Saturday 10 May 2025
مجتمع

جامعة التبوريدة: صرخة فارس يستغيث بين الموت والحياة

جامعة التبوريدة: صرخة فارس يستغيث بين الموت والحياة

إذا كانت المهرجانات والمواسم، ومنافسات إقصائيات دار السلام لفن التبوريدة تحمل كل معاني الفرح والجمال وترسم صورا لبطولات الفرسان والفارسات على اعتبار أن الفروسية التقليدية مرجعا أساسيا لكل معاني النبل والشهامة ومرآة تعكس حقيقة تاريخ موروثنا الثقافي الشعبي المغربي، فإنها كذلك تختزل صورا مأساوية وتسجل أحداثا مؤلمة يتعرض لها الفرسان والفارسات خلال عروضهم التراثية جراء انفجار بارود بنادقهم على أجسادهم أو سقوطهم من فوق صهوات جيادهم مما يعرضهم(ن) للأذى ومشاكل صحية مختلفة بما فيها الإصابات الخطيرة أو الموت والعاهات المستديمة  .

أكدت عاشقة سنابك الخيل ورائحة البارود الفارسة عزيزة البوعبيدي لـ "أنفاس بريس" بخصوص المراحل التي قطعتها التنسيقية الوطنية لفرسان وفارسات المغرب للترافع عن ملف تأمين الفرسان من حوادث البارود داخل محرك الخيل قائلة: "نحاول الآن صياغة الملف الذي سيرفق بالتوقيعات، والموجه لجميع القطاعات التي تساهم التبوريدة في تدوير عجلتها الاقتصادية والتراثية، كالصناعة التقليدية والسياحة والفلاحة بالإضافة إلى الشريك الأساسي الجامعة الملكية المغربية للفروسية التقليدية، والشركة الملكية لتشجيع الفرس". وأضافت "للإشارة فإن حملة التوقيعات للمطالبة بإحداث صندوق وطني لتأمين الفرسان وصلت إلى أزيد من 2500 توقيع، رغم أننا لم نقم سوى بتغطية 70% من الإقصائيات و35% من المواسم التي أقيمت منذ انطلاق حملتنا في مارس 2016".

واستطردت محاورتنا وهي تشدد على "أن فن التبوريدة كموروث ثقافي فني تجسيدي يحاكي في لوحاته أمجاد الأجداد وينقلنا بالصوت والصورة الحية لكل الطقوس والحركات الجهادية، إلى أجواء الحروب التي كان يخوضها أجدادنا حفاظا ودفاعا عن حوزة الوطن والدين، ليبقى الاختلاف بين الحاضر والماضي هو غياب "العدو" مع استمرار التهديد وخطر الإصابة والحوادث، وهو الأمر الذي يقع فيه العديد من الفرسان سواء في المواسم والمهرجانات أو حتى في الإقصائيات الخاصة بكأس الحسن الثاني بدار السلام مدة 17 سنة".

أسباب نزول هذا الحوار مع عزيزة البوعبادي، هي حالة الشاب الفارس الفضالي المنحدر من مدينة المحمدية، والذي سعى جاهدا لتحقيق حلم المشاركة مع أعضاء سربته في الأطوار الأولى لإقصائيات جائزة الحسن الثاني للتبوريدة التي جرت في 3 من مارس 2016 بمدينة بوزنيقة، لكن حلمه تحول إلى كابوس مرعب بعد إصابته ببارود المكحلة (بندقية التبوريدة) استلزم نقله على وجه السرعة من أجل الإسعاف والتطبيب والعلاجات الضرورية.. لكن تجري رياح التبوريدة بما لا تشتهي الخيول والفرسان، لأن معاناة الفارس المصاب ستستفحل مع مرور الوقت نظرا للتهميش واللامبالاة التي تعرض لها من طرف الجهات الوصية على إقصائيات دار السلام، ليبقى التساؤل مطروحا حول جدوى التأمين الاجباري الذي يتم استخلاصه من الفرق في بداية التسجيل للمشاركة في الإقصائيات مع تسجيل عدة حالات لم تحظى لا بالرعاية ولا بالمتابعة ولا حتى بالمواساة.

الفارس الفضالي تعرض لإصابة بليغة على مستوى يده اليمنى وببطنه، وتم نقله على متن سيارة الإسعاف التابعة للشركة المغربية لتشجيع الفرس، ومن الأعراض الخطيرة التي عاشها بالمركز الصحي ببوزنيقة أنه تبول الدم، فتم نقله إلى مستشفى مولاي عبد الله بالمحمدية الذي عاش فيه ساعات من الجحيم والإهمال، حيث ستنقله عائلته إلى مصحة خاصة بالدار البيضاء، وبعد تشخيص حالته الصحية تم نقله مجددا لمستشفى ابن رشد.. الطبيب الذي أشرف على معالجة الفارس اضطر إلى إخراج المعي من الجانب الأيمن ورتق ذلك الثقب بأمعائه، ووضع له كيسا خارجيا من أجل التغوط داخله لمدة 6 أشهر، إلى أن يشفى المعي، ليعيده لمكانه بإجراء عملية جراحية ثانية.

هذا الحادث المؤلم الذي تعرض له الفارس الفضالي وهو يمارس مهمة التبوريدة رفقة سربة المقدم عابد محمد التابع لجمعية نجوم فضالات للفروسية التقليدية، فضح سلوكات التهميش والإقصاء والتنكر، والأخطار المحدقة بفرسان وفارسات المغرب، مما يضع كل المسئولين بمختلف اهتماماتهم في قفص الاتهام والمسائلة، بخصوص من يحمي فرسان وفارسات المغرب من مثل هذه الأحداث المؤلمة.