معظم التلفزيونات العامّة والرياضية في العالم منشغلة، هذه الأيام، بالألعاب الأولمبية في «ريو دي جانيرو». ولا ينحصر هذا الاهتمام على أجواء المسابقات ونتائجها وحصص كل بلد من الميداليات فحسب، بل يشمل أيضا تداعياتها السياسية والاجتماعية والإنسانية وكذلك الحوادث المتفرقة التي وقعت على هامشها، من سرقات للجمهور في وضح النهار، واتهام رياضيين بالتحرش الجنسي، واعتقال عضو لجنة أولمبية، وتقديم صور من جسم سباح أمريكي، تبرز خضوعه للعلاج التقليدي المعروف بـ»الحجامة».
بالموازاة مع ذلك، وجدت بعض القنوات التلفزيونية الفرنسية مادة دسمة وخصبة، انطلاقا من الصراع على كرسي الرئاسة الأمريكية، متوقفة عند التصريحات المثيرة التي أطلقها المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حيث اتهم كلا من الرئيس باراك أوباما والمرشحة هيلاري كلينتون بدعم «داعش».
المحللون الذين استضافتهم بعض برامج النقاش الفرنسية تساءلوا عما إذا كان ترامب يمثل فعلاً توجهات المواطن الأمريكي الحالية، رغم أن استطلاعات الرأي تفيد بوجود تقدم بسيط لمنافسته هيلاري كينتون، وإن كانت هذه الأخيرة ـ بحسب البعض ـ لا تتوفر على «الكاريزما» الموجودة لدى منافسها القوي.
بيد أن ترامب لا يثبت على حال، فبسبب مخاوفه من نتائج الاستطلاعات، عمد أخيرًا إلى تغيير فريق حملته الانتخابية، مستعينًا بمستشارة إعلامية في قناة تلفزيونية. كما لوحظ وجود تغيير في لهجته تجاه المسلمين، من خلال الدعوة إلى التعامل مع «المعتدلين» منهم، ومغازلة الأمريكيين من أصل إفريقي، مثلما علّقت إحدى القنوات التلفزيونية قبل يومين.
ولعلّ اهتمام التلفزيونات الفرنسية بدونالد ترامب ـ تحديدًا ـ راجع إلى الوعيد الذي أطلقه مدويا، حيث قال في تصريح لقناة «ن. بي. سي» الأمريكية إن التطرف متغلغل في أوربا لكون هذه القارة فتحت أذرعها للإرهابيين، ومن ثم توعّد بإخضاع المواطنين الفرنسيين، والألمان المتوجهين لبلاده إلى مراقبة دقيقة جدا، لما قد يمثلونه من «خطر» على النظام العام في الولايات المتحدة الأمريكية!
سجال حول «البوركيني»: ممنوع أم مباح؟
ومع اشتداد حرارة الصيف، طفا على سطح النقاشات التلفزيونية بفرنسا أيضا، موضوع لباس البحر «الإسلامي» المعروف بـ «بوركيني» الذي ترتديه الفتيات والنساء المحجبات للسباحة، وذلك تزامنا مع القرار الذي اتخذه عمدتا مدينتي «كان» و«فيلنوف لوبي»بمنع ارتدائه في الشواطئ، بمبرر أنه يتعارض مع قيم العلمانية، ويشكل رمزا دينيا قد يؤدي إلى التشدد؛ وقد حذا حذوهما عمدة مدينة «سيسكو» قبل بضعة أيام، متعللا بالذريعة نفسها.
الناشط الحقوقي والبرلماني والوزير السابق جان ـ بيير شوفينمون (المرشح لرئاسة مؤسسة «من أجل إسلام فرنسا») شدد في تصريح تلفزيوني لـ «أوربا 1» على أن اللباس المذكور لا يتنافى مع القانون الفرنسي الذي يكفل حرية المعتقد، فالناس أحرار في أن يسبحوا سواء مرتدين لباسهم أو بلباس السباحة المعتاد، شريطة ألا يتعارض ذلك مع النظام العام. وللتذكير، فإن شوفينمون اشتهر بقولته: إن العلمانية ليست أبدا موجهة ضد الإسلام.
وفي السياق ذاته، دافعت الناشطة الحقوقية فرانسواز ديمون (رئيسة عصبة حقوق الإنسان) عن «المايوه الإسلامي»، معتبرة أن الأمر يعتبر تجسيدا لحق من حقوق المواطنة وللمساواة بين المواطنين على اختلاف معتقداتهم الدينية.
الطريف في الأمر أن لباس «بوركيني» الذي اخترعته مصممة أسترالية ذات جذور لبنانية، يجمع بين مفردتين متناقضتين هما «البرقع» (لباس طالبان الأفغان) والذي وُجد لتغطية جسم المرأة بكامله و»بيكيني» الذي صُمّم لخلاف ذلك!
ثقافة ووثائقيات.. في صيف المغرب
أما فترة الصيف في المغرب، فهي فرصة لمحبي البرامج الثقافية والوثائقية من أجل الاستمتاع بمشاهدة ما فاتهم من حلقات، حيث تستغل القنوات التلفزيونية موسم الإجازات السنوية للإعلاميين لإعادة بث برامجها المختلفة.
وشكلت البرامج الوثائقية والثقافية موضوعا لحلقتين قدّمتهما معدّة البرنامج ومنشطته الإعلامية زهور حميش، شارك في الحلقة المخصصة للثقافة الشاعر صلاح الوديع والإعلامية سعيدة شريف والإعلامي ياسين عدنان (صاحب البرنامج التلفزيوني «مشارف»)، والإعلامية إسمهان عمور (صاحبة البرنامج الإذاعي «حبر وقلم»). تضمنت الحلقة تقريرا رصد خلاصات رأي المشاهدين في البرامج الثقافية، إذ سجل ضعف حضور هذه الأخيرة في شبكة برامج الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بالإضافة إلى غياب الفرجة البصرية فيها؛ بينما سجل المتدخلون أن تلك البرامج، التي تشكل جزرا متفرقة، هي انعكاس لوضعية الثقافة في المغرب عمومًا، حيث تغيب السياسة الثقافية، ويجري إقصاء الدور الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في التنمية الشاملة وتطوير الذائقة الجمالية والحس الإنساني.
أما الحلقة الخاصة بالبرامج الوثائقية فشارك فيها كل من الفنان حسن بوفوس مخرج برنامج «أمودو»، والإعلامية خديجة رشوق معدة برنامج «تيفاوين» و»علامات وظلال»، والخبير الأكاديمي الدكتور عبد الله أبو عوض، حيث كانت الحلقة فرصة لتقييم حضور الوثائقي في برامج التلفزيون المغربي واستحضار أعمال سابقة: «المغرب البحري»، «ذاكرة المدن»، «قصور وقصبات»... وأخرى لاحقة: «أمودو»، «مغرب القرن العشرين»، «الشاهد»، «الهودج»، «علامات وظلال»...
على أهمية هذه البرامج الوثائقية والثقافية، فإن التوقيت غير المناسب الذي يخصص لها في شبكات البرامج التلفزيونية، يعكس النظرة الاستصغارية للثقافة في المغرب، بينما تتبوأ البرامج والسهرات الترفيهية مكان الصدارة وتوقيت ذروة المشاهدة التلفزيونية وتنال النصيب الأوفر من الدعاية الإعلانية على امتداد الأسبوع.