Friday 9 May 2025
مجتمع

هكذا تم إسقاط "الخطاط ينج" إداريا من رئاسة جهة الداخلة

هكذا تم إسقاط "الخطاط ينج" إداريا من رئاسة جهة الداخلة

بعيدا عن حرب الشوارع والتجييش المتبادل، ولغة البيانات، يورد موقع "أنفاس بريس"، الحيثيات القانونية التي بني عليها الحكم ابتدائيا من قبل المحكمة الإدارية لأكادير، حول أهلية الخطاط ينج في ترؤس جهة الداخلة وادي الذهب، بعد أن تقدمت المستشارة الجهوية عزوها الشكاف، بما يفيد إقامته الاعتيادية خارج المغرب، وما تعتبره تقاعس مصالح الداخلية في تنفيذ المادة 72 من القانون التنظيمي للجهات..
الوقائع

بتاريخ 14 شتنبر 2015 جرت انتخابات تشكيل رئاسة مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، كان هناك مرشحان رئيسيان هما الخطاط ينج (حزب الاستقلال) مدعوما بمستشاري حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، وعزوها الشكاف (حزب الأصالة والمعاصرة) مدعومة من قبل حزب الحركة الشعبية، كان الفارق بسيطا في عدد الأصوات، مما مكن ينج، العائد من جبهة البوليساريو، من الظفر بكرسي الرئاسة، من هنا بدأت المعركة القضائية بعد النعركة الانتخابية، لنصل اليوم لمعركة الشوارع..

دفاع الشكاف: هذه هي جنسيات الخطاط
من خلال نسخة الحكم التي تتوفر "أنفاس بريس"، على نسخة منه، فإنه بتاريخ 13 يناير 2016، تقدمت الطاعنة اعزوها الشكاف، بمقال افتتاحي لدى المحكمة الإدارية بأكادير مفاده أن الخطاط ينج، لايتوفر على أهلية الترشيح والفوز بمنصب رئاسة الجهة، لكونه يقيم خارج تراب المملكة المغربية بشكل شبه دائم وبالضبط بدولة موريتانيا، حسب ما يؤكده مستخرج من السجل الوطني للسكان مؤرخ في 10 نونبر 2015 (أي بعد توليه رئاسة الجهة)، صادر عن الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق بجمهورية موريتانيا والذي يفيد إحصاء الخطاط ينج في عملية إحصاء ساكنة موريتانيا ضمن مواطنيها المقيمين على أرضها فعلا، وبالتالي فهو حتى بعد انتخابه رئيسا لمجلس جهة الداخلة، لازال يعتبر قانونا مقيما بجمهورية موريتانيا، كما يؤكد ارتباط الخطاط القانوني بموريتانيا من خلال صحيفة السوابق العدلية الحاملة لرقمه الوطني والمسلمة له من وزارة العدل الموريتانية والمؤشر عليها من طرف وزارة خارجية نفس البلد، وهي وثيقة لاتسلم إلا للشخص المقيم إقامة فعلية بالبلد المذكور.. مما يثبت عدم إقامة الخطاط بالمغرب بشكل دائم.
هذا الدفع اعتمد فيه دفاع الشكاف، على المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، فهو صريح في ضرورة الاعلان الفوري من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بإقالة رئيس مجلس الجهة أو نائبه الذي ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج، مثيرا مسألة تعارض ازدواجية الولاء والانتماء مع ارتباط المواطن بأرضه وبلده ووطنه وترسيخ قيم المواطنة بالانتماء الكامل للبلد والولاء له. وقد وجهت المستشارة الجهوية الشكاف كتابا لوزير الداخلية بتاريخ 15 أكتوبر 2015، مبينة لأساس طلبها الرامي إلى تطبيق القانون بعد تحقق عدم إقامة الخطاط بالمملكة المغربية وتوفره على جنسية أجنبية، موريتانية وإسبانية، بالإعلان الفوري من قبل مصالح وزارة الداخلية عن إقالة الخطاط من رئاسة الجهة، استنادا على منطوق المادة 72، وكذا استحضارا لمعايير الشفافية والمحاسبة والمسؤولية في تسيير المرفق العمومي.

