيص القانونية لبناء المحلات والسكن، مما يجعل عددا من السكان والموظفين، يقيمون بجماعات مجاورة، وخصوصا في العطاوية... كما يعاني جل تراب الجماعة من الظلام الدامس وإنارة عمومية شبه منعدمة في المركز...

هذه بعض الملاحظات التي تبين إلى أي حد تم إهمال ساكنة الصهريج وتوضح مدى معاناتهم.

وعليه فإننا في الحزب الاشتراكي الموحد، نطلب منكم التدخل العاجل، من أجل إنقاذ الساكنة وإخراجها من دائرة المهانة والإهمال وضنك العيش الذي تعانيه الأسر وأبناؤها، وتوفير بنية لائقة للعيش وخدمات مقبولة وإيلاء بعض الاهتمام لهذه الفئة من الشعب المنسي والمعزول والمحكور، وموافاتنا بملاحظاتكم وبما ستتخذونه من إجراءات عملية بهذا الصدد"...