Friday 9 May 2025
مجتمع

أيادي حرفيين تحمل ندوبا وجروحا شاهدة على الإقصاء والنسيان

أيادي حرفيين تحمل ندوبا وجروحا شاهدة على الإقصاء والنسيان

السي الحبيب الفاريدي صانع تقليدي من المغرب العميق ، وتحديدا من دوار أولاد لمني بجماعة الطياميم بدائرة الشماعية بإقليم اليوسفية، أطلق أول صرخة في حياته سنة 1946 بنفس الدوار الذي كان يفتقد لكل المقومات الأساسية للحياة، مما أفقده الاحساس بكل معاني  الطفولة مدة 12 سنة، حيث سيضطر إلى مغادرة الدراسة والاتجاه صوب مدينة الرباط سنة 1958 لتعلم مبادئ الصناعة التقليدية التي ستصبح مهنته الحلال لكسب قوت أفراد عائلته.

تجد السي الحبيب يتوسط خيمته وتحيط به سلعته كل يوم خميس بسوق زيمة كعادته مبتسما في وجه الزوار والمتبضعين وجيرانه وأهله وأقاربه، ملحا على ضرورة احتساء كأس شاي ملقم بنعناع أولاد معاشو الحمريين، أبا لحبيب صانع الكير "الرابوز" التقليدي الذي يستعمل للنفخ على النار، ومبدع صناعة قرشال الصوف، وأطباق نبات الدوم المزركشة بالألوان الجميلة، وغرابيل الحبوب والدقيق بكل أنواعها وأحجامها، "منتوجاتي تجدها داخل كل بيوت المواطنين، وبمختلف مدن المغرب، وإتقاني لهذه الحرفة مكنني من الولوج لقلوب الناس"، يقول أبا لحبيب بعد أن جالسته بحميمة واستمعت لشروحاته وطرق ابتكار وسائل عمله والمراحل التي تمر منها كل المنتوجات بإمعان شديد، فالرجل فنان ومبدع يستحق التفاتة من الجهات الوصية على قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني .(مع الأسف معندناش مندوبية في اليوسفية).

السي الحبيب يؤكد أن مهنته تعرف كسادا مهولا هذه السنة بسبب الجفاف الذي ضرب منطقة أحمر بكاملها، قائلا: "إن رواج هذه الحرفة مرتبط ارتباطا وثيقا بسنوات الخير والصبا والإنتاج الفلاحي وجودة المحاصيل الزراعية، كما تزدهر خلال فترات من السنة كعيد الأضحى".. وأضاف منتشيا بمنتوجاته "الله يجعل البركة مازال المغاربة يتبضعون من منتوجات هذه الصناعة التقليدية، لأنها رمز للتراث ولهوية الإنسان الحمري وطقوسه وعاداته وتقاليده الاجتماعية". وعن سؤال حول مورد وأثمنة مكونات المواد الأولية التي يستعملها في منتوجاته التقليدية أكد أنه "يجلبها من مدينة الدار البيضاء وقد عرفت ارتفاعا مهولة كغيرها من المواد بسبب الزيادات المتكررة والصاروخية التي طالت كل شيء خلال الخمس سنوات الأخيرة". الأغرب من ذلك أن صانعنا التقليدي السي الحبيب لم يطرق بابه يوما أي ممثل للحرفيين والصناع التقليديين الذين يمثلونه بالغرفة ـحسب قولهـ بل أنه لم يستفد أبدا من الدعم المخصص للصناع التقليديين، مطالبا في نفس الوقت بضرورة تدخل القطاع الوصي بمنطقة أحمر لتثمين المنتوجات الحرفية وما أكثرها بتنوعها وخصوصياتها، وتقديم الدعم للحرفيين بإقليم أحمر، ومصاحبتهم وتأطيرهم للمحافظة على كل المنتوجات الحرفية وتحصينها من الانقراض، وفتح المجال لهم للترويج لإبداعاتهم من خلال إقامة معارض سنوية تبرز فيها القيمة الجميلة لما تنتج أياديهم وأناملهم التي تحمل ندوب وجروح شاهدة على الإقصاء والتهميش والنسيان .

فهل تلتفت وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني لهذه المنطقة من إقليم اليوسفية لتحدث أولا مندوبيتها وتبحث عن مواردها البشرية، وثانيا للاطلاع على أحوال الصناع والحرفيين، وثالثا للتثمين هذه المنتوجات الحرفية وغيرها إسوة بما تقوم به ببعض المناطق النائية؟؟