دفاع الخطاط: الرئيس مواطن مغربي كامل المواطنة
في مذكرته الجوابية، بتاريخ 22 مارس 2016، شدد دفاع الخطاط ينج على عدم توفر عزوها الشكاف على الصفة لتقديم الطعن المذكور، وانقضاء أجله، وأن المعني بالمادة 72 هو والي الجهة على سبيل الحصر، كما أنها، الشكاف، لم تدل ما يفيد ترشيحها لمنصب رئاسة الجهة في مواجهة الخطاط الذي فاز بها عن جدارة واستحقاق، إلى جانب خروقات شكلية، حسب مذكرة الدفاع، مضيفا أنه ردا على الموضوع، فإن الخطاط مقيم داخل الوطن بعد انتخابه رئيسا للجهة، ويتوفر على جميع الوثائق الثبوتية لذلك، وعلى الرغم من كونه يتوفر على جنسية أخرى غير الجنسية المغربية وفق ما تكفله له القوانين المغربية فإنه لايمكن بأي حال من الأحوال تجريده من الحقوق المخولة له سياسيا ومدنيا كمغربي متوفر على الجنسية المغربية حسب ما هو ثابت من الشهادة الأصلية للجنسية المغربية المسلمة تحت رقم 04/2016، من طرف وكيل الملك بابتدائية الداخلة، إلى جانب توفره على عدد من الوثائق من ضمنها: شهادة السكنى، عقد الازدياد، النسخة الكاملة لرسم الولادة، وأن واقعة الإقامة خارج الوطن، واقعة مادية لايمكن إثباتها إلا بحجج دامغة من طرف السلطات الحكومية وعلى رأسها والي الجهة، فالخطاط يقيم بالمغرب منذ سنة 1992، بصفة اعتيادية، رغم توفره على جنسية أخرى، باعتبار كونه كان موظفا بإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، إلى غاية نونبر 2013 بعد حصوله على التقاعد المبكر، حسب شهادة إدارية موقعة من طرف وزير الاقتصاد والمالية، وانه يتوفر على دفتر الحالة المدنية، سجل فيها أبناؤه، آخرهم المزداد في نونبر 2008 بالداخلة، وأنه يتوفر فقط على جواز السفر مغربي، ودخوله لموريتانيا مشروط بطلبه للتأشيرة رغم أنه يحمل جنسيتها، مؤكدا أنه لم يسبق له التوجه لموريتانيا منذ انتخابه رئيسا للجهة، وأن بقاء اسمه في لائحة إحصاء السكان بهذا البلد ليس من شأنه أن يؤثر على وضعيته وعلى إقامته ومباشرة نشاطه السياسي بصفة اعتيادية بالمغرب، وأن ماجاء في الوثائق الصادرة عن دولة أجنبية بخصوصه لايغير شيء في وضعيته القانونية سواء على مستوى القيد في اللوائح الانتخابية أو على مستوى الترشح للمناصب الانتخابية، ملتمسا الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا..

دفاع الوالي: لاصفة للشكاف في رفع الدعوى
بدوره قدم دفاع والي جهة الداخلة مذكرته الجوابية بتاريخ 10 ماي 2016، معتبرا أن الطعون المتفرعة عن العمليات الانتخابية ونتائجها حدد لها المشرع إطارا قضائيا واضحا للمنازعة فيه، قيدها في أجل 8 أيام طبقا للقانون المنظم، وهو ما خالفته الشكاف، كما أنها تقدمت بطلبها بصفتها الشخصية، وفي ذلك مخالفة لقانون النسطرة المدنية التي لاتجيز التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة، وهو ما لايتوفر في الطاعنة الشكاف، وأن صاحب الصفة في معاينة شرط الإقالة هو اختصاص أصيل وحصري ولايخول حتى للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية اتخاذ قرار الإقالة مالم يرفع الأمر لها من قبل والي الجهة، ملتمسا بدوره الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا..

