الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

الثلاثاء 24 يناير 1984 .. يوم لا ينسى من ذاكرة "أ و ط م"

الثلاثاء 24 يناير 1984 .. يوم لا ينسى من ذاكرة "أ و ط م" صورة أرشيفية

ليلة الرابع والعشرين من يناير/ كانون الأول سنة 1984، استيقظنا من نومنا على مكبر الصوت يأمرنا بالالتحاق بساحة الحي الجامعي الجديد بظهر المهراز وفي أيدينا البطاقة الوطنية.

أُمِرنا بالجلوس مفترشين الإسمنت البارد وقد غادرنا للتو  دفء السرير. أُعِدًت طاولة  و كرسي يجلس عليه  ضابط، تمرالطالبات أمامه صحبة مساعده واحدة واحدة، يطلع على البطاقة الوطنية، يبحث عن الاسم في لائحة، لايجده فيعيد البطاقة لصاحبتها، نفس العملية خضع لها الطلبة في جهة أخرى من الساحة، علمنا أن الجامعة كانت محاصرة بثلاث أحزمة من الأجهزة القمعية، تم فرز دقيق للطلبة و الطالبات ليتم بعد ذلك تجميع كل أعضاء الأجهزة التحتية في ركن من ساحة الحي لاقتيادهم بعد ذلك إلى حيث لا نعلم.

تلت الاعتقالات التعسفية  محاكمات صورية  لتصدر أحكاما قاسية جاهزة في حق أعضاء الأجهزة التحتية  لـ"أوطم". كان ضمن من اعتقل تلك الليلة الرفيقتان خديجة المرابط و عائشة المسايدي و الفقيد أيمن المرزوقي.   

خلال الساعات الأولى من أمسية ذلك اليوم، لوحظت حركة غيرعادية تشبه الغليان، انتشر مغزى خطاب الحسن الثاني الذي كان شديد اللهجة.                                                         

توقع المناضلون و المناضلات حملة اعتقالات عشوائية في صفوف الحركة الطلابية، احترازا، تلك الليلة، التحق الجميع بالأحياء الجامعية.

بدأت عملية الفرز في الثانية  ليلا و استمرت إلى حدود  السابعة صباحا.

عدم العثور على الرفيق محمد الحجام، جعل الجهاز القمعي يحجم عن مغادرة الساحة الجامعية  إلى أن قرر أن يخرج من مخبإءه طوعا لتفادي حكم أقسى قد يصل ثلاثين سنة غيابيا و آثر أن يحاكم بمعية رفاقه محاكمة صورية.      

اقتيدت المجموعة الكبيرة إلى حيث لا نعلم.                            

لم نفكر في العودة إلى النوم من هول الحدث و جراء الذهول الذي أصابنا..                     

لم نصدق أننا تعرضنا لهجوم مدروس ومنظم على يد أجهزة القمع لنصير بين عشية و ضحاها بلا إطار و بلا ممثلين بعد اعتقال قادة الحركة الطلابية بشكل جماعي وبتلك الصورة الهمجية. عم الرعب بيننا نحن الذين و اللواتي بقينا نملأ الساحة، نتوق كل لحظة لمعرفة مصير رفاقنا الذين اختطفوا تحت جنح الظلام واعتقلوا. علم أهاليهم بمصيرهم بعد الهجمة المسعورة.

 بعد دفاع الطلبة باستماتة لرفع الحضر القانوني على "أ و ط م" في مرحلة السبعينيات، استطاعت الأجيال إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من جديد. 

أجريت انتخابات نزيهة بداية الثمانينيات بعد تجازوالعقبات، أفرزت نجاحا كاسحا للطلبة القاعديين ولرفاق الشهداء.                                                                                       

تم الحسم كذلك مع القوى الإصلاحية حينئذ، و التي تراجعت شعبيتها أكثر من أي وقت مضى بعدما أثبتت التصاقها بالنظام من خلال تبنيها لما سمي بالمسلسل الديموقراطي  و السلم الاجتماعي.

الأحزاب التي صنفها التاريخ حينئذ بالإصلاحية هي التقدم و الاشتراكية، منظمة العمل الديموقراطي و الاتحاد الاشتراكي  و التي كانت من الفصائل المكونة لـ"أوطم".             

كان النظام ولا يزال يخيفه الإشعاع الفكري الذي تبثه الجامعات المغربية العريقة نضاليا، فقرر العمل على اجتثاث الحركة الطلابية باعتقال ممثليها وإفراغ  الساحة من قادة المرحلة بهدف فرض تطبيق ما سمي عبثا بالإصلاح الجامعي الذي نعتته الحركة الطلابية بالتخريب، من بين أخطر بنوده إقحام  جهاز "الأواكس" في الحرم الجامعي  و البند 13 الذي كان ينص على الطرد في حالة الرسوب مرتين.

ولازالت قلعة ظهر المهراز تنزف لكنها صامدة بفضل المناضلين و المناضلات من أبناء و بنات الشعب.

الحرية لكافة المعتقلين السياسيين.

الحرية لمعتقلي الحركة الطلابية القابعين خلف الأسوار و المحكومين بـ 15 و 10 سنوات نافذة.

الخلود للشهداء.