حيثيات الحكم
خلال جلسة 31 ماي 2016، وبعد المداولة، بنت المحكمة الإدارية بأكادير قناعاتها على الحيثيات التالية:
قبول الدعوى من حيث الشكل:
- عضوية الطاعنة عزوها الشكاف في مجلس جهة الداخلة، يعطيها المصلحة المباشرة بصفتها تلك، والمصلحة العامة باعتبارها مواطنة مغربية للطعن في القرار موضوع الدعوى.
- تعارض الدفع المقدم من قبل دفاع الوالي ورئيس الجهة، بعدم وجود قرار إداري قابل للطعن بالإلغاء مع إحدى أهم مقومات سلطات المحكمة التي تمتد رقابتها إلى التكييف أو الوصف القانوني لكل مقومات هذه القضية.
- سكوت الإدارة عن الإفصاح عن إرادتها بشكل صريح يعد بمثابة قرار سلبي بالامتناع، ويجعله غير مؤسس على سند صحيح من القانون ويتعين رده.
- فيما يخص أجل الطعن، فإن المقصود به، هو القرار الإيجابي التنفيذي، وليس القرار السلبي الذي لايتضمن القيام بأي إجراء تنفيذي،  وهو بذلك لايتقيد بأجل 60 يوما المنصوص عليها قانونا.
- عدم تأسيس الطعن المتعلق بكون النازلة تتعلق بطعن انتخابي خاضع لشروط معينة، وإنما بطعن الإلغاء في إطار المادتين 8 و21 من القانون رقم 41-90.
- عدم تأثير انعدام تضمين عنوان الخطاط ينج، على الضمانات المسطرية الممنوحة له قانونا، وأن مصالحه لم تتضرر، بدليل أنه قد استدعي وتقدم دفاعه بمذكرات كتابية ومرافعات شفوية..
من حيث الموضوع: 
- هناك مخالفة صريحة للمادة 72 من القانون التنظيمي للجهات، التي تقول: "لايجوز أن ينتخب رئيسا أو نائبا للرئيس، أعضاء مجلس الجهة الذين هم مقيمون خارج الوطن لأي سبب من الأسباب، يعلن فورا، بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد رفع الأمر إليها من قبل والي الجهة، عن إقالة رئيس المجلس أو نائبه الذي ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج".
- إلزامية السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية باتخاذ موقف إيجابي، مادامت واقعة الإحالة ثابتة، وفي حالة امتناعها عن إصدار قرارها، تكون قد أخلت بالتزامها القانوني المنوط لها بحكم المادة 72.
- ضرورة إجراء البحث والتقصي والتحري والتحقيق، في تنفيذ المادة 72، وبناء على ذلك اتخاذ قرار الإقالة الفوري في حال ثبوت أن الرئيس أو نائبه يقيمان بشكل اعتيادي خارج المغرب، وذلك بالنظر لما وضع من إمكانيات مالية بين يدي الجهة، عين لها الرئيس آمرا بالصرف.
-القرار السلبي من الإدارة اتجاه ما أثارته الشكاف، وعدم التفاعل الإيجابي مع كتابها الموجه لوزارة الداخلية، يعد قرارا مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة لعيب مخالفة القانون، رغم توفرها على معطيات كان عليها التحري بشأنها واتخاذ اللازم، سواء في اتجاه الإقالة أو عدمها.
- كان على الإدارة تحقيقا للأثر القانوني الذي امتنعت عن اتخاذه، خلاف القواعد القانونية المقررة، إصدار قرار بذلك.
من كل هذه الحيثيات، موضوعا وشكلا، حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا غيابيا في حق وزارة الداخلية، وحضوريا في حق باقي المطلوبين في الطعن، بإلغاء القرار الإداري السلبي الصادر عن وزير الداخلية مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
.........................
هيئة الحكم بالمحكمة الإدارية لأكادير، الأساتذة:
- محمد لبردي (رئيسا ومقررا)، الحسين يحياوي (عضوا)، رشيد الناصري (عضوا)
- بحضور المستشارة عالية شباطي: مفوضا ملكيا
- وبمساعدة عبد العالي نشيط: كاتبا للضبط
هيئة الدفاع، الأساتذة: 
- مصطفى يخلف، محامي بهيئة أكادير، ينوب عن الطاعنة عزوها الشكاف، عضو مجلس جهة الداخلة وادي الذهب.
- البشير نيروز، محامي بهيئة أكادير، ينوب عن المطلوب في الطعن والي جهة الداخلة وادي الذهب.
- عبد الحميد بن بوعيدا، محامي بهيئة أكادير، والنقيب عبد الواحد الأنصاري، ومحمد الأنصاري عن هيئة مكناس ينوبان عن المطلوب في الطعن الخطاط ينج، رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب.

هل تقاعس فعلا والي جهة الداخلة عن تنفيذ قرار إقالة رئيس الجهة؟